ترشح مستقلين ليبراليين لن يغير المعادلة كثيرا bull; صورة يعود تاريخها الى العام 2006 تظهر جانبا من الحملة الانتخابية التي سبقت انتخابات ذلك العام (أ.ف.ب)

عبد الله الدرازي


بينما تشارف ولاية مجلس النواب البحريني، الذي انتخب في عام 2006 على النهاية، تستعد البلاد لانتخابات جديدة مقررة في سبتمبر أو أكتوبر المقبلين، وذلك في خضم مناخ من الاستياء العام تجاه المسؤولين الحاليين.

كان البرلمان البحريني، الذي انتخب قبل أربع سنوات، يخضع لسيطرة الإسلاميين، وهم جمعية الوفاق الإسلامية الشيعية المعارضة من جهة، والمجموعتان السنيتان وجمعية المنبر الإسلامي (فرع من الإخوان المسلمين) وجمعية الأصالة السياسية (سلفية، تحالفت مع الحكومة) من جهة أخرى. هذا في حين لم يفز المرشحون العلمانيون واليساريون، الذين تحالفوا مع جمعية الوفاق لتشكيل كتلة أكثرية، بأي مقاعد بسبب التدخل الحكومي.

المتنافسون لم يتغيروا
ستشهد الانتخابات البرلمانية هذا العام تنافسا بين المجموعات نفسها، إذ إن كل هذه الكتل ستترشح من جديد، وستغيب كتل أخرى، مثل حركة حق المعارضة. لكن من المتوقع أن يترشح عدد كبير من المستقلين، بينهم نساء ورجال أعمال. وكانت الحكومة قد أثنت رجال الأعمال عن الترشح في عام 2006، لكنهم هذه المرة يبدون مصممين على دخول اللعبة وعلى أن يكون لهم مرشحوهم بدلا من شن حملات لدعم مرشحين آخرين. فمؤخرا أعلن كاظم السعيد، عضو مجلس غرفة التجارة والصناعة البحرينية، أنه سيترشح للانتخابات. ونظرا إلى الشعور السائد بأن الأشخاص الذين فازوا في الانتخابات الأخيرة لم يحققوا الكثير، يملك المرشحون الجدد، الذين يترشحون على اللوائح نفسها أو كمستقلين، فرصة جيدة، مما يجعل من الصعب توقع نتيجة الانتخابات.

الحكومة بالمرصاد
سوف تستخدم الحكومة الأدوات المتوافرة لها للحفاظ على سيطرتها على الانتخابات والبرلمان المقبل. وأبرز هذه الأدوات مجلس الشورى المعين النافذ نسبيا. وكان السياسي المعارض إبراهيم شريف، أمين عام جمعية العمل الوطني الديموقراطي (وعد)، قد لفت مؤخرا إلى أنه سيكون من المستحيل تسجيل هدف ضد 40 حارس مرمى، قاصدا بذلك الأعضاء الأربعين في مجلس الشورى الذين يتمتعون بسلطة تشريعية مماثلة. قد تعمل الحكومة أيضا على تأجيج الصراع المذهبي بين السنة والشيعة الذي طبع الجزء الأكبر من الحياة البرلمانية بعد انتخابات 2006، لكن يمكن أن ترتد هذه التكتيكات سلبا عليها. فمعظم المحللين السياسيين في مختلف أنحاء البلاد يتفقون على أن الهجمات التي قادتها الحكومة ضد جمعية الوفاق، متهمة إياها بإقامة روابط وثيقة مع إيران، ساهمت في نهاية المطاف في مساعدة الوفاق على استعادة دعم القواعد الشعبية التي خسرتها لصالح حركة حق.
كما أن جمعية الوفاق حصلت في الماضي على دعم الكيانات الشيعية بسبب تدخلها في قضايا التجاوزات على الممتلكات العامة. ووجدت لجنة التحقيق برئاسة جمعية الوفاق أن 65 كيلومترا مربعا من الأراضي التي تبلغ قيمتها نحو 14 مليار دينار بحريني تم تحويلها إلى ملكية خاصة منذ عام 2002. وأضافت اللجنة أن هذا المال يمكن أن يكون حل أزمة السكن لأكثر 50 ألف بحريني، معظمهم من الشيعة، في انتظار سكن لائق.

مساعي المعارضة
تطالب المعارضة بتعديل قانون الانتخابات، لكن مساعيها تبوء حتى الآن بالفشل.
وفي الواقع، تتركز مشاغل المعارضة على ثلاث مسائل: تقسيم الدوائر الانتخابية، ووجود مراكز عامة للتصويت، وقوائم الناخبين. في ما يتعلق بتقسيم الدوائر، تتسم المحافظة الشمالية ذات الغالبية الشيعية بكثافة سكانية عالية، بيد أن تمثيلها ضئيل. فعلى سبيل المثال، تضم الدائرة الانتخابية التي فاز فيها أمين عام جمعية الوفاق، الشيخ علي سلمان، أكثر من 14 ألف ناخب يمثلهم نائب واحد، في حين تضم دائرة في المحافظة الجنوبية 400 ناخب يمثلهم نائب واحد. وقد طرحت المعارضة تساؤلات عن جدوى وجود مراكز عامة حيث يستطيع أي ناخب التصويت بغض النظر عن الدائرة التي ينتمي إليها (ويبدو ذلك ابتكارا بحرينيا فريدا). وقد اتهمت المعارضة الحكومة في عام 2006 باستعمال المراكز العامة لإحضار حافلات مليئة بالجنود والناخبين الآخرين الموالين لها بهدف إلحاق الهزيمة بمرشحي جمعية وعد اللذين يتمتعان بشعبية واسعة، منيرة فخرو وعبد الرحمن النعيمي.
أما في ما يتعلق بقوائم الناخبين، فهي تتضمن فقط اسم الناخب ورقم بطاقة هويته، من دون ذكر عنوان إقامته، مما يجعل من الصعب على المرشحين شن حملاتهم الانتخابية وجها لوجه في منازلهم.

المشاكل نفسها
من المستبعد أن تحقق الحكومة أيا من مطالب المعارضة قبل الانتخابات، على الرغم من أن الملك الشيخ حمد بن عيسى قد يعدل بعض المواد الأخرى في القانون، مثل خفض سن الاقتراع من 20 إلى 18 عاما. ومن المرجح أيضا أن تواصل الحكومة سياسة توزيع الجنسية البحرينية على آلاف من السنة غير البحرينيين بهدف تغيير نتائج الانتخابات.
لا يزال من المبكر توقع نتائج الانتخابات، لكن يمكن القول إن السيطرة ستبقى في يد عدد كبير من القوى الحالية، ربما مع بروز النساء ورجال الأعمال للعب دور سياسي أكبر، علما بأن العديد منهم ليبراليون. وسوف يواجه البرلمان الجديد العديد من المشاكل نفسها، مثل السكن والبطالة والأمن والأملاك العامة والصحة والأمن الاجتماعي.
قد ترخي الحكومة قبضتها بعض الشيء وتقدم حفنة تنازلاتndash; مثل السماح بإعادة تقسيم الدوائر الانتخابية بطريقة أكثر عدلا، أو منح مزيد من الصلاحيات لمجلس النواب المنتخبndash; في محاولة لإظهار أن التجربة الديموقراطية التي انطلقت عام 2000 تتكلل بالنجاح. فضلا عن ذلك، تبرز مسائل جديدة، مثل فكرة إنشاء لجنة تحقيق ومصالحة للتعويض على أولئك الذين انتهكت حقوقهم قبل عام 2000، وقد يتبين أنها مهمة في البرلمان المقبل.

(ينشر بترتيب مع نشرة الإصلاح العربي الصادرة عن مؤسسة كارنيغي للسلام الدولي)