صالح القلاب

لو أن قلب إيران، والمقصود محمود أحمدي نجاد وحكومته لا هذا الشعب الشقيق الطيب، فعلاً على فلسطين والقضية الفلسطينية لما دخلت على خط إرسال سفن كسر الحصار المفروض على قطاع غزة، ولما ذهبت بعيداً في إفشال الضغط الدولي المتعاظم على إسرائيل، ولوحت باستعدادها لإرسال قوات من حراس ثورتها لحماية أسطول حرية جديد، وضمان وصوله إلى القطاع المحاصر.

فهذا هو ما ينتظره بنيامين نتنياهو على أحر من الجمر، فإسرائيل دأبت في السنوات الأخيرة على تصوير هذا الصراع المحتدم في الشرق الأوسط على أنه بينها وبين إيران، وعلى أنها تمثل السلام والأمن والاستقرار والضحية، وأن جمهورية الولي الفقيه تمثل الحرب والعنف والتطلعات النووية غير المشروعة، وتمثل القاتل المتوحش الذي يسعى إلى أن يفعل باليهود ما فعله أدولف هيتلر إبان المرحلة النازية.

وحقيقة إن 'حماس' فعلت خيراً عندما أعلنت، على لسان رئيس وزراء حكومتها الغزيِّة إسماعيل هنية، أنها في غنى عن هذه الهدية الإيرانية المسمومة، وأنها ضد 'عسْكرة' هذه المعركة السياسية المحتدمة بين العالم كله وإسرائيل، والمأمول أن تحافظ على هذا الموقف وألا تضطر في اللحظة الحاسمة إلى الخضوع والانصياع لإملاءات قيادة الخارج التي لا تستطيع إنكار التزامها بكل توجهات فيلق القدس والجنرال قاسم سليماني.

إذا دخلت إيران، محمود أحمدي نجاد، بسفنها وحراس ثورتها على خط هذه المعركة السياسية المحتدمة، التي باتت ساحتها العالم كله، فإن الانطباع الذي سيستجد هو أن المسألة ليست مسألة شعبٍ محاصر وأطفالٍ يفْتِكُ بهم الجوع وتفْتِك بهم الأمراض، وإنما مسألة أن دولة 'نازية' صاعدة على رأسها هذه القيادة المغامرة تريد فرض إرادتها على المنطقة، وتسعى إلى إلقاء اليهود في البحر، ومصممة على تدمير الدولة الإسرائيلية وإزالتها من الوجود.

ثم إذا دخلت إيران على هذا الخط وبالطريقة المعلنة وبالاستعانة بحراس ثورتها، فإنها بالتأكيد ستحبط هذه الاندفاعة التركية، وستكون النتيجة، سواء على المدى القريب أو البعيد، استبدال الصراع في الشرق الأوسط من صراع مع دولة محتلة ومعتدية هي إسرائيل، إلى صراع بين سنة وشيعة، وهذا أيضاً هو ما ينتظره بنيامين نتنياهو واليمين الإسرائيلي المتطرف، وما ينتظره أحفاد أولئك الذين أسسوا الدولة الإسرائيلية والذين وضعوا نظرية ضرورة تمزيق هذه المنطقة وتحويلها إلى مجموعات مذهبية وطائفية متناحرة، تكون للدولة العبرية فيها مكانة بريطانيا العظمى في 'الكومنولث' البريطاني في القرن الماضي... فهل ترْعوي طهران؟!