أيمن علي
تتزايد في السنوات الأخيرة أهمية منطقة الخليج بين ما تسمى الاقتصادات الصاعدة في العالم، ليس فقط كمصدر للمواد الخام وإنما كمحرك اقتصادي للنمو العالمي . وتعززت تلك الأهمية أكثر مع الأزمة العالمية الأخيرة التي ضربت الاقتصادات المتقدمة تقليدياً وكان تأثيرها أقل ضرراً في الاقتصادات الصاعدة . من هنا تكثر الدراسات والتحليلات التي تتناول المنطقة وجوانب اقتصادها المختلفة . واطلعت حديثا على دراسة صدرت عن وحدة تحليل معلومات الايكونوميست بعنوان: ldquo;مجلس التعاون الخليجي 2020: موارد للمستقبلrdquo;، تبحث في توفر موارد الكهرباء والمياه والغذاء لسكان دول المجلس بعد عقد من الزمان مع توقع زيادة عددهم بنسبة 30 في المائة إلى أكثر من خمسين مليون نسمة . ولأهمية الدراسة رأيت أن أعرضها للقراء في هذا المقال .
تعتمد الدراسة على البيانات والمعلومات المتوفرة من مصادر رسمية وشبه رسمية يتم تحليلها والاستناد إلى مقابلات أجراها فريق البحث مع مجموعة من الاقتصاديين والأكاديميين والخبراء المعنيين بمجال الموارد في المنطقة . ومع أن دول مجلس التعاون الخليجي تدرك تلك التحديات بالفعل، وتتبنى حكوماتها سياسات لمواجهتها، إلا أن هناك حاجة لزيادة الوعي بها
عبر نقاش موسع تسهم الورقة البحثية تلك في جعله نقاشا مستنداً إلى معلومات وتحليلات معمقة . إذ من شأن النقاش ان يسهل تنفيذ تلك السياسات والاستراتيجيات كما يسهم أيضاً في طرح حلول لأي عقبات تعترضها .
تقدر الدراسة أن دول الخليج الست ستشهد في السنوات العشر المقبلة زيادة واضحة في الناتج المحلي الإجمالي (نمو الاقتصاد) وكذلك في عدد السكان . وبحلول عام 2020 سيصل تعداد سكان المنطقة إلى 5 .53 مليون نسمة، اي بزيادة بنسبة 30 في المائة عن عدد السكان عام ،2000 كما يتوقع أن ينمو الناتج المحلي الإجمالي لدول المجلس بنسبة 56 في المائة في المتوسط في تلك الفترة .
وسيرتفع الناتج المحلي الإجمالي لدول مجلس التعاون الخليجي من 6 .341 مليار دولار عام 2000 إلى نحو تريليون دولار العام الجاري (2010) على أن يصل إلى نحو تريليوني دولار عام 2020 .
لكن تلك التوقعات الإيجابية تحمل في داخلها مخاطرها أيضاً، من آثار جانبية سلبية مثل نقص امدادات الكهرباء وارتفاع الأسعار .
وتتمتع دول الخليج بنعم حباها بها الله في أصول طبيعية مميزة، ورغم تنويع النشاط في الاقتصادات الخليجية، إلا أنه لا تزال هناك مساحة لتعظيم الاستفادة من تلك الاصول المميزة . ومع ان دول المنطقة لديها فائض تجاري كبير حالياً، إلا أن ذلك الفائض يمكن ان يضمحل مع زيادة استيراد الأجيال المقبلة، نتيجة زيادة السكان، لمتطلباتها واستهلاكها أقدر أكبر من الموارد المتوفرة في المنطقة بدلاً من تصديرها .
وتستعرض الدراسة التحديات التي تواجه دول الخليج بالنسبة للموارد الرئيسية الثلاثة، ثم تقترح بعض الإضافات للسياسات الحالية . فبالنسبة للطاقة، تقدر أن دول المنطقة ستواجه تحدياً في إدارة الاستهلاك المحلي لموارد الطاقة والزيادة الكبيرة فيه مع زيادة عدد السكان وتوفير قدر كاف للتصدير للحفاظ على الدخل مع الأخذ في الاعتبار عوامل التغير المناخي والتزاماتها بالحد من التلوث البيئي . لذا يجب ألا يقتصر التركيز على التوسع في النفط والغاز، بل على زيادة حجم قطاع المشتقات، إذ إن التوسع في التكرير سيزيد من عائدات التصدير إلى جانب تلبية احتياجات الطلب المحلي المتزايد .
وترى الدراسة أن فرص تحقيق ذلك جيدة جداً، فرغم أن اقتصادات المنطقة ستظل معتمدة على الطاقة إلا أن هناك آفاقاً لجعل استخدامات الطاقة أكثر كفاءة وترشيد الاستهلاك عبر تغيير نمط حياة السكان واصلاح نظام الدعم الحكومي وابتكار أنظمة جديدة للبناء والمواصلات موفرة للطاقة وترشد الاستهلاك .
التعليقات