إسحاق الشيخ يعقوب

لا يختلف في ذلك اثنان.. ان الدولة الاسرائيلية اتّسمت برهاب الدولة في الاعتداء على قافلة الحّرية واختطافها وتحديد اطلاق الرصاص الى صدور من عليها من الاتراك دون غيرهم.. واذا كنا لا نختلف - ايضاً - ان الدولة الاسرائيلية في ممارساتها بشكل عام يمكن تحديدها بدولة ارهابية، الا ان بعض دول المنطقة يمكن ادراجها في دوائر ارهاب الدولة.. فقضّية ارهاب الدولة تأخذ نسبية درجات مقاييسها بين دولة واخرى في المنطقة، وبالرغم من ذلك فإن الحرية اصبحت المشجب الذي يمكن ان تعلق عليه دول الارهاب هذه شيئا من قاذوراتها الارهابية في الداخل وفي الخارج.. لقد ملأ الغوغائيون السياسيون اجواءنا بصراخ الحرية.. دون ان يدركوا اللعبة السياسية التركية في المنطقة.
فالأتراك قادمون الى المنطقة.. ولا يهم حتى تحت عباءة الاسلام السياسي اكان عن طريق حماس ام حزب الله لا يهم ايضاً.. لكي يُثبِّتوا اقدامهم في المنطقة: ان المسلسلات التركية التي تشكل غزواً ثقافياً مبهراً لابد ان تعني شيئا.. وان افتتاح فضائية تركية تبث باللغة العربية تعني شيئا.. وان الخُطب الرنانة للزعيم التركي اردوغان وصراخه للقضية الفلسطينية تعني شيئا في المنطقة وان قافلة الحرية تعني ايضاً شيئا في المنطقة: اتركيا في ذاتها ولذاتها.. ام ان هناك من يختفي خلف ذاتها وفي ذاتها؟!
لقد اصبحت الحرية متسع الجميع وبلا استثناء لسائر القوى السياسية.. وبمختلف انتماءاتهم الفكرية ومشاربهم السياسية.. فالظلاميون والمتطرفون والانتهازيون والمتشددون القوميون يتشكلون قوى سياسية متطرفة تحت الوية الحرية.. ويُعززون انشطتهم السياسية المتطرفة ضد قوى الحرية الحقيقية: من التنويريين والديمقراطيين والتقدميين وذوي النظرة العقلانية والموضوعية تجاه القضايا العربية والاقليمية والعالمية.. وفي التاريخ قال احدهم كلمته ومضى: raquo;ايه ايتها الحرية كم من الجرائم تُرتكب باسمكlaquo;.
ولكن ما الحرية؟! وما هو واقع حقيقة الحرية المادية والفكرية في المجتمع.. فالانسان في البدء استوى حراً في عمق الحرية وفي تعدد وتنوع مادية الحياة.. الا ان حريته اخذت شيئا فشيئا تتلاشى فيه.. وانتفت منه اثر واقع نمو الحياة وتطورها... وان انتفاءها لا يعني انتفاء صدى روحها في روح الانسان.. وهو ما نرى ان اعداء الحرية في تيارات الاسلام السياسي يقومون باستغلال صدى الحرية الانساني في الانسان ويكرِّسونه في انشطتهم الظلامية المعادية للحرية.. الحرية ترتبط باقانيم تنوير وتحرر وانفتاح وديمقراطية وتقدم اجتماعي وقوانين دستورية عادلة مستنيرة لحقوق الانسان، تحمي المرأة وتصون حقوقها وتساويها بالرجل خلال raquo;الحريةlaquo; المرائية التي تنادي بها تيارات الاسلام السياسي الذين يُغرقون قافلة الحرية بصراخهم ويُجيرّون قافلتها انتصاراً لتشددهم.. وهو ما يتناقض قلباً وقالباً مع حقيقة مواقفهم المعادية لحقيقة الحرية.
فالحرية لا تتحدد حقيقة معانيها بقدر ما تتحدد من الجهة السياسية التي ترعاها وتنادي بها.. وليس من الجهة التي تركب موجتها وتتاجر بقيمها وتتذرى بها وترفع اعلامها من جماعات الاخوان المسلمين الذين تنادوا على ظهر قافلة الحرية من كل اطراف العالم.. ناهيك عن اخوان مسلمي حماس في غزة الذين تمردوا على الشرعية الفلسطينية وشقّوا حركتها واصبحوا ملاذ تطرف وارهاب وتأسلم وتكفير وتدخل فض في الشؤون الشخصية للغزاويين والغزاويات ومطاردة النساء اللواتي يرتدين ما لا يناسب مقاييسهم..! هذه هي الحرية التي ينادون بها من على ظهر قافلة الحرية؟!
ان المساعدات الانسانية لقطاع غزة والذي يعيش اهلها في ظروف لا انسانية صعبة جراء الحصار والاعتداءات الصهيونية الاجرامية بجانب النظام البوليسي الثيوغراطي لسلطة حماس في مطاردة المواطنين واحصاء انفاسهم فيما يجوز من حلال وما لا يجوز من حرام هي مساعدات تلاقي الترحيب من الجميع.. الا ان الجهة التي قدمت هذه المساعدات التموينية والطبية والتمويلية لحكومة حماس تتوارى وتختفي ولا احد يشير الى ذكر اسمها... وهناك معلومات تشير الى ان مكتب الاخوان المسلمين في المانيا وجنيف وراء هذه المساعدات التموينية وان ما يثير الانتباه هذا الدور التركي المفاجئ في اختطاف القضية الفلسطينية وتسليط الاضواء عليها تركياً وعثمانياً ان اردت.. الامر الذي يتقاطع مع الدور الايراني الفلسطيني في المنطقة مما دفع جهات ايرانية الى مزاحمة تركيا - اردوغان والعمل على تفعيل حملات قوافل لاحقة الى قطاع غزة وفق ما راح البعض يصرح به صحفياً.. وفي الواقع لا احد يستطيع ان يفهم سياسة الرئيس اردوغان وانسانية تجاه القضية الفلسطينية في قطاع غزّة في الوقت الذي تجلد فيه السياسة التركية مواطنيها الاكراد وتحصد منازلهم بصواريخ الطائرات وتشرِّد نساءهم واطفالهم بلا رحمة ولا شفقة.. فالذي لا يكون انسانياً لابناء وطنه وبني جلدته.. لا يمكن ان يكون انسانياً لغيرهم من الفلسطينيين.. فالمواقف الانسانية.. كالحرية لا يمكن تجزأتها!!
وهل لمن يدير ظهره لقضية الاكراد العادلة في تركيا.. يمكن ان ينتصر للقضيّة الفلسطينية raquo;المزنوطةlaquo; من الاسرائيليين والحماسيين على حدٍ سواء؟!