ظافر محمد العجمي
تأسست قوة الواجب البحرية المشتركة (Combined Task Force 152) كجزء من عملية الحرية الدائمة الأميركية عام 2004، وتتألف القوة من 28 دولة تابعة في معظمها لحلف شمال الأطلسي، بالإضافة إلى القوة البحرية من دول مجلس التعاون، وواجبها تنفيذ دوريات الأمن البحري والبحث والإنقاذ، والتصدي لتهريب المواد الممنوعة، ومكافحة القرصنة. وتُجري هذه الأرمادا تمارين مشتركة كثيرة. والقوة مستمرة في عملها منذ خمسة أعوام بقيادة الولايات المتحدة الأميركية، وتتخذ من الأسطول الخامس في مملكة البحرين الشقيقة مقراً لقيادتها. وتكون رئاستها بشكل دوري بين الدول المشاركة في هذا التحالف الدولي.
وفي 4 مارس 2008 تسلم سلاح البحرية الملكي البحريني مسؤولية قيادة القوة، وكان أول سلاح خليجي يتسلم هذه المهمة. وفي نوفمبر 2009 تسلمت القوات البحرية لدولة الإمارات العربية المتحدة قيادة القوة. وفي مطلع مايو 2010 استلمت القوة البحرية الكويتية قيادة هذه القوة، مما يجعلها بناء على طبيعة الالتزامات المكلفة بها quot;سيفquot; قرار مجلس الأمن رقم 1929 الصادر في 10 يونيو 2010، في جزئيته الخاصة بتنفيذ عمليات اعتراض وتفتيش كل سفينة متجهة إلى المواني الإيرانية (Stop and search).
لن تستطيع قوة الواجب البحرية المشتركة (CTF152) بقيادة القوة البحرية الكويتية غض الطرف عن عمليات التهريب المتوقعة بين ضفتي الخليج. ومن يعرف تاريخ الخليج العربي يدرك أن التهريب بين ضفتيه عمل لم ينقطع في أوقات السلم نظراً لارتفاع الجمارك على الجانب الإيراني، فما بالكم بعمليات التهريب في زمن المقاطعة والعقوبات والحصار؛ حيث سيكون التهريب البحري للمنوعات من قطع الغيار وبقية المواد المشمولة بالمنع نافذة للكسب السريع للمغامرين من البحارة ليس من أهل ضفتي الخليج فحسب، بل للمبحرين من سواحل القراصنة والمهربين في مضيق ملقا وخليج عدن. حينها تصبح القوة البحرية الكويتية وبقية سفن دول مجلس التعاون مكلفة بمطاردة السفن الإيرانية لتنفذ إجراءات سبق الحديث عنها، وتسمى (VBSS) اختصارا لمهمات أربع هي الزيارة (visit) والإنزال (board) والبحث (search) والاقتياد (seizure). وقد شاهدنا خطورة المهمة ونتائجها السلبية في عملية الإنزال الإسرائيلية على السفينة التركية مرمرة قبل أسبوعين.
حين صدر قرار مجلس الأمن 1929 فقدت إيران أعصابها وراحت quot;توبخquot; الدول الكبرى مثل الصين وروسيا وتتهمهما بالكيل بمكيالين وبالنفاق، وبالخضوع لابتزاز الولايات المتحدة الأميركية، لذا كان متوقعا أن يأتي الرد الإيراني على القرارات عجولا وقاسيا، فقد صرح نائب رئيس لجنة الأمن القومي في مجلس الشورى الإسلامي حسين إبراهيمي أن إيران ستقوم بتفتيش عدة سفن مقابل كل سفينة إيرانية تتعرض للتفتيش، ولأن جارتنا جمهورية إيران الإسلامية العزيزة ليست في حاجة لفتح جبهات صدام مع الدول الكبرى في الوقت الراهن فإن سفن دول مجلس التعاون ستكون هي الأكثر عرضة لهذا العمل. لكن التفتيش يبقى أقل قسوة مما تعرضت له سفننا في العقد الثامن من القرن الماضي على يد بحارة حرس الثورة وزوارقهم المطاطية. فهل ستعود مرحلة حرب السفن والناقلات التي ورطنا فيها الطاغية صدام؟ وهل سنحتاج إلى تكرار سيناريو رفع الأعلام الأميركية والروسية والبريطانية وغيرها على السفن التجارية الخليجية لحمايتها من التفتيش الإيراني بعد أن ورطتنا أميركا؟
وبزوارقها السريعة ورجالها تملك القوة البحرية الكويتية القدرة العملياتية لتنفيذ واجبها إلى جانب الدول الأخرى، لكن ما تجدر ملاحظته هو أن الولايات المتحدة قد مارست سياستها بحنكة فشرعت لتدع الآخرين يختصمون، سواء حين أقامت قوة الواجب البحرية المشتركة CTF152 في عام 2004 م، أو حين أعدت قرار مجلس الأمن 1929 لنجد أنفسنا وجها لوجه مع إيران في سلسلة أدوار متبادلة يصعب فرزها.
التعليقات