محمد الصياد

في ldquo;إسرائيلrdquo; اليوم حكومة فاشية لا تستطيع، حتى لو أرادت، التغطية على هذه الحقيقة ونكران معطياتها . ولأنها كذلك فهي لا تتوانى عن ارتكاب الحماقات التي تفضح كينونتها .

وكي نكون دقيقين سوف نعمد إلى إيراد التوصيف العلمي الدارج للفاشية . هي مذهب أيديولوجي يجسد قمة العصبية العرقية أو الاثنية أو القومية، واتخاذ، بناء على ذلك، موقفاً عنصرياً وازدرائياً من الأقوام والأعراق الأخرى، والهوس بالتسلح بالقوة والتفوق العسكري والاقتصادي عليهم، والاستعداد الدائم للحرب وترويج وتسويق مبرراتها ومسوغاتها، باعتبارها أداة للهيمنة والسيطرة، وبإسقاط هذا التوصيف على الدولة العبرية سوف نجد أن الصورة طبق الأصل كما يقال .

الآن، لا نريد الذهاب بعيداً في فحص الحالة الصهيونية الثقافية الوجلة دوماً، وعقدة عصبيتها القومية، النرجسية لحد اللامعقول، سوف نكتفي فقط بالإحالة إلى خطاب بنيامين نتنياهو الذي ألقاه في مستهل ولايته الجديدة في جامعة بار إيلام . في ذلكم الخطاب طرح نتنياهو، وهو رئيس الحكومة ldquo;الإسرائيليةrdquo; الحالية، تصوره للدولة الفلسطينية . ولو دققنا، من دون كثير عناء، في مفردات هذا التصور، فسنجد أنه تصور متطابق لتطبيقات نظام الغيتوات أو معازل السود التي أنشأها نظام الفصل العنصري (الأبارتايتد) في جنوب إفريقيا .

ثانياً، لننظر إلى العناصر التي تأتلف الحكومة ldquo;الإسرائيليةrdquo; الحالية، فبخلاف قيادات ورموز الأحزاب الدينية اليهودية المفضوحة بعنصريتها الفاقعة، يكفي تتبع وتفحص تصريحات ومواقف الرجل الثاني في هذه الحكومة وهو وزير الخارجية أفيغدور ليبرمان . فهذا الرجل تعوزه الكياسة فيجبره تكوينه النفسي على الإفصاح عن مكنوناته العنصرية والفاشية .

المناضل العربي محمد بركة رئيس الجبهة الديمقراطية للسلام والمساواة داخل أراضي 48 وعضو الكنيست ldquo;الإسرائيليrdquo; قال إن ldquo;إسرائيلrdquo; توشك أن تتحول لدولة فاشية بالكامل، وأنها على بعد خطوة فقط منها، مدللاً على ذلك بالحملات العنصرية المتتالية وغير المسبوقة التي تشهدها ldquo;إسرائيلrdquo; والتشريعات العنصرية التي تُطرح وتمرر في الكنيست كل أسبوع، واتساع المزاج العام المعادي للعرب في الشارع ldquo;الإسرائيليrdquo; . وهو أرجع هذا ldquo;الفلتانrdquo; العنصري إلى الطابع العدواني للصهيونية .

نحن لا نضيف جديداً إذا ما قلنا أن حكومة ldquo;إسرائيلrdquo; الحالية هي حكومة فاشية، رأس المال القذر ودسائس وضغوطات مراكز قواه النافذة في مواقع أعلى الهرم السلطوي في بلدان المركز الرأسمالي وبلدان الأطراف والمنظمة الدولية (الأمم المتحدة) هما اللذان يقفان وراء قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة الذي صدر في ظروف مريبة مطلع تسعينات القرن الماضي، وقضى بإبطال القرار السابق الذي أصدرته الهيئة نفسها منتصف سبعينات القرن الماضي، وقضى باعتبار الصهيونية شكلاً من أشكال العنصرية .

إلا أن هذه المكيدة السياسية التي دبرتها الدول الغربية للاطاحة بالقرار الأممي الذي يوصم الصهيونية بالعنصرية، لم تفلح في إخفاء الوجه العنصري للدولة الصهيونية وأيديولوجيتها الفاشية، مثلما لم تفلح حملات العلاقات العامة ldquo;الإسرائيليةrdquo; ومساحيقها الرديئة في تحقيق ذلك . إلى أن جاءت الحكومة ldquo;الإسرائيليةrdquo; الحالية بائتلافها الفاشي لتزكي ذلك القرار الأممي المهدور غيلة .

إنما السؤال (المفارقة) الذي يطرح نفسه ها هنا هو: كيف قُدر لهذه الحكومة أن تفلت من ثلاث جرائم وإدانات دولية متوالية:

تقرير جولدستون الذي أدان الجرائم التي ارتكبتها ldquo;إسرائيلrdquo; خلال عدوانها على قطاع غزة .

اغتيال محمود المبحوح في دبي .

العدوان الهمجي على أسطول الحرية وقتل وجرح العشرات من الناشطين المدنيين الدوليين الذين كانوا ينقلون مساعدات إنسانية للمحاصرين في قطاع غزة .

نعم لا مراء في أن الدول الغربية هي التي تحركت من جديد، كما في كل مرة ldquo;تنزنقrdquo; فيها ldquo;إسرائيلrdquo;، لحماية ldquo;إسرائيلrdquo; من أية ملاحقات قانونية وقضائية . هذا مما لا شك فيه .

إنما السؤال هو أين هم العرب؟ ما هو تفسير غيابهم وتلكئهم عن استثمار هذه الفرص الذهبية للإطاحة أخلاقياً وسياسياً بالهالة الديمقراطية ldquo;الإسرائيليةrdquo; المزيفة وكشف عورتها وجوهرها العنصري البغيض ونزعتها الفاشية الفاقعة؟

ماذا ينقصهم لأن ينهضوا بهذه المهمة، المال وأوراق الضغط الاقتصادية سريعة المفعول وفرص النفاذ إلى أجهزة الميديا العالمية . كل هذا بحوزتهم، ومع ذلك تصرفوا إزاء هذه الفضائح ldquo;الإسرائيليةrdquo; وكأن شيئاً واحداً من أمر ذلك لا يخصهم ولا يعنيهم لا من قريب ولا من بعيد .

نسأل لماذا لا تكون للدول العربية سياسة مستقلة، على غرار تركيا، تقدم مصالحها وكرامتها وكرامة شعوبها على مصالح القوى الساهرة على مصالح ldquo;إسرائيلrdquo;؟