بيروت ndash; فاطمة رضا270618b.jpg

يصدح صوت رجل يقرأ قصة لأطفال تجمهروا حوله في شارع الحمراء، وراحوا يصغون إلى laquo;الحكواتيraquo; يروي لهم قصة طريفة تخاطب خيالهم. والشغف في عيونهم يحل مكان ذلك الشغب المعروف عنهم في الأيام العادية. وما أن ينتهي الحكواتي من سرده حتى يعلو صوت الفنان اللبناني الراحل حسن علاء الدين (شوشو) بأغنية laquo;ألف بي بو با يي، قلم رصاص ومحاية...raquo;، وترتفع الضحكات الطفولية، من دون أن يهمل أي طفل كتابه أو قميصه الأبيض الذي رسمت عليه أحرف بألوان مختلفة.

يتجوّل الأطفال جنباً إلى جنب مع شبان ورجال ونساء لبنانيين من كل الأعمار وفدوا الى هذا الشارع باحثين عن اللغة العربية. والمحلات والمقاهي والمطاعم تملأ الشارع كعادتها مرحّبة هذه المرة بجمهور مختلف هدفه المشاركة في مهرجان اللغة العربية. وحدها السيارات غابت عن الشارع، من دون أن يُنقص ذلك من زخمه بالحياة، فهو كان طول يوم أمس للمشاة فقط. الحروف تتدلى من حبال تربط بين المباني، وأخرى يحملها الهواء بعيداً فينثرها في زوايا الشارع المعروف بطابعه الثقافي، منذ زمن بعيد. يافطات رُفعت معلنة عن laquo;حملة إنقاذ لغة الضادraquo;، تواجه أشرطة صفراً ربطت ما بين الأعمدة الصغيرة قائلة للمواطن: laquo;لا تقتل لغتكraquo;.

مهرجان اللغة العربية، يوم حافل انقسم إلى قسمين الأول خصّص للأطفال والثاني للشباب، وامتد من الثامنة صباحاً إلى الحادية عشرة ليلاً. فعاليات مختلفة وأنشطة منوعة اندرجت في laquo;يوم تتجلى فيه لغتنا بأبهى حللها. الألحان تغدو حروفاً، والأجسام تنطق شعراً واللوحات تغني كلمات...raquo;، بحسب وصف المنسق الفني للمهرجان، حسام عبدالخالق. المهرجان الذي أقامته جمعية laquo;فعل أمرraquo; و laquo;مؤسسة الفكر العربيraquo;، انتشر في شارع الحمرا الرئيسي، مستعيداً الواقع الثقافي لهذا الشارع الذي فقد مقاهيه العريقة أمام زحف محال الألبسة ومطاعم الأكل السريع. بدت الصور وأكشاك الكتب الموزعة في الشارع وكأنها في مكانها الصحيح. صور ولوحات، لعبت على الحروف، في أسلوب ساخر ولاذع حروف لاتينية تنطق بالعربية shou 3amil el yom (شو عامل اليوم)، يقابلها laquo;لانغوِدج بَريُرraquo; language barrier (حاجز لغة)، في دعوة من المشاركين إلى عدم laquo;قتلraquo; الحرف العربي وبالتالي اللغة العربية.

عشرات الشبان والشابات وجمع من الشعراء والفنانين والرسامين والمخرجين والمصورين شاركوا في إحياء laquo;نحن لغتناraquo;، في خطوة وصفتها سوزان تلحوق رئيسة جمعية laquo;فعل أمرraquo; بأنها ستترك أثراً في النفوس، داعية الجميع وبخاصة الأهل إلى استدراك أهمية القراءة واللغة العربية بالنسبة لأطفالهم.

ولاقت لعبة laquo;اختبر ضادكraquo; من خلال الإجابة على خمسين سؤالاً بكلمة تبدأ بحرف الضاد، استقطاباً واسعاً فوقفت أمهات برفقة أطفالهن يلقين عليهم الأسئلة وراح أصدقاء يلعبون اللعبة اللغوية معاً بمرح وفضول. وعرض في مهرجان اللغة العربية خمسة أفلام إبداعية فضلاً عن عشرات اللوحات، وترددت قصائد خمس شعراء شباب في أرجاء شارع الحمرا، فضلاً عن الموسيقى ومسرح الدمى... في تحدٍّ ضمني لاستعادة هوية الشارع الأساسية، ولكن هذه المرة من خلال اللغة العربية التي دعا المهرجان الشباب الى التصالح معها.