علي محمد الفيروز

إن ما يحدث في مدينة القدس من هدم المنازل وتواصل عمليات البناء الاستيطاني لبناء المئات من الوحدات السكنية الجديدة، ومواصلة تهجير المواطنين بالقوة لإفراغ المدينة من سكانها الأصليين ما هو إلا جزء من مسلسل التهويد، ضمن مخطط الاحتلال القائم على التغيير الديموغرافي والجغرافي لواقع مدينة القدس، ولكن ما يؤلمنا كثيراً هو الصمت المريب للأمة العربية والإسلامية تجاه ما يحدث لواقع مدينة القدس، منذ بدايتها! فكيف لنا بعد هذا ان نرمي ثقل المسؤولية على مجلس الأمن الدولي، والمسؤولية برمتها تقع بين يدي الأمة العربية والإسلامية؟ ونستغرب هنا من دور laquo;منظمة المؤتمر الإسلاميraquo; وجامعة الدول العربية وعجزهما عن تنسيق المواقف العربية، وضرورة الضغط على اللجنة الرباعية الدولية والمجتمع الدولي لوقف أعمال الاحتلال الاستيطانية كافة. هذا وقد حذرت جبهة النضال الشعبي الفلسطيني في بيانها مما تقوم به حكومة الاحتلال اليمينية المتطرفة تجاه مدينة القدس، مؤكدة ان هذه الاجراءات الإسرائيلية بمثابة laquo;إعلان حرب مفتوحةraquo; على المدينة، تلك السياسة التي تقوم بها حكومة نتنياهو لفرض الواقع الأليم على الأرض، وتقويض اقامة الدولة الفلسطينية، مشيرة إلى صعوبة الأوضاع داخل مدينة القدس، وقيام الاحتلال باجراءات مسعورة تجاهها، مطالبة بوقفة جدية مع المدينة، ووضع خطة عمل فلسطينية عملية تعزز من صمود الشعب بالمدينة في ظل مخططات الاحتلال الهادفة لتغيير معالمها العربية - الفلسطينية لتطول كل شيء فيها، موضحة بين فترة وأخرى ما تقوم به بلدية الاحتلال، وهي تشن حربا صهيونية على المدينة، معتبرة قرارها الأخير الأشد خطورة على أهالي المدينة، وطالبت laquo;جبهة النضال الشعبيraquo; بإنشاء صندوق وطني فلسطيني تشرف عليه laquo;منظمة التحريرraquo; لجمع التبرعات من المواطنين الفلسطينيين كافة، ودعم صمود اخواننا وأهلنا في المدينة، داعية الأشقاء العرب والمسلمين بتحمل مسؤولياتهم تجاه ما يحدث لمدينة القدس! هناك عشرات القرارات منذ احتلال مدينة القدس عام 1967 من مجلس الأمن التي تؤكد على ضرورة الحفاظ على مدينة القدس وعدم اخضاعها للقوة المحتلة وإبقاء الحال على ما هي عليه، وهي قرارات ملزمة، ومع ذلك فإن دولة الاحتلال ضربت بها عرض الحائط! فلم تلتزم بها في تحد لها، كذلك فإن بناء المستوطنات يعد خرقاً للقانون الدولي الإنساني، الذي يمنع الدولة المحتلة من نقل مواطنيها إلى المناطق التي قامت باحتلالها (طبقاً لبند 49 لاتفاقية جنيف الرابعة). ثم أشارت الجبهة إلى ان القرار رقم 252 الصادر عن مجلس الأمن في عام 1968 الذي شجب قرار الحكومة الإسرائيلية بضم القدس، وطالب بالعدول عن كل الاجراءات التي من شأنها تغيير وضع مدينة القدس، والقرار رقم 298 الصادر عن مجلس الأمن بتاريخ 25/9/1971 الذي اعتبر ان مصادرة الأراضي والممتلكات وتغيير وضع مدينة القدس والتهجير القسري للفلسطينيين وسن تشريعات ضم القطاع المحتل laquo;لاغياًraquo; وكأنه لم يكن، وقرار مجلس الأمن رقم 446 الصادر في عام 1979 الذي أعلن عدم شرعية سياسة الاستيطان الإسرائيلية في الأراضي العربية المحتلة بما فيها القدس، لكن حكومة الاحتلال هي الدولة الوحيدة التي تعارض القانون الدولي وتكتفي بالعمل بقوانين عنصرية. ودعت الجبهة laquo;منظمة المؤتمر الإسلاميraquo; وجامعة الدول العربية، ولجنة القدس إلى تنسيق المواقف، والدعوة إلى عقد اجتماع طارئ لمناقشة ما تتعرض له المدينة، ودعوة مجلس الأمن للانعقاد، وذلك لإلزام حكومة الاحتلال بقرارات الشرعية الدولية وطالبت ايضاً الاتحاد الأوروبي واللجنة الرباعية بضرورة العمل علي الزام حكومة الاحتلال بوقف أعمالها العدوانية ضد الشعب الفلسطيني، وممارسة الضغط عليها، معتبرة ان تعامل العالم مع حكومة الاحتلال كدولة فوق القانون واستمرار حكومة الاحتلال بإجراءاتها على الأرض سيؤدي إلى تفجير الأوضاع في المنطقة.
حقيقة، نتمنى من جامعة الدول العربية ان تعي خطورة الأوضاع التي تتعرض لها مدينة القدس فلا يمكن ترك سياسة الاستيطان الإسرائيلية واستمرارها بمسلسل التهويد وهدم المنازل دون ان تتخذ الجامعة قراراً بعقد اجتماع طارئ لهذه القضية التي تهم الأمة العربية والإسلامية جميعاً، فالجميع مسؤول أمام ما تتعرض اليه مدينة القدس حالياً، فمخطط الاحتلال الإسرائيلي القائم على التغيير الديموغرافي والجغرافي والديني لواقع مدينة القدس خطير والسكوت المستمر عن هذه الأعمال الصهيونية من العرب والمسلمين أخطر منه، ويبقى السؤال هنا:
إلى متى تنتهك حكومة الاحتلال القرارات الشرعية الدولية، وإلى متى يتعاطف مجلس الأمن مع من تعتبر نفسها دولة فوق القانون الدولي، ويتجاهل اتخاذ أي قرار أو عقوبة صارمة في حقها؟ نريد ان نوجه أصابع اللوم إلى مجلس الأمن الدولي ونقول له: أين ذهب القرار رقم 252 لسنة 1968 والقرار رقم 298 لسنة 1971، والقرار رقم 446 لسنة 1979 الصادرة جميعها من مجلس الأمن؟