يستعر ضجيج حول كل شيء في البلد محوره المحكمة الدولية التي يبشر اركان ما كان يسمى quot;معارضةquot; بأن صدور القرار الظني عنها بات مسألة اسابيع معدودة. اكثر من ذلك يبشرون بأنه سيوجِّه من بين من يوجه اليهم (هنا وخارجا) التهم شطر مسؤولين امنيين في quot;حزب اللهquot;.
هذا كلام صادر عن quot;بروباغنداquot; تتحرك في فلك الحزب. لماذا هذا التبشير؟ هل ثمة معطيات نجهلها؟ وما هي سيناريوات المرحلة المقبلة؟
حقيقة، لا احد غير العقل السياسي والامني في الحزب يعرف ما الذي يحصل. فالبناء على ما ورد في بعض الصحف والمجلات الأوروبية حول ضلوع مسؤولين في الحزب في اغتيال الرئيس رفيق الحريري لا يعد معطى صلبا يمكن البناء عليه. لذا يصح التساؤل عما يملكه الحزب من معلومات ومعطيات حول الموضوع الذي يرفع من منسوب توتره، وخصوصا عندما يتقاطع مع معلومات تفيد بأن quot;الظهيرquot; الذي برع في مرحلة الوصاية السابقة في تفتيت الجميع لإحكام سيطرته على الساحة اللبنانية، يعود اليوم وبوسائل معدلة، يفرضها واقع عدم وجود قوات عسكرية على الارض، الى تكتيك تفتيت القوى اللبنانية، وخصوصا ان دمشق لا تستسيغ ان يكون طرف لبناني مهما بلغ مستوى الخدمات التي يؤديها لها quot;وريثاquot; لها في لبنان. من هنا فإن إضعاف quot;حزب اللهquot; لا يقتصر على القوى الاستقلالية الخائفة على صيغة البلد ونظامه والكيان، بل يمتد الى خصم تلك القوى الموضوعي (سوريا) الذي يحتاج الى اللبنانيين مفتتين، لا قدرة لأي طرف منهم على التحكم بالبلد مهما بلغت قوته. ومن هنا أيضاً، فإن اضعاف quot;حزب اللهquot; الايراني في الاساس، هو هدف سوري موضوعي يُعمل عليه في الخفاء ايضا !
ان يصدر قرار ظني يتهم اعضاء في الحزب (ليس وحدهم) بالضلوع في جريمة اغتيال الرئيس الحريري، امر خطير للغاية (نتمنى ان تكون حدوده في خيال ماكينة quot;البروباغنداquot; المعروفة في البلد). وهذا يفتح باب الاحتمالات على مصراعيه: من محاولة اسقاط الحكومة، الى الهروب نحو حرب اقليمية تخلط الاوراق، الى اغراق البلد بموجة تظاهرات ضخمة، او حتى الاغتيالات التي حذر منها النائب وليد جنبلاط (متهما اسرائيل)، ومن يدري كيف يمكن فصل الخيط الابيض عن الخيط الاسود في الاغتيالات !
وفي الانتظار، يجري ملء الوقت بحياكة اساطير حول الموظف في شركة quot;الفاquot; الموقوف بتهمة التجسس لحساب اسرائيل، ومحاولة ربط عمله كجاسوس بجرائم من بينها جريمة اغتيال الحريري. ومن ناحية اخرى يعود الضخ حول ما يسميه الفريق quot;الطاهرquot; بـquot;شهود الزورquot; من دون انتظار القرار الظني الذي يمكن ان يعيد بعض هؤلاء quot;الملائكةquot; الى حظيرة المحكمة الدولية من جديد!
انها المحكمة التي تؤرقهم، وقد تأكد لهم في نهاية المطاف انها لن تتوقف، وان الصفقات غير ممكنة. فهل يظنون ان التلويح بتفجير البلد يثني المحكمة عن اداء عملها؟ او هل يظنون ان التهديد بتفجير البلد يزعج الاطراف الدوليين المتعطشين لرؤية quot;حزب اللهquot; ومن يقف معه وخلفه يتورطون مرة جديدة بدماء لبنانية، او حروب اقليمية مدمرة لن تولّد انتصارات إلهية بل نكبات، ستزيد خصومة شرائح لبنانية واسعة للحزب اكثر مما هي عليه اليوم ؟
ان التوتر واضح، والتوتير من اجل تحضير الارض لقلب الطاولة على الجميع جلي. اما لسان حال الاستقلاليين فهو الثقة بالقرار الظني كأساس لانطلاق المحاكمات، والثقة بالمحاكمات والاحكام التي ستليها. لا اكثر ولا اقل !

علي حماده