يوسف الكويليت
لم تكن مداعبة بسيطة عندما طالب الملك عبدالله أعضاء مجلس الوزراء بالدعاء بlaquo;إطالة عمرهraquo; وسط تكهنات بمن هو المعني بهذا الدعاء، ليفاجئهم الملك بالعمر الطويل للنفط، وهذا الإحساس ينطلق من أنه من غير الإنصاف أن يستأثر جيل أو جيلان بهذه النعمة وحدهما، بينما الأجيال اللاحقة تقرأ الماضي وتتحسر على حياتها ومستقبلها..
احتياطيات النفط مثار جدل عالمي، لكن هناك اتفاق عام أن المملكة ربما تكون آخر الدول التي تودع النفط ، وحتى مع هذه التكهنات والأقاويل ، فإن الملك عبدالله وهو الذي يعلم، من خلال التقارير التي تُقدم له من قبل الاختصاصيين في حقول الاكتشافات والإنتاج والتسويق، أن ثروة بلده كبيرة، ليس فقط بهذا المنتج النادر، بل بأخرى المعدنية، والتي اكتشف منها عشرات الأنواع بدءاً بالاستراتيجية التي تمد الصناعات الكبرى أو الصغرى وغيرهما، وهنا يأتي شعور القائد أن بلدنا خيِّر تماماً ولديه أرصدة كبيرة من الثروات المتعددة، بما فيها ثروة الشمس..
في بلدان عديدة وجدت الثروات التي نهبت بسبب فارق العلم والثقافة عندما هيمنت الدول الاستعمارية على تلك البلدان واستنزفت مواردها وخبراتها، ولعل الملك عبدالله، هو من تنبَّه إلى أن إدارة الموارد تحتاج إلى المعرفة في مختلف الحقول العلمية والإدارية، وأن الإنسان هو العقل الذي يستطيع، من خلال مواهبه ، استغلال طاقات بلده، وإخراجها من باطن الأرض إلى المصنع فالسوق العالمي، ولذلك لم يأت التوسع في التعليم وفتح الجامعات والمعاهد والمدارس والبعوث لبلدان العالم، إلا نتيجة الحاجة لمن يملك الثروتين المادية، والإنسانية ويسخرهما في التنمية الشاملة..
الصورة العامة التي روّجتها بعض الدول المستهلكة عن المملكة، من أننا بلد ينعم بدراهم النفط وسط الخيام والإبل، ويطارد الغيوم الشاردة لينيخ رواحله، وأننا أميون لا نعرف قيمة تلك العوائد، ولا نستحقها، فإن هذه الصورة خرجت من إطارها، عندما بدأت تنشأ المصانع والجامعات ويتم التفاوض التجاري والاقتصادي بلغة حضارة اليوم وعلومه، ومن خلال فئات درست في كبرى الجامعات العالمية، ثم أخيراً أصبح البدوي هو من يمثل في قمة العشرين لأقوى اقتصاديات العالم، ويخاطب الجموع بنفس مطالع الحروف والأرقام ورؤى الحاضر والمستقبل، وحتى المرأة التي صنّفت مع الجواري والمحظيات، خرجت من هذه النظرة عندما أصبح لدينا عالمات واختصاصيات ومدرّسات في مختلف المراحل التربوية، ووسط معامل ومراكز بحوث جامعات تلك الدول، وتتبادل معهم المعرفة بنفس التأهيل والاختصاص..
نعم لدينا نواقص، كأي شعب في العالم، وهي من طبائع الحياة أن يقترن الإيجابي بأثر السلبي، لكننا مقتنعون أننا نسير في الاتجاه الذي يضعنا مع مختلف دول العالم على نفس الدرجة من الوعي والفهم، وفي كل الأحوال ندعو مع الأب الإنسان أن يطيل الله عمر النفط!.
التعليقات