احمد المهنا

فكرة quot;الحكم الشيعيquot; توحد احزاب الاسلام السياسي الشيعي. أما السلطة فانها تفرق بينهم شر تفريق. وهكذا نجد قادة quot;التحالف الوطنيquot; اليوم في حال يكاد ينطبق عليهم تماما وصف الأخوة الأعداء.

كان تشكيل الائتلاف الوطني العراقي الذي جمع احزاب وقوى الاسلام السياسي الشيعي نابعا من فكرة quot;الحكم الشيعيquot;. اي ان يكون الاسلام السياسي الشيعي مركز الثقل الأساسي في السلطة او في نظام الحكم. ونجح الائتلاف في انتخابات كانون الاول 2005 وكان له ما اراد.

غير ان الائتلاف الشيعي تفكك الى جسمين سياسيين قبل انتخابات 2010 : الائتلاف الوطني العراقي من جهة وائتلاف دولة القانون من جهة اخرى. وعلى ما يبدو فان ائتلاف دولة القانون كان واثقا من فوزه في الانتخابات. لكن الانتخابات اظهرت ان ثقته بنفسه ليست في محلها تماما، اذ تقدم عليه تحالف quot; العراقيةquot; بمقعدين.

تحالف quot; العراقيةquot; رغم طابعه العلماني، اذ لا يوجد في صفوفه اي حزب اسلامي، فانه يضم اغلبية سنية. والأمر الطبيعي، المتمثل بتكليف العراقية تشكيل الحكومة حسب الدستور، لكونها الكتلة الأكثر النيابية الأكثر عددا، يعني نهاية quot;حكم الاسلام السياسي الشيعيquot;. وهذا ما يرفضه كل اطراف الاسلام السياسي الشيعي الذي يجمعه مبدأ quot; الحكم الشيعيquot;.

شحذ هذا المبدأ عمله فتشكل quot; التحالف الوطنيquot;. وظيفة هذا التحالف هي المحافظة على quot; الحكم الشيعيquot;. وبتشكيله اصبح يمثل الكتلة النيابية الاكثر عددا، فسحب بذلك البساط من امكانية قيام quot; العراقيةquot; بتشكيل الحكومة.

لكن بقيت هناك العقدة وهي من سيكون مركز السلطة، الذي يتمثل حسب التفكير السائد، وربما حسب الدستور والواقع ايضا، في رئاسة الوزراء. هذا المنصب هو مضمون التفرق، او التناقض، بين الائتلافين المكونين للتحالف الوطني. دولة القانون، صاحب التسعين مقعدا، يتمسك بمرشحه نوري المالكي زعيم حزب الدعوة، والائتلاف الوطني العراقي، صاحب ال 71 مقعدا، يرفض ذلك رفضا باتا قاطعا.

وهكذا فان المبدأ يوحد التحالف الوطني والسلطة تشقه.

ان المالكي ضعيف بمعارضة حلفائه المجلسيين والصدريين، انما هو قوي ايضا بحلفائه quot; الأخوة الأعداءquot;، وذلك بسبب المبدأ الذي يضطر الائتلافين على التوحد او التحالف. فاذا انفرط العمل بالمبدأ ضاع الحكم على الاثنين. واذا استمر التمسك به فان عقدة تسمية رئيس الوزاراء سائرة الى مزيد من الاشتداد والاستعصاء.

والسؤال هو : هل ستنتصر السلطة ام الفكرة؟

ان انتصار السلطة، او بدقة تمسك المالكي بتولي ولاية ثانية، يعني فرط التحالف الوطني، والعودة الى نقطة انطلاق جديدة في تشكيل الحكومة. اما انتصار الفكرة فيعني تنازلات كبيرة من الائتلافين اهمها استبعاد المالكي من رئاسة الوزراء.

والفكرة هي من التغلغل في صفوف الائتلافين بحيث لا يسمح اي منهما لنفسه بتحمل مسؤولية تجاوزها. ان تجاوزها سيكون بمثابة خيار شمشون: اي علي وعلى اعدائي. وهو خيار يمكن ان يراود quot; الاخوة الاعداءquot; قادة الائتلافين نفسيا، ولكن من غير الممكن السير فيه ولو خطوة واحدة عمليا. فلا احد يريد ان يسجل على نفسه تحمل مسؤولية التسبب بضياع quot; الحكم الشيعيquot;.

هذه هي قضية الجزء الاهم من النخبة الحاكمة في عراق اليوم. والسياسة فيها هي مؤامرات وصراعات وليست رعاية مصالح الوطن. فهذه الأخيرة لازالت وظيفة شاغرة في البلاد.