القاهرة - طارق صلاح
قال الدكتور محمود حسين، أمين عام جماعة الإخوان المسلمين، إن مصر لن يكون بها جديد بعد الانتخابات الرئاسية المقرر إجراؤها عام ٢٠١١، وإن النظام الحالى هو الذى سيفوز بتلك الانتخابات، ويستمر حاكماً لمصر.
ووصف laquo;حسينraquo; انتخابات الشورى بالتزوير، وأن الحزب الوطنى قام بالسطو عليها، لافتاً إلى أن برامج laquo;الوطنىraquo; لا تعدو كونها حبراً على ورق، وأن النظام يخشى من شعبية الجماعة، لذلك يعارض إنشاء حزب إخوانى.
ودافع أمين عام الإخوان عن جماعته، قائلاً إنها حريصة على مصالح البلاد ولا تهدف إلى حكم مصر.. وتطرق إلى العديد من القضايا خلال هذا الحوار.
■ ما أسباب خسارتكم فى انتخابات التجديد النصفى لمجلس الشورى وعدم حصولكم على أى مقاعد؟
- الإخوان لم يخسروا فى انتخابات الشورى، وإنما الخاسر الأكبر والحقيقى هو النظام نفسه، لأن الانتخابات تم تزويرها بشكل فاضح وعلنى، واتضح ذلك لكل ذى عين وعقل، فالأصوات المعلنة تتنافى تماماً مع الذين صوتوا فعلياً، إضافة إلى إغلاق كثير من اللجان لتسويد بطاقات الانتخاب داخلها لصالح مرشحى الوطنى، إلى جانب مخالفة الأحكام القضائية الصادرة قبل إجراء الانتخابات، وكل تلك الأسباب أدت إلى تعرية الحزب الحاكم وفضحه أمام كل المراقبين للانتخابات، وهذا ما أقصده بخسارة النظام.
■ هل توقعتم تلك النتيجة؟
- لم نتوقع ذلك مطلقاً نظراً لشعبية الإخوان الكبيرة فى الشارع المصرى، وكنا نأمل أن يخجل المزورون من ذلك، وأن يحاول النظام تحسين صورته أمام الرأى العام المصرى والعالمى، لكنهم لم يعيروا الأمر اهتماماً.
■ من أكثر المستفيدين من تزوير الانتخابات فى رأيك؟
- تجار المخدرات وبعض أعضاء الحزب الوطنى الحريصين على الاستفادة من الحصانة.
■ وصفت قيادات إخوانية الحزب الوطنى بأنه قام بالسطو على انتخابات الشورى.. فسر لنا ذلك؟
- تزوير الانتخابات بهذا الشكل يؤكد قيام الحزب الوطنى بالسطو عليها، رغبة فى السيطرة والهيمنة دون الالتفات إلى القانون وتطبيق الدستور، ضارباً بالديمقراطية عرض الحائط.
■ ترددت أنباء عن وجود بعض الآراء داخل الجماعة راغبة فى مقاطعة أى انتخابات مقبلة.. فما الحقيقة؟
- لن نترك للحزب الوطنى المجال الذى يجعله يظهر بشرعية، لذلك سوف نستمر فى المشاركة فى الانتخابات، فوجود الإخوان يكشف أمر الحزب الوطنى أمام العالم، ويكشف أعماله المنافية للشرعية والمخالفة للدستور.
■ إذا ثبت تزوير الانتخابات بالفعل فما الحل فى رأيكم؟
- يجب على كل شريف فضح التزوير والمزورين أمام الرأى العام وملاحقتهم قضائياً وإعلامياً، بالإضافة إلى المثابرة والصمود وعدم ترك المجال لهم حتى لا يعيثوا فى الأرض فساداً.
■ كثير من قيادات الحزب الوطنى يقولون إن الإخوان يمثلون الخطر الأكبر على مصر.. فما رأيكم؟
- الخطر الحقيقى هو الفساد المنتشر وإضعاف مصر وعدم قيامها بدورها فى المنطقة واستجابتها للهيمنة، وهذا كله نتاج الحزب الوطنى، أما الإخوان فهم دوماً حريصون على بلدهم مدافعون عنه مخلصون له، بل يمثلون حائط الصد ضد التطرف وضد التبعية والهيمنة.
■ بالمناسبة، كيف تم اختيارك لموقع الأمين العام لجماعة الإخوان؟
- يتم توزيع الأعباء باستطلاع رأى أعضاء مكتب الإرشاد، ثم يصدر قرار من المكتب أو فضيلة المرشد بما يتفق مع توجه أغلبية أعضاء المكتب، وهذا تم بالنسبة لموقع الأمين العام وكذلك المواقع الأخرى.
■ هل يتدخل الدكتور محمود عزت بالمساعدة بحكم خبرته فى مهام موقع الأمين العام للجماعة؟
- نحن جميعاً متعاونون فى أداء المهمة، وليس لدى أحد رغبة فى الاستئثار بموقع أو التطلع إليه.
■ المواقع القيادية المعروفة إعلامياً للإخوان ليست المحركة للجماعة وإنما توجد هيكلة سرية أخرى تدير الأمور داخل التنظيم الإخوانى.. ما ردكم؟
- ما يعلنه الإخوان هو حقيقة أمرهم، ولا توجد هيكلة حقيقية وأخرى سرية، وهذا كله من افتراء بعض الكُتّاب ولا أصل له.
■ الإخوان كتلة سياسية توجد دائماً اختلافات عليها من ناحية أيديولوجياتها وأيضاً عملها السياسى.. لماذا؟
- الإخوان لهم منهج يسيرون عليه ولا يطالبون غيرهم بتغيير مناهجهم إلا عن قناعة، ونحن نقول دائماً: خلوا بيننا وبين الناس نعرض عليهم ما لدينا، ولهم الحق والحرية الكاملة فى موافقتنا أو مخالفتنا.
■ إذن لماذا لا ترغبون فى الاندماج السياسى بشكل رسمى عن طريق حزب مثل باقى الأحزاب يخضع لقواعد تنظيم الأحزاب؟
- نحن مع مبدأ أن يكون لنا حزب ونسعى لذلك، لكننا نرفض التقدم للجنة مهيمنة على الأحزاب تنتمى للحزب الحاكم، وعندما تكون هناك لجنة مستقلة حرة وفق نظام غير مستبد سنتقدم لتكوين حزب.
■ المعروف أنكم تعلمون أن طلبكم مرفوض من قبل لجنة شؤون الأحزاب بسبب إصراركم على إيجاد حزب دينى وهو ما تعتبره اللجنة مخالفاً للقانون؟
- نحن لا نرغب فى إنشاء حزب دينى، ولكن ما نريده أن يكون حزبنا محتكماً لمرجعية دينية، لأن معنى حزب دينى أن يكون رجال الدين هم أصحاب السطوة والقرار، وهذا لا يعرفه الإسلام الذى أسس الدولة المدنية، وقد حدث ذلك فى عهد النبى محمد صلى الله عليه وسلم مع الخصوصية التى كان يتمتع بها عليه الصلاة والسلام، أما المرجعية الدينية التى نطلبها فهى ألا أخالف شرع الله فى أى قضية من القضايا التى تعيشها الدولة المدنية القائمة على السلطات المدنية، ونحن نقبل أن يكون المسيحيون أعضاء فى حزب الإخوان حين يتكون هذا الحزب.
■ ولكن فى برنامج حزب الإخوان رفضتم تولى القبطى والمرأة رئاسة الدولة؟
- هذا صحيح، وأوضح أن الإخوان لا يرشحون القبطى أو المرأة لرئاسة الدولة، ولكن الآخرين لهم الحرية فى ترشيح من يرغبون ونحن سوف نؤيد ونختار ما نعتقده صوابا ونقبل اختيار الشعب.
■ وهل ذلك الرأى وتلك العقيدة من تعاليم الإسلام؟
- ذلك اجتهاد فقهى لا نلزم غيرنا بتطبيقه، ولكن نحن نعلن موقفنا ولا نعارض من يرغب فى غيره، فلا أمنع أحداً من الترشح، نحن سوف ندعو لمبادئنا.
■ ولكنكم متهمون بمحاولة توظيف الدين لخدمة قضاياكم وتحقيق مكاسب سياسية عن طريق استخدام الشعارات الدينية مثل laquo;الإسلام هو الحلraquo; والحديث دائماً بنبرات دينية؟
- الحرص على تعاليم الإسلام وعدم مخالفتها ومراعاة التقاليد الأصيلة واجب على كل فرد، ولا يمكن القول لمن يحافظ على أمور دينه إنه يوظفها، لأن الأصل هو الالتزام بتعاليم الدين وعدم التفريط فيها بحيث تحفظ الإنسان فى حياته من الانحراف، كما أن الالتزام شىء محمود وضرورى، وشعار laquo;الإسلام هو الحلraquo; دعوة إلى أن يكون الإسلام نصب العين والتمسك به لأنه النجاة فى الدنيا والآخرة..
ودعنا نتحدث بصراحة، ليس الإخوان هم من يوظفون الدين لخدمة مصالحهم ولكن من يفعل ذلك هو النظام وحزبه الحاكم حيث وظفوا الأزهر الشريف والمساجد والخطباء لخدمة أغراضهم وكيفية دعمهم للنظام فى جميع المناسبات الدينية وكثيراً ما يحدث دعم أفكار الحزب الوطنى عندما يطلب منهم ذلك وتعدى الأمر فأصبحت كل مرافق الدولة توظف لخدمة النظام بعيداً عن النظر لمصالح المصريين.
■ هل تقصدون بشعار laquo;الإسلام هو الحلraquo; تطبيق حدود الشريعة الإسلامية؟
- ليس المقصود تطبيق حدود الشريعة الإسلامية فقط، إنما المقصود منه صبغ الأمة كلها بالإسلام فى كل مظاهر حياتها، والتخلى عن الإسلام يؤدى إلى مشاكل جمة لأن الله سبحانه وتعالى أعطانا حلولاً لمشاكلنا باتباع تعاليم دين الإسلام الحنيف.
■ يتهمكم معارضوكم بأنكم تظهرون خلاف ما تبطنون، بمعنى أن الإخوان يتحدثون عن ضرورة إيجاد ديمقراطية والمطالبة بالإصلاح السياسى، بالرغم من أنكم لا تطبقونه داخل الجماعة كما أنكم تخفون رغبتكم فى الحكم بأيديولوجية إخوانية لا تعترف بالمواطنة.. ما رأيكم؟
- أعتقد أن ممارساتنا المعلنة، التى كانت تحت سمع وبصر العالم بدءاً من اختيار المسؤولين بالانتخاب على مستوى الشعب والمناطق والمكاتب الإدارية وانتهاء بمكتب الإرشاد والمرشد العام، تعطى صورة نموذجية لنزاهة الانتخابات وحيدتها ومن العجيب أن يتهمنا الآخرون الذين لا يعرفون الديمقراطية إلا من خلال الأحاديث فقط، أما واقعهم فهو غير ذلك ولكننا بفضل الله ما فعلناه هو ما نؤمن به ونطبقه ونناشد هؤلاء أن يتعرفوا علينا عن قرب.
■ هل ترغبون فى حكم مصر؟ وهل يمكن أن يحدث ذلك وكيف؟
- نحن لا يعنينا أن نحكم ولكننا نريد أن نُحكم وفق عقيدتنا وقيمنا وأخلاقنا.
■ من وقت لآخر نسمع عن اتصالات بين الإخوان والنظام فيما يسمىالصفقات ويقول معارضوكم إن ذلك منهج للإخوان ودليلهم علاقة الإخوان من قبل بالملك وأيضاً مع الرئيس السادات فى بعض الفترات؟
- لم يعقد الإخوان يوماً صفقات مع أى نظام ونسمع دائماً استنتاجات وتخمينات، ولم ير هؤلاء حقيقة أن الإخوان تعرضوا للاعتقال والتعذيب ومصادرة الأموال سواء فى عام ٤٨ أيام الملك أو فى عهد عبدالناصر أو السادات أو العهد الحالى.
■ هل تناقش الجماعة فى تواصلها مع الأحزاب والقوى السياسية آليات جدية ضد الطوارئ؟
- تمديد الطوارئ مرفوض من جميع القوى السياسية فى مصر وبالطبع فإن تواصل الإخوان مع الأحزاب والقوى السياسية يطرح فيه كيفية مواجهة مد العمل بحالة الطوارئ، لأنها تمثل حجر عثرة أمام الديمقراطية والإصلاح السياسى واعتقال المعارضين، والإخوان لهم نصيب الأسد من الطوارئ ويجب على الجميع مواجهته والتصدى له.
■ وهل القوى السياسية بما فيها الإخوان قادرة على مواجهة رغبة الدولة فى مد العمل بحالة الطوارئ؟
- ليست القوى السياسية المعنية فقط بالتصدى لذلك ولكن الشعب يجب أن يعبر عن غضبه وأيضاً مطلوب أن يكون نواب البرلمان ممثلين حقيقيين قادرين على الدفاع عن حقوق وحريات المواطنين.
■ فى رأيكم كيف يعبر الشعب عن غضبه؟
- بكل السبل السلمية التى تجبر النظام على النزول على إرادة الشعب.
■ هل تواصل الإخوان مع الأحزاب محاولة دخول البرلمان عن طريقها يمكن أن يكون لكم ممثلون؟
- نحن نؤمن بأن الإصلاح يحتاج لتضافر الجهود لإنجاحه ولن يقوم به طرف بمفرده ولذلك لم يُطرح مع الأحزاب شىء خارج هذه الأجندة.
■ بالنسبة لانتخابات رئاسة الجمهورية المقبلة ذكرت قيادات إخوانية أن الجماعة لن تعلن تأييدها مرشحاً بعينه إلا بعد قراءة جميع برامج المرشحين واقتناعها بأحدها.. هل معنى ذلك إذا جاء برنامج مرشح الحزب الوطنى مرضياً لكم سوف تعطونه أصواتكم؟
- ليس معنى رغبتنا فى قراءة برامج المتقدمين لانتخابات رئاسة الجمهورية أن يأتى اختيارنا نظرياً حيث إننا غير معنيين بصلاحية البرنامج من الناحية النظرية فقط، ولكن ما يشغلنا هو القدرة على تحقيقه وامتلاك أدوات يمكن أن تنفذ ذلك البرنامج على أرض الواقع، وتجربتنا مع الحزب الوطنى خلال الأعوام السابقة أثبتت أن برامجه الانتخابية جميعاً لا تعدو كونها حبراً على ورق.
■ نريد موقفاً واضحاً من البرادعى فى حالة ترشحه لرئاسة مصر وجمال مبارك؟
- نحن قلنا إنه حين يتقدم المرشحون للترشح سندرس برنامج كل منهم، ونؤيد من نرى أنه يحقق لمصر ما نصبو إليه، أما أن يُطلب منا موقف من شخص كالدكتور البرادعى وهو لم يعلن ترشحه.. فهذا سابق لأوانه.
■ متى سيقدم الإخوان المسلمين مرشحاً لرئاسة الجمهورية؟
- غير مطروح الآن أن نقدم رئيساً للجمهورية ولا أعرف متى سيكون مطروحاً.
■ كيف ترون مصر بعد انتخابات الرئاسة ٢٠١١؟
- لن يكون هناك جديد فى مصر بعد ٢٠١١ نظراً لتوقعاتنا باستمرار النظام الحالى متحكماً فى البلاد، والشواهد والأدلة تؤكد ذلك حيث إنهم لا يرغبون فى التغيير والإصلاح، ويحاولون إقصاء المعارضة جميعاً لإخلاء الطريق أمامهم.
التعليقات