صالح إبراهيم الطريقي


كنت دائما ضد جملة laquo;غرر بهمraquo; حين يتحدث المجتمع عن أشخاص تجاوزت أعمارهم الواحد وعشرين عاما، وأرى أن جملة laquo;غرر بهمraquo; محاولة للهروب من تحمل المسؤولية؛ لأن القضية هنا إما أن التعليم لا يصنع عقولا قادرة على حماية حاملها، أو هي محاولة لتبرئة الذات واتهام الآخر وتحميله المسؤولية كما يحدث عادة حين يقول رجل أربعيني سرق أموالا عامة: laquo;الشيطان لعب عليraquo; .
أمس الأول وفي جريدة الوطن، طرح موضوع بعنوان laquo;حبكة الفتاوى: عندما يتحايل السائل على المفتي ليكون الجواب وفق هواهraquo;، وحاول بعض علماء الدين الذين استطلعت آراءهم laquo;الوطنraquo;، أن يقدموا العلماء على أنهم ضحية السائل وخبثه، ومكره ليستدرج العالم ويحصل على ما يريده من فتوى.
بعبارة أوضح هم يخلصون إلى أن بعض الخبثاء laquo;يغررون ببعض علماء الدينraquo; فيأخذون منهم الفتوى التي يريدونها، بعد أن يضعوهم في دائرة laquo;السؤال المفخخraquo; كما يقال.
ولإثبات كيف يتم استدراج عالم الدين للتحايل عليه، يروي أحدهم قصة مفادها: laquo;تصف السائلة نوعا من العباءات، بأنها محتشمة وتستر جسد المرأة، ولا تلفت أنظار الرجال، ولا تبرز المفاتن، ليأتي الجواب من المستفتى لا إشكال في ارتداء هذا النوع من العباءاتraquo;، في حين تسأل فتاة أخرى مفتيا عن ذات النوع من العباءات بصيغة مختلفة، فتقول: laquo;ما حكم لبس المرأة العباءة بألوان زاهية، تبرز مفاتن المرأة وتكون مفصلة لجسدها، ما يلفت أنظار الرجال، ليكون الجواب بالحرمة وعدم الجوازraquo;، وهذا مثال واضح كيف أن السائل وجه الجواب، وفق المقدمات التي أوردها في سؤاله.
الحق يقال: لا أرى أي خداع هنا، بقدر ما هو رأيان مختلفان حول عباءة، فامرأة ترى أن هذه العباءة تستر، والثانية ترى أنها تبرز مفاتن المرأة، والثقافة هنا تلعب دورا في نظرتنا للأمور، فالمرأة التي تعيش في بيئة محافظة سترى الأمر مختلفا عن المرأة التي تعيش في بيئة منفتحة.
إذن القضية ليست laquo;سؤال مفخخraquo; ولا هي تغرير بالعالم المستفتى، بقدر ما هي شهوة laquo;الفتوىraquo; لدى بعض علماء الدين، الذين من المفترض ألا يفتوا في أشياء لم يروها، وإن أدى الأمر لتغييرهم وإحضار عالم آخر ليظهر بدلا عنهم في القناة بعشرة آلاف دولار على الحلقة.
أقول هذا: دفاعا عن المجتمع، فإن يغرر بعلماء الدين كما يغرر بشباب وفتيات ورجال ونساء المجتمع أمر محبط تماما.