سمير منصور

لعل أخطر ما ورد في الخطاب الأخير للأمين العام لـquot;حزب اللهquot; السيد حسن نصرالله كان الربط بين الاختراقات الاسرائيلية لشبكة الاتصالات quot;ألفاquot; والقرار الظني المتوقع صدوره عن المحكمة الدولية في قضية اغتيال الرئيس رفيق الحريري ورفاقه، وحديثه عن معلومات استقاها quot;من مسؤولين سياسيين وأمنيينquot; حول الإعداد لمشروع قرار بحق أفراد من quot;حزب اللهquot; متخذ مسبقاً وquot;يبشرونquot; به بهدف إثارة الفتنة في لبنان. وأول من quot;بشّرquot; به كان رئيس أركان الجيش الاسرائيلي غابي اشكينازي إذ تحدث عن quot;توترات في لبنان في ايلولquot; ربطاً باحتمال صدور القرار بدءاً من هذا الشهر.
ولا يختلف اثنان على أن لبنان بأسره مستهدف بهذه الفتنة كما قال السيد نصرالله، وليس quot;حزب اللهquot; وحده، وأنها مشروع اسرائيلي المنشأ، تماماً كما هي التسريبات العشوائية الهادفة إلى إثارة الفتنة، قبل صدور أي قرار عن المحكمة الدولية.
وكان لافتاً أن السيد نصر الله بدا جازماً وشبه متأكد من مضمون القرار المحتمل، مع الإشارة الى ان من استُمع الى افاداتهم من افراد quot;حزب اللهquot; شأنهم شأن كثيرين من مشارب سياسية متعددة، كانوا بصفة شهود لا متهمين.
ولئن تكن هذه التسريبات قد بدأت قبل مدة غير قصيرة، فإن اللهجة الجازمة للسيد نصرالله وكأن المضمون بات أكيداً، جعلت الأمور تبلغ منحى دقيقاً وتتطلب أقصى درجات العناية والإهتمام والمعالجة من الجميع دون استثناء. ومن السذاجة الاعتقاد ان احداً يمكن ان يبقى في منأى عن التداعيات الكارثية لأي مشروع فتنة، اي عملياً للخراب في لبنان، فلا مجال للتذاكي ومحاولات صب الزيت على النار، ولا لاعتقاد بعض السذّج انه يمكنهم ان يستقووا على quot;حساب غيرهمquot; وعلى أنقاض سلامة البلاد والعباد وأمنهم.
وإذا كان الجواب عن سؤال طرحه الامين العام لـquot;حزب اللهquot; حول ما اذا كان فرع المعلومات في قوى الأمن الداخلي على علم بارتباط أحد المتورطين مع المخابرات الاسرائيلية quot;شربل ق.quot; ومفاده انه (فرع المعلومات) وضعه منذ مدة تحت المراقبة والمتابعة الدقيقة وانه طلب من وزارة الداخلية الحصول على إذن من وزارة الاتصالات بالاطلاع على المعطيات quot;داتاquot; وانه فور تقديم طلب الاذن بادرت مخابرات الجيش الى توقيف quot;شربل ق.quot; وباشرت التحقيق معه (quot;النهارquot; أمس السبت)، اذا كان هذا الجواب مقنعاً، فذلك يعني ان السؤال الكبير الذي طرحه quot;السيّدquot; قد تم تجاوزه. وفي النهاية ليس مهماً من يكشف عميلاً للعدو، بل المهم النتائج قطعاً للطريق على مخططات اسرائيلية جهنمية يبدو واضحاً انها لم تهدأ منذ ما قبل العدوان الاسرائيلي الواسع على لبنان صيف 2006.
ويبقى الأهم التفاهم على كيفية التصدي لمشاريع الفتنة، والتوصل الى فهم مشترك لطريقة التعامل مع المحكمة الدولية التي اقرت بالاجماع على طاولة الحوار الوطني واصبحت في عهدة الأمم المتحدة. وأما صفة الاتهام السياسي فيمكن ان تنسحب على كل الاتجاهات قبل صدور قرار رسمي عن المحكمة.
وإذا كان بعض المتورطين في التعامل مع المخابرات الاسرائيلية قد اعترفوا بأن دورهم كان التحريض على صدامات مسلحة بين quot;حزب اللهquot; وحركة quot;أملquot; في الجنوب ودائماً بإيعاز اسرائيلي مباشر، فإن آخرين كهؤلاء اعترفوا بأن دورهم كان التحريض على الفتنة الطائفية والمذهبية في العاصمة وسائر المناطق وافتعال احتكاكات وصدامات. ومن الضروري الاستفادة من تلك التجربة التي اشار اليها السيد نصرالله وآخرون.
وعلى سبيل المثال، ماذا لو quot;رُكّبquot; سيناريو منتحل صفة حزبية ما، متورط مع المخابرات الاسرائيلية؟ كيف يمكن التعامل معه؟
سؤال يستحق التوقف عنده لمواجهة تحديات مشاريع الفتنة التي يشتغل عليها الاسرائيليون بلا كلل. ويبقى الأهم، اضافة الى التوصل الى فهم مشترك لكيفية التعاطي مع المحكمة الدولية وما اذا كنا لا نزال نريدها، التوصل الى فهم مشترك لكيفية التمييز بين ما هو مسيّس وما هو حقيقي.
هنا تكمن العقدة التي تتطلب تضافر جهود الجميع جدياً وإلى أقصى الحدود...
هكذا فقط يطمئن البلد، وهكذا يبقى quot;سيّد المقاومةquot; كما درجت العادة، سيّد الضمانات ومصدر الطمأنينة للجميع!