سمير عطا الله

في دراسة لمجموعة من خبراء جامعة أكسفورد أن 410 ملايين هندي يعيشون تحت خط الفقر (1.25 دولار في اليوم). لكي نعرف ماذا يعني ذلك، فلنجرب أن نرى ماذا يمكن أن يشتري لنا دولار واحد من رف في السوبر ماركت، أو من رف خضار عند البقال. هذا المستوى من العيش هو أدنى مما هو عليه في 26 بلدا أفريقيا، بينها جمهورية الكونغو الديمقراطية، وأرجو من جنابكم ألا تغفلوا إطلاقا الإشارة إلى laquo;الديمقراطيةraquo; كلما جاء ذكر الكونغو، ذلك البلد الذي تحل عليه لعنة الحرب منذ 50 عاما.

ينمو الاقتصاد الهندي على نحو غير متساو. ودراسة أكسفورد تقول إن أرقام البنك الدولي حول الفقر في العالم ليست دقيقة إطلاقا، وإن هناك فقرا أكثر مما أورد، في تركيا وباكستان ومصر والمغرب. هل السبب عدد السكان؟ لا. الفقر أقل في الصين، والغنى أوفر وأعم بكثير. وفي هذه الدولة laquo;الشيوعيةraquo; استقطب مصرف زراعي أكبر كمية من الاكتتاب المالي في تاريخ العالم.

تتغير خريطة الفقر والثروة على نحو جذري. البرازيل عملاق آخر ينهض في دنيا الصناعة والثروات الطبيعية، لكن الفقر لا يزال في نسبة الهند. البلدان الخالية تقريبا من الفقر هي بلدان الإدارة والكفاءة والاستقرار والحد الأدنى من الفساد: سنغافورة الصغيرة، وكندا الممتدة على ثاني أكبر مساحة في العالم. في الأزمة المصرفية التي هزت الدنيا تبين أن البنوك الكندية هي الأكثر متانة، لأنها لم تنجرف إلى المضاربات، التي أغرت حتى المصارف السويسرية الأكثر محافظة.

دائما يخطر لنا في هذا المجال laquo;البنك العربيraquo;، وتقاليد عائلة شومان المؤسسة، والبنك الوطني الكويتي، وأداء إبراهيم دبدوب. وإذا كان من شهادة شخصية في الرجل، فهو أنه، رغم الصداقة التي تربطني به، اعتذر عن عدم قبول طلب لقرض تقدمت به لرهن عقاري في لندن. وكان العقار صغيرا والقرض قليلا، ومع ذلك كان الجواب أن صاحب الطلب لا يستوفي الشروط. وربما أكون قد تضايقت كثيرا، ولكن من قصوري لا من قوانين إبراهيم دبدوب.

ووقع البنك الوطني، فيمن وقع، في شباك المحتال التاريخي laquo;مادوفraquo;. لكن ما إن أحيل هذا إلى المحاكمة حتى أعلن البنك أنه سوف يرد كل الأموال التي وضعها مودعوه مع مادوف. وربما كان البنك الوحيد في العالم الذي فعل ذلك.

أي نوع من المقالات هذا؟ بدأنا في ما هو تحت الفقر، وانتهينا إلى ما هو فوق الغنى. ولكن هل هناك حقا ما هو فوق الغنى؟ ربما. إنه الاستغناء، وهو ليس من طبع البشر.