خليل علي حيدر

توفي الزعيم التركي مصطفى كمال أتاتورك عام 1938، قبل اشتعال الحرب العالمية الثانية بسنة!
وكانت بريطانياً قد بذلت جهوداً كبيرة لربط تركيا بالعالم الغربي أو تحييدها في الحرب القادمة التي كانت كل البوادر تنذر بنشوبها قريباً. وشملت هذه الجهود البريطانية تقديم القروض إلى تركيا وعقد ميثاق سعد آباد عام 1937 بين تركيا والعراق وإيران وافغانستان، وكلها دول كان التعاطف فيها مع ألمانيا النازية قوياً.
وفي الحرب العالمية اتسم الموقف التركي بالتذبذب، وكانت تركيا قد اختارت الحياد. فعندما أحرز الألمان انتصاراتهم الأولى في بداية الحرب وسيطروا على أوروبا الغربية ويوغسلافيا واليونان، وارتبطت حكومات بلغاريا ورومانيا وهنغاريا بخطط هتلر التوسعية، وقعت تركيا معاهدة صداقة مع المانيا، وذلك بالرغم من اتفاقياتها قبل الحرب مع بريطانيا وفرنسا، والتي تنازلت لها فرنسا بموجبها عن لواء الاسكندرونة عام 1939، وكان اللواء جزءاً من سوريا بموجب الاتفاقية التركية ndash; الفرنسية عام 1921.
وعندما هاجمت ألمانيا الاتحاد السوفيتي في يونيو 1941، اعلنت تركيا حيادها في الحرب، ولكن الحياد المعلن، يقول المؤرخون، لم يمنعها من تحويل البلاد إلى حليفة غير محاربة لألمانيا.
وانتهكت تركيا بنود laquo;معاهدة المضايقraquo; مرات عديدة خلال سنوات الحرب عندما سمحت للسفن والبارجات الحربية الألمانية والإيطالية عبور المضايق، وزادت الصادرات التركية إلى ألمانيا خلال السنوات الأولى للحرب، حيث كان نصف الصادرات التركية يذهب إلى ألمانيا.
وتم تحويل اقتصاد تركيا إلى اقتصاد حرب، كما تسبب ابقاء جيش تركي قوامه مليون شخص تحت السلاح في انفاق هائل. وكانت تركيا تعاني من نقص المواد الغذائية وغلاء فاحش في أسعار السلع.
وقد عمدت الحكومة إلى مصادرة الحبوب بأثمان منخفضة، وسنت الحكومة قوانين تحد من الحريات وتعطي الشرطة صلاحيات واسعة، واعلنت الاحكام العرفية في بعض الولايات.
ويقول د.عبدالجبار غفور في كتاب عن تركيا المعاصرة، صدر عن جامعة الموصل 1988، ان الكثير من الضباط الاتراك ابدوا اعجابهم بالعسكرتاريا الألمانية بعد الانتصارات الأولى لألمانيا الهتلرية، وانتعشت الآمال لدى laquo;الطورانيينraquo;، وهم القوميون المطالبون بتوحيد كل الشعوب التركية، فهؤلاء كذلك كانوا يحلمون بإقامة امبراطورية تركية واسعة تضم كل شعوب المجموعة التركية.. وذلك بمساعدة المانيا الهتلرية.
لذلك بدأت حملات إعلامية تطالب بدخول الحرب إلى جانب ألمانيا وايطاليا واليابان، ولكن الهزائم الألمانية المتلاحقة وحدها، يضيف المؤرخ، انقذت تركيا من الوقوع في مثل هذه الهاوية، وعندما تأكد للأتراك هزيمة ألمانيا، غيروا موقفهم منها وأخذوا يشنون عليها الحملات وقطعوا معها العلاقات الدبلوماسية في 2 أغسطس 1944.
وكانت إنجلترا والولايات المتحدة الأمريكية، يقول د. غفور، قد افردت مكانة متميزة لتركيا في فترة ما بعد الحرب، حيث جرى في نهاية عام 1943 لقاء بين روزفلت وتشرشل وإينونو ndash; رئيس تركيا بعد أتاتورك عقد في القاهرة، نوقشت فيه مشاركة تركيا في الحرب، ولكن تحرر شعوب البلقان من الاحتلال الهتلري افشل هذا المشروع laquo;وبهدف انقاذ تركيا من العزلة الخارجية وجعلها دولة عضواً في الأمم المتحدة، طلبت الولايات المتحدة وانجلترا منها إعلان الحرب على المانيا، وقد أعلنت تركيا في فبراير 1945 حرباً شكلية على ألمانيا واليابانraquo;.