يوسف الكويليت
رد الفعل على تنظيم الفتوى من أطراف نافذة على المستوى الديني والاجتماعي كان مهماً وإيجابياً، لأنه بانتشار وسائل التواصل، جاءت الآراء حول أي نطق ديني، إما يواجه بنقيضه شرعاً وفكراً، من خلال تحليل موضوعي، أو يأتي آخر بإضافة رأي متشدد قد يناقض حتى صاحب الرأي، وثالث يصل بسخريته إلى التقليل من شخصية المفتي أو أفكاره، وفي هذه الأجواء، نمت تفاعلات ألغت المرجعية الشرعية. ولعل من يقول بأنه لا بد من توسيع دائرة هيئة كبار العلماء وإدخال أصحاب المذاهب، وعدم قصرها على فئة معينة، يجعل الإفتاء أكثر تداولاً لاستيعاب أي طرح شرعي، منطق سليم وموضوعي..
القضية الأخرى خطب المساجد أيام الجمعة، فقد ظلت الأفكار والمحاور هي ذاتها قبل عدة عقود، في حين أصبحت هموم المجتمع كبيرة ومعاصرة، أي أن المؤثر الخارجي، لا يقل عن الداخلي اجتماعياً وسلوكياً ونفسياً، إذن يجب أن تتبدل الأنماط والأفكار بحيث تصل بما هو ديني بالهم اليومي عندما نعيش متغيرات أصبحت تدخل في بنيته الثقافة العامة وحتى الدينية..
صحيح أن طاعة الوالدين، وحسن التعامل مع الجار، والتركيز على التقوى، من الأمور التي ظلت تعميماً عاماً ومركزاً على هذه الخطب، إلا أن مواجهة التشدد والإنفلات الأخلاقي، والفقر، والعنوسة، والمبالغة في الاحتفالات وسيادة روح القبيلة والمناطقية، وأسباب الطلاق، والفردية التي بدأت تظهر، وتقصير الموظف في أمانة العمل، هي رموز صغيرة لما يجب أن تتضمنه خطب الجمعة، أو الوعظ، لا أن نركز على شريحة معينة أو يطغى التطرف بأن كل العلوم خارج الشريعة، هي علوم أرضية لا أخروية، وننسى أن مهندس الكهرباء، والطبيب والممرض ومن يقفون على مراكز التحليل والتطوير هم جزء من بنية مجتمعنا الديني، وأكثر تماسكاً مع عقيدتهم من غيرهم..
نعم لاحترام المؤسسة الشرعية، ونعم أيضاً لتنظيم حلقاتها وإدراكها مسؤولياتها، خاصة ونحن نعيش مرحلة تتفاوت فيها الطبقات والمعارف والمؤثرات الخارجية التي حولت العالم إلى غرفة واحدة، في الوقت لا بد من تنظيم آليات هذا العمل بحيث يكون الاجتهاد مفتوحاً، لأن معارف العصر التي لم تشهدها قرون الماضي، لا يمكن عزلها عن الإنسان المتفاعل مع بيئته، ولا يمكن غلق الأبواب على مكاسب التقنية العصرية، لكن تهذيب مسلكياتها، هو الدافع لأن تقارب وتتفاعل الإدارات الدينية مع كافة أطياف المجتمع، وخاصة العنصر الشاب الذي أصبح وريث هذه المنجزات العلمية والمتفاعل معها، حتى نصل بتمازجنا إلى موقف غير متعارض من كل الفئات وطبيعة متغيراتها..
التعليقات