سعد الحميدين

الأمر الملكي الكريم الذي يقضي بتحديد مسؤولية الفتوى في هيئة كبار العلماء جاء في وقته المناسب والذي حتمت الحاجة وجوده لما كان من تعدد الفتاوى التي توالت تحرّم وتحلل من قبل من يرون في أنفسهم أنهم أهل لمثل ذلك ، سواء كان ذلك بحسن نية أو لغرض في بعض النفوس التي مهدت لمساحات من التفسح في أمور ليس لها مايبررها في حياة الناس الخاصة بله العامة أيضا ، فكان التشتت في ممارسة بعض الأمور الحياتية التي يكتنفها الغموض مما دخل بعض المسائل الدينية التي تحتاج إلى دراسة ورؤية ، والأخذ بجميع الأوجه والمذاهب ومن ثم وضع الحل في الفتوى المناسبة المستمدة من كتاب الله وسنة رسوله عليه الصلاة والسلام لكي لا تكون هناك مسائل غامضة وغير معروفة ربما توجه إلى الفتن والزوابع والنوازع وعدم الاستقرار.

كما استغلها المغرضون والمنتمون إلى منظمات إرهابية دافعها تقويض كيان الأمة متذرعين ومتكئين على من يدّعون العلم والمعرفة في الأمور الدينية وهم في المستوى المتدني من المعرفة والتعمق في الثقافة الدينية والمعرفية وفي الحياة العامة وإنما يمتصون ببلادة كل مقولة من شأنها أن تسير في ركب من يوجهونهم نحو مستقبل مظلم تقود إليه الأحقاد والدسائس من أجل خدمة أيديولوجية ما.

وقد عانت الكثير من الأمم من مثل هذه المؤامرات والدسائس التي تكون موجهة للهدم وليس البناء.

فكان لابد من تحديد لمسؤولية الفتوى في الأمور الدينية بحيث تكون من شأن من يقوم بها خير قيام بشهادة رجال الدين والمسؤولين الثقاة الذين يراعون الله في تصرفاتهم كافة وهم مؤتمنون على توجيه المجتمع لما فيه صالحه ، فصلاح الأمة هو المنشود دائما تحت راية الإسلام دين هذه الأمة ودستورها القرآن كتاب الله الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه ..

وقد كان للقرار الحكيم الذي وجِّه من قبل ملك الإصلاح خادم الحرمين الشريفين صداه الطيب في نفوس المواطين وكل من يريد الخير للوطن وللأمة الإسلامية ، فهو وإن كان قرارا داخليا فإن نتائجه ومراميه ستكون لها انعكاساتها الإيجابية في سائر المعمورة التي تدين بالإسلام لأنه خارج من جوار بيت الله الحرام قبلة المسلمين جميعا.

قرارات حكيمة تتابعت في هذا العهد الزاهر عهد الإصلاح والتنوير بقيادة الملك المهتم بالإصلاح الداخلي كهمّ أولي قرنه بمجهود من شأنه التقارب والتسامح وتوحيد وربط مصير الأمة العربية ، وقد كانت الجولة العربية ماقبل الشهر الفضيل منارة شاهقة مرشدة الى مرفأ الأمن العربي الذي يعمل عبدالله بن عبدالعزيز من أجله دوما، وهذا هو المعروف عنه عمليا بما قدم من مبادرات في سبيل الأمة العربية من شأنها الرفعة لهذه الأمة بين دول المنظومة الدولية .

قرار الفتوى وتحديد الجهة المسؤولة عنها هو قرار يتوج القرارات الملكية التي سبقت وجميعها تعمل من أجل إسعاد الوطن والمواطنين والأمة العربية والإسلامية ، وقد تأتت من واقع المسؤولية لرجل المسؤولية العامل بإخلاص دوماً .