هشام الزياني


ربما كان هناك ضغط كبير بعض الشيء على وزارة الداخلية من الصحافة ومن المجتمع البحريني‮ ‬بعد أن تمادت آلة الحرق والقتل حتى وصلت إلى أماكن ومدن ومناطق كادت معها أن تشعل فتنة أهلية‮.‬
أنا من الذين كتب ربما بقوة منتقداً‮ ‬بعض إجراءات وزارة الداخلية فيما سبق وأن الداخلية تتهاون وتتسامح أكثر من اللازم مع من‮ ‬يحرق ويقتل،‮ ‬وأعرف أن الإخوة في‮ ‬الداخلية‮ (‬زعلوا منا‮) ‬لكن‮ ‬يعلم الله أننا ننقل إحساس الشارع،‮ ‬وننقل ما نعايشه ونراه‮.‬
يحسب للفاضل وزير الداخلية الشيخ راشد بن عبدالله آل خليفة أنه‮ ‬يغلب الحكمة والعقل،‮ ‬ويجنح للمعالجة المجتمعية البعيدة المدى وهذا منهجه منذ أن شغل منصبه،‮ ‬ويحسب له أنه‮ ‬يرى أن كل أبناء البحرين هم أبناؤه،‮ ‬ولا‮ ‬يقبل أن‮ ‬يصيبهم أذى‮.‬
إلا من رمى نفسه في‮ ‬التهلكة،‮ ‬وصار آلة للحرق والاعتداء على الآخرين،‮ ‬فإن القانون هو الحكم‮.‬
كنت أقول دوماً‮ ‬ماذا بعد اجتماع وزير الداخلية بالفعاليات المجتمعية والأعيان ورجال القرى الذي‮ ‬كان‮ ‬يتم بين فترة أخرى وكان الوزير‮ ‬يحرص عليه‮..‬؟
هل حدث تغيير في‮ ‬الوضع على الأرض بعد أن أسمعوا وزير الداخلية كلاماً‮ ‬طيباً‮..‬؟
لكن الأمر على الأرض لم‮ ‬يتغير‮..‬؟
كان البعض‮ ‬يسمع الوزير كلاماً،‮ ‬لكن الفعل بعد ذلك لا‮ ‬يحضر‮.‬
كان تصريح الوزير أمس الأول،‮ ‬مؤلماً‮ ‬بعض الشيء،‮ ‬ذلك أن من تم العفو عنهم بإرادة ملكية عادوا لممارسة ذات العمل،‮ ‬وقبض عليهم متلبسين بالجرم،‮ ‬فماذا‮ ‬يعني‮ ‬ذلك؟
هل أن البعض لم‮ ‬يعن مرامي‮ ‬ومقاصد العفو الملكي؟
أحسب أن مثل تصريح الوزير نحتاجه اليوم،‮ ‬وهو الذي‮ ‬قال‮: ''‬سوف نحاسب على الصغيرة قبل الكبيرة‮''.‬
فقد عاثت أيادي‮ ‬المفسدين حرقاً‮ ‬وقتلاً،‮ ‬أن من‮ ‬يرفض العنف لم‮ ‬ينطق بكلمة إزاء ما بثه تلفزيون البحرين من مشاهد تظهر كيف‮ ‬يتم إلقاء القنابل الحارقة بشكل عشوائي‮ ‬على المارة في‮ ‬الشارع،‮ ‬بالله عليكم من الذي‮ ‬يمر بالشارع‮..‬؟
أسرنا وأسركم،‮ ‬أهلنا وأهلكم،‮ ‬فإن أحرقت القنابل أسرتك ما هو موقفك من الإرهاب والحرق واستهداف الناس،‮ ‬واستباحة الدماء‮..‬؟
لا أحد هنا‮ ‬يرمي‮ ‬التهم جزافاً،‮ ‬ولا نريد أن نسمع كلمة طائفة،‮ ‬إنهم جماعات محرضة وجماعات إرهابية،‮ ‬هؤلاء من‮ ‬يجب أن ندين،‮ ‬لا أحد‮ ‬يمس الناس المسالمين باتهامات باطلة،‮ ‬فالإرهاب لا دين ولا مذهب له‮.‬
على من‮ ‬يريدون إشعال فتنة تمس الطائفة‮ (‬خطباء أو كتاب‮) ‬أن‮ ‬يكفوا عن اللعب بالألفاظ،‮ ‬والمسميات،‮ ‬وإثارة عواطف البسطاء،‮ ‬إن الأصل أن الجميع هنا شركاء لنا،‮ ‬ونحن شركاء لهم في‮ ‬الدين والوطن إلا من وضع نفسه موضع الاتهام،‮ ‬أكان من السنة أم من الشيعة،‮ ‬فإن أمن والدولة المجتمع لا‮ ‬يمس من أي‮ ‬جهة كانت‮.‬
قانون الإرهاب أول ما طبق،‮ ‬طبق على أهل السنة والجماعة،‮ ‬وتمت محاكمة أشخاص بنية العمل،‮ ‬بينما لم‮ ‬يحدث لدينا أي‮ ‬عمل إرهابي‮ ‬قاعدي‮ ‬مثلاً،‮ ‬إلا أن أمن الناس والمجتمع استوجب اتخاذ إجراءات ضد من عليه ملاحظات‮.‬
كان أهل السنة هم أول من طبق عليهم قانون الإرهاب،‮ ‬فهل استهدفت الدولة طائفة حين حاكمت المتهمين السنة بقانون الإرهاب‮ (‬فقط بنية العمل‮) ‬وحاكمت من قام بالقتل والإرهاب بالقانون الجنائي‮ ‬المدني‮ ‬في‮ ‬مفارقة‮ ‬غريبة عجيبة‮.‬
لم‮ ‬يخرج أحد ليقول إن الدولة تستهدف السنة بقانون الإرهاب الذي‮ ‬طبق عليهم دون‮ ‬غيرهم‮.‬
لكن من‮ ‬يريد تحويل الأنظار عن حفظ أمن المجتمع بأسره أخذ‮ ‬يتلاعب بالألفاظ،‮ ‬وأخذ‮ ‬يستخدم أسالب خبيثة‮ ‬يريد أن‮ ‬يصور أن الحزم بقوة القانون كان ضد طائفة وهذا كذب وتدليس نعرفه نحن من نعايش الوضع وننتقل من مكان إلى آخر كل‮ ‬يوم هنا في‮ ‬البحرين‮.‬
حقيقة نشكر وزير الداخلية على سعة صدره حين كنا نكتب وننتقد عدم اتخاذ إجراءات أقوى لحماية الناس‮ (‬فأنت تعلم مالا نعلمه‮) ‬ونشكره على حلمه وطيبة قلبه،‮ ‬وحبه لأبناء شعبه جميعهم‮.‬
اليوم نشكره على أنه وبتوجيهات القيادة أخذ الحزم بقوة القانون حتى لا تشتعل فتنة أهلية،‮ ‬فتظهر لنا جماعات أخرى تريد أن تحارب من‮ ‬يحرق في‮ ‬مناطقها،‮ ‬وندخل نفقاً‮ ‬مظلماً‮ ‬لا نعرف نهايته