إذاً من أين جاءت هذه الأفكار والخلايا؟

علي سعد الموسى
الوطن السعودية
حين سئل معالي وزير الشؤون الإسلامية في الزميلة الشرق الأوسط عما إذا كانت الوزارة قد ضبطت أياً من المنسوبين إليها، وعاظاً كانوا أو خطباء، في دفاتر الغلو والتحريض على الأفكار المتشددة، أجاب معاليه إجابة
حين سئل معالي وزير الشؤون الإسلامية في الزميلة الشرق الأوسط عما إذا كانت الوزارة قد ضبطت أياً من المنسوبين إليها، وعاظاً كانوا أو خطباء، في دفاتر الغلو والتحريض على الأفكار المتشددة، أجاب معاليه إجابة حاسمة لم تحتمل أكثر من ثلاث كلمات: لم تسجل لدينا حالة. وبالطبع هي أسئلة وأجوبة النفي التي نسمعها من كل مكان، من الجامعات التي تنفي بشدة تورط منسوبيها، أساتذة وطلاباً، في مسائل الغلو. من وزارة التربية والتعليم التي ترفض اتهامها، منهجاً أو طلاباً في خلايا الإرهاب. من هيئة الأمر بالمعروف، مثلما يأتي النفي من جمعيات تحفيظ القرآن والجمعيات الأهلية الخيرية. كل حدب وصوب، كل منظمة أو هيئة أو وزارة تنفي تغلغل هذه الأفكار وترمي بتهمتها على المروجين والمرجفين الذين يحاولون إلصاق هذه التهمة.
السؤال: إذا ما استمرأنا أسطوانة النفي فمن أين جاءت كل هذه الأفكار المشوشة التي ضربت مجتمعنا وكيف نفسر منابع هذه الظاهرة؟ إذا كانت كل قرية وكل حي وكل مدرسة تعرف على الأقل اسماً من حولها دار في فلك هذه الشبهة، فكيف ومن أين وصلت هذه الأسماء وكيف اخترقتنا هذه الأفكار المميتة؟ إذا كان البلد يعج بلجان المناصحة وكانت منابره تحاول تصحيح هذه الأفكار فمن يصححون وأي أفكار يحاربون إذا كان الجميع ينفي وجود الخلل في مكانه؟ إذا كانت المدارس والجامعات والمناهج تخضع لبرامج توعية وتصحيح مفاهيم فلماذا هذه التوعية ولمن يكون هذا التصحيح إذا كان الجميع شاشة نظيفة بيضاء من هذه الأفكار ومن الاتهامات بتلك الشبه؟ إذا كان الإعلام يعج بهذا الحراك فمن أين جاءت قوائم المطلوبين أمنياً ولمن فتحت محاضر التحقيق ولأجل من كان الانشغال الوطني بملاحقة هذه الخلايا؟ هؤلاء لم ينزلوا الأرض على أطباق طائرة.
الفتوى.. على الصراط المستقيم..!
سعد بن عبدالقادر القويعي
الجزيرة السعودية
خرجت للتوِّ من خطبة الجمعة، وقد علمت أن خطباء الجوامع في المملكة، ضمنوا خطبهم لهذا اليوم العاشر، من شهر رمضان -المبارك-، ما جاء في الأمر الملكي، الموجه إلى مفتي عام المملكة، بشأن قصر الفتوى على أعضاء هيئة كبار العلماء...
... ومن يؤذن لهم في القضايا العامة. فشكلت هذه الخطوة منعطفاً هاماً؛ لتحسم جدلاً عريضاً، وتغلق باباً كبيراً، أمام ثوابت هذه الأمة. -لاسيما- وقد تصدى للفتوى في الآونة الأخيرة، من لم تتحقق فيه شروط المفتي، وصفاته، وآدابه. واجترؤوا على فتاوى العلماء الربانين. بعد أن وصفوهم بالجمود، والتشدد في الفتوى. فكان أثم هذه الفتاوى أكبر من نفعها، ومفاسدها أكثر من مصالحها، فحصل بسببها البلاء، والانحراف عن الصراط المستقيم.
الفتوى، هي توقيع عن رب العالمين، وهي ميزان الشريعة في المجتمع، لها أثر كبير في بيان حقائق الإسلام، وتفنيد أباطيل خصومه. والمفتي، هو العالم بالمسألة التي يفتي فيها، تأسيساً لا تقليداً، بمقتضى الكتاب والسنة والإجماع والقياس. فهؤلاء هم ورثة الأنبياء، وصفوة الأصفياء.
وإذا كان السلف -رحمهم الله- قد تدافعوا الفتوى، فيحيلها كل منهم على صاحبه؛ طلباً للسلامة، والخلاص من تبعاتها. فإننا قد ابتلينا ببعض من تصدى للفتوى، وهو ليس أهلاً لها، من الذين أغفلوا الرجوع إلى فتاوى الراسخين من أهل العلم، وشذوا عن أقوالهم. بل قالوا أقوالاً، لم يسبق إليهم أحد في مسائل العلم، وعارية عن الدليل الصحيح المعتبر؛ -وبالتالي- ابتعدوا عن منهج الوسطية، المبني على الكتاب والسنة، حين خضعوا للرأي العام، وساروا مع عواطف الجمهور. وسلكوا أحد طريقين: إما التشدد، وإما التساهل. فانفردوا في نوازل هامة، تخص قضايا المجتمع العام، وتتصف بطابع العموم، وهي التي تتطلب اجتهاداً جماعياً.
إن هيئة كبار العلماء في المملكة هيئة شرعية، ومؤسسة اجتهادية جماعية، تحظى باحترام الجميع، وثقتهم. -سواء- داخل المملكة، أو خارجها؛ لتتولى مهامها بما يجب عليها، من مسؤولية شرعية ونظامية. وفتاواهم معبرة عن الحكم الشرعي، المستند إلى نصوص الكتاب وصحيح السنة. منتهجين في ذلك: منهج الوسطية والاعتدال، ومنهج التيسير ورفع الحرج. هذا، مع ما يتمتع به كبار علمائنا من سعة العلم، وإدراك الفهم، وقوة الاستدلال. إضافة إلى الفكر الثاقب، والعطاء النير، والإسهام العميق، تحت مظلة الإحاطة البينة بمقاصد الشريعة وضوابطها، وأصولها وقواعدها.