سمر المقرن
في الخبر الذي نشرته شبكة laquo;مصدرraquo; الإخبارية، عن توجيه معالي الرئيس العام لهيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، الشيخ عبدالعزيز الحمين، عن طريق برقية laquo;عاجلةraquo; إلى مراكز هيئات منطقة مكة المكرمة يطالبهم فيها بضرورة اقتحام المراكز العائلية والأسواق والاستيقاف والتصدي لكل ما أسماه معاليه laquo;مخالفات شرعيةraquo; التي يُمكن أن تشهدها تلك المواقع!
انتهى الخبر، وبقي لي قراءته من عدة جوانب، أولها: أننا جميعا نذكر ذلك الخطاب الصادر عن سمو أمير منطقة مكة المكرمة، خالد الفيصل ndash;أيده الله- والذي أكد فيه على ضرورة تقيد جهاز الهيئة بالتعليمات وعدم تجاوزها المواقع العائلية (إلا) بعد أخذ أذن مسبق من الإمارة، خصوصا وأن هذه laquo;الغاراتraquo; الجمسية (نسبة إلى جمس الهيئة الشهير) لم تسفر عن جرائم كبرى، فمعظم الموقوفين هم أزواج وعائلات وأهل!
إن هذا القرار العاجل فيه تعارض مع قرار إمارة مكة المكرمة، والتي تعتبر حسب النظام هي المرجعية لجهاز الهيئة. أضف إلى ذلك أن مثل هذه القرارات المتعارضة تُضعف الجهات التي صدر عنها مثل هذا القرار في عيون المواطن، فعدم المثول لتنفيذ الأنظمة يُصدر حالة من الإرباك، ولنتذكر جميعا ما حصل حينما صدر قرار عن وزارة العمل بتوظيف الفتيات في محلات الملابس النسائية، وما حدث بعد ذلك حينما تم كسر هذا القرار بالمطرقة والشاكوش، ما جعل وزارة العمل أقل الجهات هيبة في عيون المواطن، بل إن أي قرار يصدر عنها بعد ذلك كان ينظر له ndash;كثير- من المواطنين بعين التقليل، وهذا ما لا نتمنى حدوثه من جهات حكومية أخرى.
ومن جانب آخر، فإننا اعتدنا أن نرى (جدة) غير، حتى إن كثيرين ممن زاروا المنطقة للحج أو العمرة يتغنون بالحرية الشخصية ndash;المنضبطة- التي تنعم بها جدة أكثر من غيرها، وهذا يعود إلى نمط حياة طويل عاشه سكان المنطقة الغربية وتحديداً laquo;جدةraquo;، هذا النمط الذي يختلف كثيراً أو بعض الشيء عن نمط سكان المناطق والمحافظات الأخرى، لن أقوم بعمل سرد تاريخي للمنطقة؛ لأن مساحة هذا المقال لا تتسع، لكننا جميعا نعرف التركيبة السكانية المختلفة والثقافات الآتية من كل بقاع العالم، والتي منها تشكلت هوية المنطقة، وعليه -فكما هو معروف- فإن سكان المنطقة -وخصوصا (جدة)- لا يمكن أن يرضخوا لسلطة التفتيش والبحث داخل النوايا، أو النظر في العين إن كانت قد نظرت لمُحرم أم محلل، ومن ثم على صاحب النظرة أن يثبت أن النظرة (حلال) ويا ويله لو طلع (أحول) يبقى مجرم حتى تثبت براءته!
أعتقد أننا قد نضجنا بما فيه الكفاية، وخرجنا من خيامنا وصحرائنا وسواحلنا ودخلنا إلى منطقة الوسط حيث نلتقي كبشر مسؤولين عن أنفسنا وعن وطننا، لقد مللنا هذه الأحاديث المكررة، حتى مجالسنا ملت، لأننا بتنا ننظر لما هو أبعد وما هو أهم، ونعلم جميعا وصمة laquo;الإرهابraquo; التي خلقها التشدد، والذي جاء نتيجة فتاوى تحريم عباءة الكتف، والتركيز على فتاوى حف الحواجب!
لنتجاوز.. نعم لنتجاوز كل هذه المنغصات من أجل وطن أكثر جمالاً ووعياً، ولنبحث عما هو أهم، مع ضرورة أن يفتينا معالي رئيس الهيئة ndash;حفظه الله- بنوعية التجاوزات التي يريد أن يتجاوز من أجلها قرار حكومي، على أن يسميها مكتوبة، وليتها تنشر على صفحات الجرائد لنرتاح ونعرف ما لنا وما علينا، وتقبل الله مني ومنكم صالح الأعمال في هذا الشهر الكريم.
التعليقات