العقليات المتنازعة!
يوسف الكويليت
الرياض السعودية
هل بدأت حروب الأديان تأخذ اتجاهاً تصاعدياً؛ بحيث لم تقف عند الشعوب المتخلفة بل قفزت لأوروبا وأمريكا، وصار التشويه لنبيّ أو صاحب رسالة صفقة تجارية لأداة النشر والناشر، والكاتب؟ ولعل أكثر من تعرض للاستفزاز هم المسلمون الذين وضِعوا على لائحة الإرهاب بكليتهم، وليس بالنسبة البسيطة التي مارست الإرهاب واحتضنته وروجت له، ولم تستثن المسلمين أنفسهم من عواقب أعمالهم، هذه الحروب قد تتحول إلى كونية سواء بين الأديان السماوية ، أو أتباع الديانات الأخرى وإيقاظ الأرواح المتوحشة في الإنسان، فتحرج الديموقراطيات التي تسير بها الدول المتقدمة ، وتعزز دور الدكتاتوريات بما فيها مَن تحاول جعل الدين سلّماً للحكم وأهدافه..
كنيسة صغيرة في أمريكا تحاول إشعال فتنة جديدة عندما عزمت على تمزيق المصحف الكريم بمناسبة أحداث الحادي عشر من سبتمبر، وحاخام إسرائيلي يتمنى مرض الطاعون لإفناء الفلسطينيين! وهذا لا يعني أن الدول الإسلامية لم تُبتلَ بذات العناصر المتطرفة التي ترى في كل ما هو خارج الإسلام حلال الدم والمال، وحتى المسلمين الذين لا يسيرون في خطهم..
إيقاظ المشاعر بردات فعل سلبية سيجد مبدأ laquo;الجزاء من جنس العملraquo; أي اتخاذ نفس السلوك، وهو، إذا اتسع، لن تستطيع الحكومات، ردع المتسبب إذا ما خرج من العلن إلى العالم السفلي ينظم ويشرّع ويقتل ، أو يعتدي لتنفجر البراكين الساكنة على كل المسالمين والأبرياء..
الغرب لديه مقوّمات الردع العقلي في نظمه ودساتيره، وتقبُّل شعوبه حرية الفكر والرأي، لكن بدون تحريض أو تمييز ديني أو عنصري، خاصة إذا ماعلمنا أن تلك المجتمعات لديها جاليات كسبت مواطنتها وتدين بالإسلام، وما لم تراعِ مشاعرها فقد تحاول كسب حقها بالقوة وهو منطق يتعارض مع المساواة بين المواطنين بصرف النظر عن دياناتهم وأعراقهم..
حرية الرأي والكلمة وكفالة القانون لكل إنسان يُطلق وجهة نظره وفقاً لمعايير لا تضر بالآخر، تعد من لوازمه الثابتة في المجتمعات المتقدمة، لكن حين تخرج عن سياقها، والتعمد بسبّ نبي، أو هدم مسجد أو كنيسة أو كنيس ، أو تمزيق كتب مقدسة، سواء جاءت من قبل صاحب رأي أو دين، أو مؤسسة علمانية لادينية، فمثل هذا التصرف يستدعي الانتقام من الطرف الآخر، وخاصة حين تكون الأقلية في تلك المجتمعات هي المعنية بالإهانة، والمسألة لا تخضع لبلدان متقدمة ومتخلفة، بل الأولى تقع عليها المسؤولية الأدبية الأكبر لأنها تملك الحصانة العقلية وتتصرف وفقها، بينما المتخلفة تتحرك بمشاعرها وغرائزها، والنتيجة أن الاستفزاز - أياً كان مصدره - هو وقود النار، ومبعث العواصف المدمرة..
لا أحد يريد إعادة مآسي التاريخ أو تنمية العداوات من خلال أفق مغلق، لأن التعايش مبدأ واقعي ولذلك سُنّت القوانين والشرائع، وصارت الإنسانية أمراً جامعاً بين الأمم والشعوب دون سواتر، أو حواجز..
المهووسون في امريكا يستعدون لارتكاب جريمة حرق القرآن الكريم
طاهر العدوان
العرب اليوم الأردنية
يُقَدّم اعداء الاسلام وأنصار الصهيونية, في الولايات المتحدة الاعذار لردود فعلهم المشينة بالتذكير دائما بهجمات 11 سبتمبر التي تصادف بعد غد. فمن التظاهرات المتعصبة والحاقدة في شوارع نيويورك ضد مسجد قرطبة في حي منهاتن, الى المهووس الديني قِس فلوريدا الذي يعمل بمساعدة يهود وسياسيين امريكيين على القيام بحرق القرآن الكريم في ذكرى هذه الهجمات, هناك قاسم مشترك هو الزعم بان جريمة الهجوم على برجي التجارة ومقتل 3 آلاف امريكي يبرر لهم القيام بما يشاءون من افعال مخزية تمس عقيدة مليار ونصف المليار مسلم غالبيتهم العظمى تنتمي الى دول تعتبر صديقة للولايات المتحدة وساحة لمصالحها وتجارتها ومراكز قوتها في العالم.
هذه الافعال النكراء أبشع وأحقر من الارهاب, وهي في الوقت نفسه تُقّدم سلة من الاعذار للعمليات الارهابية وتُنَشّطها, لانه اذا كان هجوم واحد وسقوط عدة آلاف قليلة من الضحايا يُبرر للمتطرفين في الولايات المتحدة تخطي جميع الخطوط الحمر المتعلقة بدين سماوي يغطي معظم الكرة الارضية, فان (أعذار) الارهاب والعمليات الانتحارية من التنظيمات الاسلامية تصبح مفهومة كرد فعل على سياسات الدول الاستعمارية والامبريالية -على مدى قرون- وفي مقدمتها الولايات المتحدة, المسؤولة عن اغتصاب فلسطين وتشريد الملايين من شعبها وقتل مئات الآلاف. والمسؤولة عن تدمير واحتلال العراق وقتل مليون مواطن وتهجير 4 ملايين آخرين.
اضافة الى سجل دام طويل من الحروب والقتل والتدمير في افغانستان وباكستان عدا عن تاريخ حافل بالجرائم اثناء العهود الاستعمارية غطى 3 قارات كاملة.
في الواقع, ان موجة التطرف والكراهية العمياء للاسلام والمسلمين في شوارع نيويورك quot;ضد مسجد قرطبةquot; وفي فلوريدا quot;بالدعوة لحرق القرآن الكريمquot; لا يمكن اعتبارهما فقط مجرد احداث من فعل مهووسين, تحركهم جماعات اللوبي الصهيوني, هذا اللوبي الذي صَدََّر الى فلسطين مستوطنين قذرين مثل غولد شتاين الذي أحرق المسجد الاقصى وآخرين مثل جماعة كاهانا الذين يعملون ليل نهار لاقتحامه وتخريبه وتدميره.
انهم ابناء هذا الجو المسموم من المناخ العام في امريكا الذي بدأت ادارة بوش بتشكيله في عهد المحافظين الجدد مع مطلع هذا القرن, حيث نجحوا في تلويث الرأي العام الامريكي, الذي كان أبعد ما يكون عن التعصب. ان قِس فلوريدا ومتظاهري نيويورك لا يختلفون كثيرا عن جورج بوش الابن, الذي زعم انه يقود حربا مقدسة بوحي من الرب. كما انهم لا يختلفون عن دك تشيني التي كشفت الروايات الاخيرة انه كان يعمل من اجل استكمال احتلال العراق باحتلال سورية وضرب ايران وعدد آخر من الدول العربية, وكأننا امام فصل جديد من فصول حروب الفرنجة قبل 10 قرون من اجل استعمار المشرق العربي واذلال شعوبه.
لقد دفعت الولايات المتحدة ثمنا باهظا من رصيدها في العالمين العربي والاسلامي في عهد زمرة المحافظين الجدد ونتيجة غزوتيها غير المبررتين في العراق وافغانستان ومساندتها المطلقة والمنحازة لاحتلالات اسرائيل وجرائمها. ويبدو انها ستدفع اثمانا اخرى اذا ظلت السياسة الامريكية رهينة اللوبي الصهيوني واصدقائه في الكونغرس, القائمة على احتقار العرب والمسلمين وقضاياهم والاستهتار بدمائهم وكراماتهم ودياناتهم واوطانهم.
الإدانات لا تكفي من قبل الإدارة الامريكية لجريمة حرق القرآن الكريم (اذا ما حدثت) فالكلام الدبلوماسي المخادع الفارغ من المضمون, لن يخمد نيران الحقد والغضب في صدور مليار ونصف المليار مسلم. فهذه الحادثة تشكل جرس انذار لهذه الادارة لكي تراجع موقفها من الحملات الصهيونية واليمينية داخل الولايات المتحدة لزرع الكراهية والحقد ضد العرب والمسلمين, بمزاعم مواجهة الارهاب مع ان 90 بالمئة من ضحايا هذا الارهاب هم عرب ومسلمون
اذا لم تتصرف امريكا في الوقت المناسب لوقف هذا التَّغوُّل والتغلغل الصهيوني في وسائل الاعلام والسينما والكنائس في امريكا لبث الاضاليل والاكاذيب ضد الاسلام باسم محاربة الارهاب فان مستقبل العلاقات الامريكية - العربية سيكون كالحاً.
التعليقات