محمد الحربي


يوافق يوم غد الذكرى التاسعة لأحداث 11 سبتمبر، أو laquo;غزوة منهاتنraquo; كما يسميها laquo;القاعديونraquo; وأعوانهم، أكبر طعنة في خاصرة الإسلام في العصر الحديث.
ويوم غد اختبار حقيقي لإدارة الرئيس الأمريكي باراك أوباما وللشعب الأمريكي في ظل التهديدات التي ألمح بها القس الأمريكي تيري جونز، صاحب الدعوة إلى حرق القرآن الكريم تزامنا مع ذكرى أحداث 11 سبتمبر.
فهل سينفذ هذا القس المتطرف تهديداته ليفجر أزمة عالمية بين المسلمين في أنحاء العالم وأمريكا؟
أم أنه قد يتراجع عن حرق نسخ من المصحف الشريف، في الذكرى التاسعة لهجمات 11 من سبتمبر 2001 على الولايات المتحدة، حسبما صرح بأنه laquo;يدرس الخياراتraquo; بشأن دعوته، بعد تصاعد التحذيرات من خطورتها على أرواح الجنود الأمريكيين في أفغانستان؟.
يقول القس جونز راعي كنيسة laquo;دوف وورلد أوتريتشraquo; في جانسفيل في فلوريدا، في حديثه لشبكة CNN الأمريكية: laquo;إن كنيسته تنظر بجدية إلى تحذيرات قائد القوات الأمريكية في أفغانستان، الجنرال ديفيد بترايوس، الذي حذر من أن الإقدام على حرق المصحف في خطوة مثيرة لمشاعر الغضب لدى المسلمين من شأنها أن تزيد من المخاطر التي يواجهها الجنود الأمريكيون في أفغانستانraquo;.
وأضاف جونز الذي أدلى بتصريحات متناقضة تؤكد عزمه المضي قدما في مخططه: laquo;كنا قد اتخذنا قرارا حازما في هذا الأمر، ولكننا ندرس خياراتنا بجدية ونحاول أن نعرف التداعيات التي قد تقع والرسالة الحقيقية التي نريد إرسالهاraquo;.
وكان الجنرال ديفيد بترايوس قائد القوات الأمريكية وقوات حلف شمالي الأطلسي في أفغانستان عبر عن مخاوف من انعكاسات حرق المصحف على القوات الأمريكية في أفغانستان، واعتبر في مقابلة مع صحيفة laquo;وول ستريت جورنالraquo; الثلاثاء أنه في حال تم تنفيذ المشروع فإنه سيخدم مصالح حركة طالبان في أفغانستان، وأوضح أن الأمر سيهدد في الوقت نفسه حياة الجنود والجهود الدوليةraquo;.
لاحظوا أنه حتى تراجع القس جونز ــ إن تراجع ــ سيبنى على أساس laquo;الخوف من مشاعر المسلمينraquo; وليس laquo;الخوف على مشاعرهمraquo;.
جونز وحتى بترايوس والإدارة الأمريكية من حقهم أن يخافوا على حياة جنودهم في أفغانستان والمحافظة عليها، ولكن خانهم جميعا التعبير في laquo;صرف مجاملة مجانيةraquo; للمسلمين في أرجاء العالم تحترم مشاعرهم ولو مجاملة لمنع تفجر أزمة في وقت تتصاعد فيه أصوات شرفاء لإشاعة السلام العالمي، وعلى رأسهم الملك الإنسان محور التوازن الدولي الملك عبد الله بن عبد العزيز، الداعي للحوار بين أتباع الأديان وصاحب المبادرة العربية للسلام.
القس الأمريكي تيري جونز لا يختلف كثيرا عن أسامة بن لادن، ولا عن الدكتور أيمن الظواهري، ولا عن أبي مصعب الزرقاوي، ولا عن عن كل دعاة التطرف والإرهاب والقتل باسم الدين، جميعهم متطرفون إرهابيون قتلة لا علاقة لدعواتهم وأفعالهم بالدين لا من قريب ولا من بعيد، وجميعهم يخدمون أجندات خاصة لتحقيق مصالح خاصة يدفع ثمنها الأبرياء في العالم أجمع.
والمسلمون حتى الآن ما زالوا عاجزين عن الدفاع عن ثوابتهم وقناعاتهم من خلال الحوار العقلاني السلمي والثقافي باستخدام وسائل التقنية والإعلام والتسامح والتعايش الذي يعكس بجلاء نبذهم للتطرف والإرهاب بما يحسن صورتهم عالميا.
العقلاء من سياسيي أمريكا وصفوا تصريح القس جونز بأنه laquo;شائن وخطير وأحمق ومقيت ويتعارض مع القيم الأمريكية ويتعارض مع الطريقة التي ظهر بها المجتمع المدني في أمريكا وأنها فكرة مستفزة ومتعصبة وغير محترمة وأن مثل هذا العمل في حد ذاته مناهض لأمريكاraquo;.
فهل بعد هذا كله سيقدم جونز وكنيسته على حرق المصحف الشريف؟
وهل ستسمح له الحكومة الأمريكية بالإقدام على خطوته الحمقاء؟
وهل نحن أمام أزمة عالمية جديدة؟
وفي حال حدث ذلك، هل سيثبت المسلمون مجددا أن laquo;من يهن يسهل الهوان عليهraquo;؟.
إن غدا لناظره قريب laquo;بكره نقعد جنب الحيطه ونسمع الزيطهraquo;.