خلف الحربي
يقول قانون الجاذبية إن من يبصق باتجاه السماء تسقط بصقته على وجهه!، والإساءة الوقحة التي صدرت عن ياسر الحبيب بحق أم المؤمنين عائشة بنت أبي بكر ــ رضي الله عنها ــ تثبت للمرة المليون أن هذا الشخص سيئ الخلق وخبيث الطبع ومشحون بالكراهية، وأنا هنا لا أفترض فيه أن يؤمن بما يؤمن به أهل السنة والجماعة، فهو حر في ما يعتقده وحسابه عند ربه، ولكن استخدام هذه اللغة المنحطة في حق زوج رسول الله ــ صلى الله عليه وسلم ــ والتي توفيت قبل خمسة عشر قرنا هو سلوك يكشف عن عقدة نفسية ضخمة لا علاج لها.
وقد جاءت إدانة الشيخ حسن الصفار لهذا الفعل المشين في وقتها، صحيح أن العديد من المؤسسات والشخصيات الشيعية في مختلف أنحاء العالم قد أدانت ما صدر عن هذا المعتوه، وأكدت أن ما حدث في لندن لا يمثل الشيعة، ولكن تحرك الشيخ الصفار هو الذي يهمني كمواطن سعودي يرى الحرائق الطائفية تنتشر في كل مكان ويتمنى ألا تصل نيرانها الى بلاده، ومن الواجب على الإخوة الشيعة، خصوصا الكتاب والمثقفين ورجال الدين أن يتحلوا بشجاعة الشيخ الصفار في مواجهة المتعصبين المحسوبين على مذهبهم، فمن السهل على الإنسان أن ينتقد المتعصبين من خارج طائفته، ولكن التحدي الحقيقي يكمن في مواجهة رياح التعصب التي تخرج من الدائرة ذاتها.
وإذا كان العديد من المثقفين السنة قد تصدوا لمحاولات إشعال الفتنة الطائفية التي قام بها بعض المتعصبين الذين يشتركون معهم في المذهب، وصبروا على الكثير من الأذى والخصومة في سبيل الدفاع عن حقوق المواطنين الذين تضرروا من هذا التعصب، فإنهم يتوقعون موقفا مماثلا من المثقفين الشيعة، وليس ثمة حاجة للتأكيد على أن الكلمة التي تأتي من خارج الطائفة يقابلها العامة بالكثير من التشكيك بعكس الكلمة التي تأتي من الداخل، ومن المهم هنا التوضيح بأن الهدف ليس إعلان البراءة من شخص ما أو فكرة ما، بل بناء حالة من الممانعة الداخلية التي تحاصر أية محاولة لزرع الفتنة الطائفية وضرب الوحدة الوطنية، وإذا كان البعض يرى بأن هذه الإساءة صدرت عن شخص غير سعودي يقيم في لندن، وبالتالي لا حاجة لإدانته فإن هذه الحجة يبطلها كون المرجع الديني الشيعي الذي لم يقبل المثقفون السنة الإساءة اليه لم يكن سعوديا أيضا.
إن وجود قراءتين مختلفتين للتاريخ الإسلامي يعد أمرا طبيعيا جدا، فالاختلاف المذهبي نشأ أساسا عن أحداث تاريخية شهيرة ينظر إليها كل طرف من زاويته الخاصة، ولا أظن أن أي طرف مستعد للتخلي عن قراءته التاريخية لهذه الأحداث، ولكن الإساءة والشتم واللعن كلها أمور لا علاقة لها بالتاريخ، بل هي سلوكيات موتورة يقصد منها استفزاز الطرف الآخر وتعزيز حالة الاستقطاب الطائفي، لذا يكون التصدي لهذه السلوكيات المنحرفة واجبا دينيا وأخلاقيا ووطنيا لا مفر منه لصد رياح الفرقة والتناحر التي عصفت بالكثير من الدول المجاورة، ونسأل الله أن يبعد بلادنا عنها.
نعود إلى ياسر الحبيب لنقول إنه لا يوجد دليل على الحالة المزرية التي وصل إليها هذا المخبول أكبر من موقفه بعد وفاة العالم الشيعي الجليل محمد حسين فضل الله الذي كان يرفض سب الصحابة، حيث قال الحبيب لمن كانوا يسألونه عن فضل الله: (لا يجوز الترحم عليه والواجب على المؤمنين الدعاء بأن يحشره الله مع عائشة وأبو بكر وعمر)، فهل كان يدعو عليه.. أم يدعو له؟!.
التعليقات