حيدر محمد

بعد قرابة أسبوع (في هذه الزاوية) من النقاش في تطورات الأوضاع السياسية في البحرين، آمل أن يحصل التوافق على مَخرَج لهذه الأزمة من خلال صوت العقل والمنطق وتفعيل الحوار، لأن هذا البلد له تاريخ عريق من الثقافة والمعرفة، وله مساهمة حضارية متقدمة.

جمعينا متفقون أن هناك أزمة في البحرين، وأن هذه الأزمة نالت من سمعة البحرين على الصعيد الدولي، ولكن المهم البحث عن الضوء الذي ينعش الآمال عوض الانغماس في الأزمة فقط.

الوضع صعب حالياً، وربما الأكثر صعوبة منذ عشر سنوات، ولكن هذا لا يعني اليأس أبداً؛ لأن ثمة ضوء لا بد وأن يلوح في نهاية هذا النفق المظلم.

بعد أيام ستفتح الحملات الانتخابية أبوابها، وربما تكون الخيم الانتخابية فرصة للتنفس بعيداً عن التشنج والشعور بالكبت خلال الأسابيع الماضية.

وحتى نضمن مشاركة واسعة في الانتخابات لا بد من إشاعة جو من الثقة في المشهد السياسي حتى يذهب الناس إلى صناديق الاقتراع في أجواء من التفاؤل والأمل. فصحيح أن الانتخابات يمكن أن تجرى بمن حضر، ولكن هذا الأمر يفقدها طعمها الحقيقي.

أتمنى ألا يهيمن المشهد الأمني على العمل البرلماني، فهذا يعني تحويل المجلس لساحة من التوتر الكبير منذ البداية، ولا غالب ولا مغلوب في هذه الأزمة.

هناك عقلاء في جميع الأطراف بوسعهم أن يكونوا مؤثرين في التوصل لحلٍّ ما، يحفظ وجه البحرين، وتجربتها الإصلاحية وتوافقها الاجتماعي. والتضخيم الإعلامي من أي طرف لن يخدم البحرين؛ لأن السمعة الطيبة التي رسمها العالم عن البحرين خلال السنوات الماضية يجب أن نحافظ عليها جميعاً.

الموقوفون الحاليون في كل القضايا الأمنية من المهم أن يحصلوا على حقهم العادل في توافر الضمانات القانونية، والمعاملة الجيدة، وفي مقدمة تلك الضمانات ضمان التواصل مع المحامين والالتقاء بأهاليهم، وضمان عدم وجود تجاوزات في المعاملة. وهي ضمانات وفرها دستور مملكة البحرين، ولكن يتعين على جهات محايدة التأكد من مدى توافر مثل هذه الضمانات فعلاً أم لا، والتحقيق في أية شكاوى أو دعاوى بشأن سوء المعاملة.

الإعلام يلعب دوراً أساسياً في التهدئة وانتظار القضاء أو صب الزيت على النار كما يهوى البعض. وبصراحة، هناك حاجة إلى مراجعة نمط تعاطي الإعلام الرسمي مع سمعة البحرين وحقوق الموقوفين.

حماية الحريات العامة هدف أساسي يجب ألا نتراجع عنه تحت أي ظرف. فاستقالة الناشط سلمان كمال الدين من المؤسسة الوطنية لحقوق الإنسان رسالة يجب النظر في أبعادها؛ لأن فقدان شخصية متوازنة سيؤثر على وضع المؤسسة المستقبلي. وخصوصاً أنها لم تلعب ما ينبغي لها القيام به خلال الفترة الماضية.

وفي الضفة الأهلية، يتعين على الجهات المعنية إعادة النظر في حل مجلس إدارة الجمعية البحرينية لحقوق الإنسان. وهي خطوة خطيرة في تكبيل العمل الحقوقي المستقل لا بد من التراجع عنها.

ثمة حاجة حقيقية للحوار. ويتبادر سؤال مهم: مَنْ يحاور مَنْ؟ لنجيب على ذلك طالما اتفقنا على أهمية الحوار، فإن هناك سبلاً كثيرة، ولا يجب استثناء أي طرف من هذا الحوار.

والمرحلة الحالية من تاريخ البحرين تمر بمنعطفات خطيرة، لذا فإن الحوار غاية أساسية، ولكن الحوار إذا كان من دون آليات ومن دون هدف سيفشل حتماً؛ لأن لدينا تجربة laquo;الحوار الوطنيraquo; الذي أعلنته الحكومة في العام 2004 مع جمعيات المقاطعة، ولم يتمخض عن أي شيء يُذكر.

إن أهل البحرين معروفون بتسامحهم منذ القدم، ولا يجوز التخلي عن هذه القيمة تحت أي ظرف.

واثق أن الأمل سينتصر في البحرين. هي نبوءة المحدثين القدامى والفلاسفة والأدباء. ولعل من أجمل ما كتب عن هذه الأرض وتراثها الحضاري والإنساني، وهو تراث مدعاة للفخر، هو الشيخ سليمان الماحوزي الذي كان أحد علماء البحرين البارزين (توفي في العام 1709م) حيث قال بيتاً رائعاً، مادحاً هذه الأرض المعطاء:

هي البحرين مفخرة المعالي

ومعراج المحاسن والكمال!