حسن مدن

وفرت التغييرات التي شهدتها البحرين بدايات هذا العقد، فرصة مهمة للدفع بالبلاد في اتجاه البناء الديمقراطي، وإرساء قاعة راسخة للحريات العامة، وصوغ علاقة جديدة بين الدولة والمعارضة .

الحق أن تطورات إيجابية على غاية الأهمية تحققت، بينها إطلاق سراح المعتقلين السياسيين، وعودة الموجودين خارج الوطن بسبب مواقفهم الوطنية، كما ألغي قانون أمن الدولة البغيض الذي ألقى بظلاله الثقيلة على حياة البلاد نحو ثلاثة عقود .

إلى ذلك عادت الحياة النيابية إلى البلاد، وصدرت صحف جديدة، وتشكلت الجمعيات السياسية بشكل قانوني، كما أطلقت حرية العمل النقابي، وغير ذلك من مكتسبات يتعين صونها والعض عليها بالنواجذ، لأن التضحيات التي قدمها البحرينيون في سبيلها كانت باهظة وموجعة، لذا يجب عدم السماح، في أي صورة من الصور، بعودة المرحلة السابقة لإصلاحات الملك حمد بن عيسى آل خليفة، والانطلاق مما تحقق للبناء عليه والمضي إلى الأمام .

وعملية التحول نحو الممارسة الديمقراطية بعد حقبة طويلة من غيابها عملية معقدة، خاصة في ظل غياب تقاليد يُعتد بها في هذا الشأن، ولا بد من إبداء المرونة الضرورية من طرفي العلاقة في الموضوع، أي الدولة من جهة وقوى المعارضة من جهة أخرى .

فإذا كانت الدولة مطالبة بالإصغاء لمطالب المعارضة في ما يتصل بمصلحة الوطن، وتطوير عملية الإصلاح، وتعميق محتواها وإزالة ما يعترضها من عقبات، فإن المعارضة مطالبة هي الأخرى بمغادرة تلك الأساليب القديمة من عملها التي لم تعد تلائم المستجدات، والتحلي بالرشد في طريقة إدارة الخطاب السياسي والعلاقة مع الحكم .

وفي مقدمة ذلك تأتي مسألة نبذ أساليب العنف، أو المساس بالممتلكات العامة، أو الإساءة إلى رموز الدولة، واستيعاب تعقيدات الوضع الإقليمي الذي يحيط بتجربة التحول السياسي في البحرين، وهي تعقيدات لا يمكن الاستهانة بتأثيراتها حين يدور الحديث عن بلد صغير مثل البحرين .

المنبر الديمقراطي التقدمي، إحدى القوى الوطنية الأساسية في البحرين، أطلق في فبراير/ شباط 2009 مبادرة سياسية للحوار الوطني قوبلت بترحيب سياسي وإعلامي واسع، لأنها رسمت خريطة طريق لتخطي الصعوبات التي تجابه المسار الديمقراطي في البلاد .

مبادئ هذه المبادرة ما زالت تحتفظ بحيويتها وراهنيتها، وفي تقديرنا أنه لو قُدر لهذه المبادرة أن تُفعل ساعة إطلاقها، لأمكن تجنب الكثير من التوترات التي يعانيها البلد، خاصة أننا مقبلون على استحقاق انتخابي مهم بعد نحو شهرين من الآن .