خالد القشطيني

يثير رحيل الإنسان من هذه الدنيا الفانية الذكريات في النفوس. وهو ما شعر به أكثرنا ممن عرفوا فقيد الأدب والفكر، غازي بن عبد الرحمن القصيبي. ما زلنا نستدعي ذكرياته وخواطره وكل ما يديمه حيا في أنفسنا وكأنه ما زال بيننا. هذا في الواقع ما يقوله العرب عمن يموت من دون ذكر أو يموت طيب الذكر أو سيئ الذكر. فما يبقى بعد الإنسان غير ذكره.

كان مما تذكرته مؤخرا عن أبو سهيل رحمه الله، الأشعار الإخوانية والطرائف الآنية التي تبادلناها بين الفينة والفينة، وكان من أظرفها القصيدتان اللتان نشرناهما في هذه الزاوية على هامش جلوسي على عرش صدام حسين بعد سقوطه وهروبه.

التفت لذلك بعض أدباء المملكة العربية السعودية فتساءلوا من الشاعر زاهد محمد زهدي عن سر غيابه عن هذه المساجلات الإخوانية. قال له أحدهم أنت ابن العراق ولك الكثير مما يجمعك بالقشطيني فلم لا تشارك وتأخذ مكانك بينها:

قد كان يتحفك بشعرك laquo;خالدraquo;

واليوم عنك هو الغني الزاهد

هلا أجبت تساؤلا في خاطري

ماذا حدا مما بدا يا laquo;زاهدraquo;؟

رد عليه أبو عمار رحمه الله بهذه الأبيات من نفس الوزن والقافية:

إن الرياح تحولت يا صاحبي

ولأنت مثلي للظواهر راصد

قد كان laquo;خالدraquo; هاويا لقصائدي

عنها يسائل دائما ويناشد

واليوم صار له laquo;السفيرraquo; مصاحبا

تغزو laquo;صباح الخيرraquo; منه قصائد

كانت laquo;صباح الخيرraquo; الزاوية التي أنشر فيها مقالاتي اليومية على هذه الصحيفة واشتهرت بسلسلة laquo;الشعراء في إخوانياتهمraquo;. ثم يمضي الشاعر فيفصح عن تصوراته في تجاهله على شأن الشعراء فيقول:

غازي بلندن غازيا بسنانه

وأنا laquo;بجدةraquo; في الحيالة أجاهد

والأقربون مسافة أدنى إلى

laquo;قشطينraquo; مما تقتضيه أباعد

laquo;غازيraquo; السفير وليس حالي حاله

أتظن أن الحال فينا واحد...؟

والحائزون سفارة في رتبة

أعلى ونحن على الرصيف قواعد

واعلم بأن لخالد وسفيرنا

في القلب منزلة وربي شاهد

إن laquo;السفيرraquo; يهز قلبي شعره

طربا وما أنا للعباقر حاسد