تناول اليكس فيشمان في مقال له بصحيفة يديعوت احرونوت تطورات الاوضاع في لبنان بعد سقوط حكومة سعد الحريري، وكتب يقول:
صعد لبنان الاربعاء الى مسلك عنيف. انتهى عهد الترتيبات. الحوار بين القوى الداخلية في مسألة المحكمة الدولية تحطم. ضعضعة استقرار النظام في لبنان وتصعيد التوتر بين القوى السياسية في داخله تلزم اسرائيل بيقظة استثنائية على الحدود الشمالية. وهذا بالفعل ما يحصل.
من هنا فصاعدا ينبغي التعاطي مع لبنان كبرميل متفجرات من شأنه ان ينفجر، وان يطلق الشظايا في كل صوب من لبنان، من شأن التطورات ان تكون سريعة وغير متوقعة، وان تخرج عن السيطرة. منذ الآن رفع حزب الله مستوى تواجده العسكري في بيروت. من الجهة الاخرى، يقف مؤيدو الحريري بمن فيهم متحمسون مسلحون من شأنهم ان يأخذوا المبادرة ويفتحوا النار.
تقديرات الوضع التي اجريت في اسرائيل في اثناء الاسابيع الاخيرة قبيل نشر لائحة الاتهام ضد قتلة الحريري، قد قضت بان ليس لحزب الله أي مصلحة في تحطيم الاواني في الحدود الشمالية: الردع الاسرائيلي لا يزال ساري المفعول. والايرانيون لم يصدروا، وعلى ما يبدو لن يصدروا أيضا، ضوءا أخضر، وبشكل عام، انتباه حزب الله مركز على بيروت، وعلى المواجهة الداخلية العنيفة المحتملة.
ومع ذلك، دوما تحتمل أوضاع يسخن فيها حزب الله، من خلال محافل ارهابية اخرى، الحدود مع اسرائيل. مثلا، تدخل دولي مادي في صيانة حكومة الحريري، من شأنه أن يخلق لدى احد ما في حزب الله فكرة ان اشعال الحدود الشمالية ستردع محافل غربية، كفرنسا مثلا من ارسال قوات الى لبنان. وفي الايام الاخيرة فقط، وصل الى الجيش اللبناني من فرنسا ثلاثون مدفعا من عيار 155ملم، يفترض أن تعزز القوات الموالية للحريري، وتعبر عن التزام فرنسا بحماية النظام الحالي. كما ان ظهور قوة بحرية غربية ما امام شواطىء بيروت من شأنه أن يفسر لدى قادة حزب الله كتهديد يستدعي الرد في شكل نار صاروخية، او عملية برية في شمالي اسرائيل ينفذها أحد أجنحة الجهاد الاسلامي، او احدى الفصائل الفلسطينية العاملة في لبنان.
الخروج الرمزي لوزراء حزب الله من حكومة الحريري، وتحولها الى حكومة انتقالية، ظهر في السيناريوهات المحتملة التي طرحت في تقديرات الوضع في اسرائيل، ولكن ليس كتقدير باحتمالية عالية. فمن اكتوى بالنار سيحذر من البرد. لبنان غير مستقر. من عمق الخندق، امتار عديدة الى قلب الارض هناك يجلس اليوم نصرالله، قد تطوف قرارات لا تستوي مع تقديرات الوضع في اسرائيل، وعليه فينبغي الحفاظ على التحفز العالي في الحدود الشمالية في الاسابيع القريبة القادمة.
الصورة التي ترتسم الآن في لبنان هي صورة جملة ضغوط يمارسها حزب الله من شأنها أن تتدهور الى العنف وهدفها دفع حكومة الحريري الانتقالية الى الانهيار، واقامة حكومة اخرى بسرعة تقطع كل صلة بالمحكمة، وترفض قبول استنتاجاتها. هذا السباق، لحزب الله نحو تطهير اسمه باساليب المافيا هو سباق ضد الزمن، وذلك لان لجنة التحقيق رفعت نتائجها، واسماء القتلة كفيلة بان تنشر في مدى بضعة ايام حتى ثلاثة اشهر. لا يمكن لاحد أن يتنبأ بدقة. وبالمناسبة، بعد يوم من اغتيال رفيق الحريري، أعلن نصرالله: laquo;رفيق هو شهيد لبنان، وطني كبير. من قتله هو خائن للبنانraquo;. بعد أن تنشر الاسماء سيكون من الصعب عليه أن يشرح من هنا الخائن.
المفاجأة الاكبر حتى الآن، كما يعترف كل الخبراء هي صمود الحريري. فالجميع تنبأوا بان الدول الغربية والحريري سيتنازلون في نهاية المطاف عن عرض استنتاجات المحكمة، كما كان مخططا، على أن يستمر الاستقرار في لبنان، فضلا عن أن حزب الله لم يخف. نواياه في الدخول في مواجهة عسكرية مع حكومة الحريري، اذا ما اشاروا اليه والى رجاله كمسؤولين عن اغتيال الزعيم اللبناني. فقد حذر نصرالله، وأجرى حزب الله مناورات عسكرية للسيطرة على مناطق مختلفة في لبنان، ولكن الحريري لم يتراجع.
مؤيدو الحريري يعرفون ان ليس بوسعهم التصدي لجيش حزب الله الذي هو الجهة الاقوى في لبنان. كما أن هناك تخوفا معقولا في أن الجيش فور بدء المواجهة، سيتفكك الى عناصر طائفية، ولن يقف الى جانب الحكومة الشرعية.
البعض في 14 آذار يحذر من الفوضى المرتقبة في لبنان، والتي من شأنها أن تجسد الكابوس الاكبر لديهم: عودة الجيش السوري الى لبنان. وهم ينظرون بعيون تعبة نحو الحدود الجنوبية: لعله من هناك يأتي الخلاص، فتدخل اسرائيل في مواجهة عسكرية مع حزب الله. لقد سبق ان كنا في هذا الفيلم، ولا يوجد احتمال في أن يكرر نفسه. المؤكد هو أنه في الايام القريبة القادمة سنرى بالذات الاتراك في المحيط، واردوغان الذي يحاول كسب عالمه بدور المخلص الذي ينقذ لبنان من نفسه.
- آخر تحديث :
التعليقات