داود الشريان


المواجهة في لبنان بدأت قبل صدور القرار الاتهامي للمحكمة الدولية. المعارضة قررت النزول الى الشارع السياسي بأدوات اشد استفزازاً وفتكاً من العمل العسكري. سمت عمر كرامي لرئاسة الوزارة. ستواجه القرار الاتهامي بصراع سنّي - سنّي. وعمر كرامي لا يحتاج الى حافز. كان ينتظر الفرصة. وهو يملك ثأراً قديماً ضد بيت الحريري. عمر كرامي لم ينسَ أن رفيق الحريري هو الذي أخرج من السجن رئيس laquo;القوات اللبنانيةraquo; سمير جعجع، المتهم بقتل شقيقه، رشيد كرامي. المعركة لم تعد تستخدم أوراقاً جديدة. laquo;حزب اللهraquo;، مصرّ على استخدام مشاهد لبنانية سبقت عام 2005، وهي مشاهد لم تزل حيّة في الصدور، ولم تطوَ صفحتها.

laquo;حزب اللهraquo; يريد صناعة ميشال عون سنّي، وعمر كرامي جاهز. هذا الاختيار سيخلط الأوراق أمام جماعة 14 آذار. المعركة ستبدو في احد ملامحها صراع قوى وطوائف، أطفأ لهيبه اتفاق الطائف. لبنان أمام معركة تصفية حسابات قديمة، وهي ربما أفضت الى أزمة تتجاوز المحكمة وتحرق البلد. وسيجد سعد الحريري ان موقعه في محيطه يتغير، وإن شئت يدمر. السياسة في لبنان تملك من الألغام ما يفوق صواريخ laquo;حزب اللهraquo; وترسانة سلاحه. وإذا استطاع الحزب اختراق السنّة، بالطريقة التي نفذها مع المسيحيين، فإن غبار السياسة اللبنانية سيحرق كل ملفات المحكمة، فضلاً عن ان بعض الزعامات السنية في لبنان يشعر بالغبن والتهميش، محلياً وإقليمياً، ويعتقد بأن الحريري هو السبب.

لا شك في أن المواجهة التي يخوضها laquo;حزب اللهraquo; لن تقف عند سعد الحريري، والغالبية، التي بدأ عقدها ينفرط بانحياز وليد جنبلاط الى المعارضة. المواجهة ستصل الى رئيس الجمهورية - الذي دخل المعركة بقبول استقالة الحكومة قبل عودة رئيسها من الخارج. وهي ستعاود - وهنا خطورتها - خلط الأوراق بين الطوائف والتحالفات. الوضع خطير، والحزب قرر تنفيذ وعده بمواجهة المحكمة بإشراك الجميع، برضاهم أو من دونه.

الأكيد أن العناد هو دليل الجميع، وسعد الحريري بإمكانه نزع الفتيل. عليه أن يتنحّى قبل أن يُنحّى. وإذا كان يعتقد بأن المحكمة باتت قراراً دولياً، وهو محق، عليه أن يتوقف عن استخدام أدوات محلية غير مفيدة لدعمها. اترك يا سعد المحكمة تدافع عن نفسها.