علي حماده

تمكن quot;حزب اللهquot; والسوريون من اسقاط الحكومة التي اصطلح على تسميتها جوازا بـquot;حكومة الوحدة الوطنيةquot;. وفي الحقيقة لم تكن حكومة وحدة وطنية بمقدار ما كانت حكومة الاضداد والمتناقضات العميقة التي ادت خلال سنة عاشتها الى تحويلها مجرد هيكل من دون حياة. فبين التحدي الداخلي المتمثل بالقضم المنهجي للدولة والنظام، والتحدي الخارجي المتمثل بسعي الجار المتعب الدائم الى استعادة وصاية ماضية على بلاد الارز، ما كان لهذه الحكومة التي رافقت القرار الاتهامي في رحلته الاخيرة قبل تسليمه البارحة ان تعبر حقول الالغام التي زرعت حولها من دون ان يصل بها الامر الى التفجر في وقت من الاوقات.
لقد كان المطلوب من سعد الحريري وصحبه الاستقلاليين التنازل عن المحكمة من اجل الفوز برضى دمشق وبحلم quot;حزب اللهquot;. والحال ان من كانوا يعلّلون النفس بخطوة كهذه ما كانوا ليدركوا ان التنازل عن المحكمة ما طرح مرّة على جدول اعمال الاستقلاليين. فلا سلاح quot;حزب اللهquot; ومسلحوه المنتشرون في كل انحاء لبنان، ولا طموحات الرئيس بشار الاسد كانت لتكون سببا يدفع بالاستقلاليين الى نقض التحقيق الدولي، ولا الى عرقلة صدور القرار الاتهامي الذي تم تقديمه الى قاضي الاجراءات التمهيدية بالرغم من هذه الحرب الشعواء، ولا الى ضرب المحكمة التي ستنظر في قضية اغتيال رفيق الحريري ورفاقه، ولاحقا ستربط في ما بين الجرائم الارهابية المترابطة اصلا.
ان التلويح بعدم تسمية سعد الحريري رئيسا للحكومة لا يخيف أحداً، لان شرعية الحريري مستمدة من غالبية استقلالية واضحة المعالم لا لبس فيها. وهي مستمدة من كونه ممثلا لبيئة لا تستطيع كل صواريخ quot;حزب اللهquot; انتزاعها منه، او تخطيها باسماء بالكاد تقدر على الخروج الى باحات منازلها ! اضف الى ذلك ان ما سماه السيد حسن نصر الله التدخل الدولي يجمع في شخص سعد الحريري شرعية عربية ودولية تتجاوز بأشواط البعد السوري او حتى الايراني لأي مرشح سرعان ما سيصير رئيسا لحكومة المطلوبين للعدالة!
من هنا نقول ان محاولة التلاعب بالصيغة لا توصل إلا الى الهاوية. وquot;حزب اللهquot; ومعه دمشق لا يقدران على فرض امر واقع شبيه بما حصل في خريف 2004 عندما جرى فرض التمديد، ومن ثم تشكيل حكومة سميت في تلك المرحلة quot;حكومة المخبرينquot;، وفي عهدها انطلقت الاغتيالات وحدث زلزال رفيق الحريري في 14 شباط 2005. فلنتذكر التاريخ جيدا. وليتذكر من سال لعابهم في الساعات الاخيرة كيف تكون نهاية التركيبات المنافية للصيغة وللواقع الشعبي والتمثيلي.
إن المحكمة حقيقة قائمة وستظل كذلك. كما ان الوصاية الداخلية مستحيلة، ومثلها الوصاية الساعية الى العودة محمولة بطموحات قديمة ما عادت ممكنة. وغداً عندما تعلن الحقائق من خلال القرار الاتهامي، سيرى الشعب ويدرك اسباب هذه الحرب الشعواء التي خيضت ضد الاستقلاليين والمحكمة منذ اليوم الاول لبدء الجرائم. وسيفهم الشعب سر هذا الحلف المقدس الذي جمع ويجمع المطلوبين!
بعد هذا كله... فليجمعوا أصواتهم وليأتوا برئيس لـquot;حكومة المطلوبينquot;!