الدوحة - سيد الخضر

حث الدكتور يوسف القرضاوي رئيس الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين الجماهير التونسية على خلع رئيس الحكومة الحالية محمد الغنوشي لأنه كان يرأس الحكومة التي laquo;قمعتكم قبل رحيل زين العابدين بن عليraquo;.
ورأى الشيخ القرضاوي في خطبة الجمعة بجامع عمر بن الخطاب أمس أن الغنوشي الذي كان laquo;يتصل بزين العابدين بعد فراره ويطمئنه على الوضعraquo; غير جدير بقيادة حكومة تونس بعد الثورة.
وطالب الشيخ القرضاوي الجماهير التونسية بالبقاء في الشارع حتى يسقط جميع وزراء بن علي، وتتخلص من حزب التجمع الدستوري الذي حكم البلاد 60 سنة.
وشدد الشيخ القرضاوي على ضرورة التخلص من إرث زين العابدين بن علي، ما عدا الرئيس المؤقت فؤاد المبزع laquo;حتى لا يكون هناك فراغ دستوريraquo;.
وحيا القرضاوي الشعب التونسي على النصر الذي دفع ثمنه من دماء أبنائه laquo;والله لا يضيع أجر من أحسن عملاraquo;.
وقال الشيخ القرضاوي إن الثورة التونسية لا تدانيها ثورة، وتتفوق على ثورة إيران التي قادها الخميني laquo;فليس لثورة تونس قائد سوى الشباب المثقف ونقابات العمالraquo;.
ودلل الشيخ القرضاوي على مدنية الجماهير التونسية وسلميتها بكونها قدمت 100 شهيد، بينما لم تقتل رجل أمن واحداً، على عكس ما يحدث في الكثير من الأحداث المشابهة حول العالم على حد وصفه.
وهنأ القرضاوي التونسيين على تحليهم بالصبر وبالشجاعة laquo;فلم تذهب دماؤهم هدراraquo;، مشيرا إلى أن الشعب التونسي برهن على أنه يستحق الكرامة والحرية.
واعتبر الشيخ القرضاوي أن الفرصة باتت سانحة لعودة جامعة الزيتونة لطابعها الإسلامي، laquo;فلا يعقل أن يكون فيها السفور وحمامات السباحة والاختلاط، ويجب أن يعود الحجاب مباحا على الأقلraquo;.
واعتبر الشيخ القرضاوي أن الدستور التونسي علماني وطاغوتي فصل أساسا على مقاس جبروت الحزب الدستوري، على حد وصفه، مطالبا بإعداد دستور جديد يراعي قيم وثوابت تونس.
ونصح الشيخ الشعوب العربية بالاستفادة من درس تونس، مضيفاً أنه يتعين على الحكام laquo;الصم البكم الذين لا يعقلونraquo; أن يستفيدوا من هذا laquo;الحدث الكبيرraquo;.
وتحدث الشيخ عما سماه محاربة الإسلام في تونس أيام زين العابدين بن علي حيث laquo;كانوا في العهد البائد في تونس يعتقلون من يصلي الفجر في المسجد، وكانوا يلاحظون البيوت التي تضاء في الفجر، فالصلاة جريمة والحشمة جريمةraquo;.
في سياق متصل، تحدث الشيخ القرضاوي عن الظلم في القرآن الكريم والجزاءات التي أعدها الله للظالمين في هذه الحياة الدنيا وفي الآخرة، التي توعدهم فيها بقوله laquo;إِنَّا أَعْتَدْنَا لِلظَّالِمِينَ نَاراً أَحَاطَ بِهِمْ سُرَادِقُهَا وَإِنْ يَسْتَغِيثُوا يُغَاثُوا بِمَاءٍ كَالْمُهْلِ يَشْوِي الْوُجُوهَraquo;.
وذكر الشيخ القرضاوي المصلين بالمساحة التي أفردها القرآن الكريم لذمّ الظلم والظالمين، وحرص الشريعة على العدل بين الناس laquo;فالله تعالى هو الحكم العدل، وبعث الأنبياء لإقامة العدل في الأرض، laquo;وأنزل معهم الكتاب والميزان ليقوم الناس بالقسطraquo;.
وبين الشيخ القرضاوي أن الله تعالى إذا أمر بثلاثة أمور كان العدل أحدهم، وإذا مر باثنين كان أحدهما، وعندما يأمر بواحد يكون هو العدل، معرفا الظلم بأنه وضع الشيء في غير محله.
ونبه إلى أن التوحيد هو قمة العدل، لذلك كان الشرك أقصى الظلم بدليل قوله تعالى laquo;إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌraquo;، لذلك أخرجه الله من أنواع الظلم التي تغفر، في حين يغفر الله ما عدا ذلك إلا ما تعلق بحقوق العباد فإنها لا تسقط حتى عن الشهداء.
ولفت الشيخ انتباه المصلين إلى أن المعصية ظلم للنفس بدليل قوله تعالى على لسان آدم: laquo;رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنْفُسَنَا وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَraquo;.
ونبه الشيخ إلى أن الله تعالى حرم الظلم على نفسه ليقطع الطريق أمام الحكام وأرباب العمل، فقال في الحديث القدسي: laquo;يا عبادي إني حرمت الظلم وجعلته بينكم محرماraquo;، وقال تعالى: laquo;وَلاَ يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَداًraquo;.
وشدد الشيخ القرضاوي على أن الفساد الذي يحصل في الدول والمجتمعات تساهم فيه الشعوب بخنوعها وخضوعها للذل وسكوتها عن الظلم، فقد laquo;ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِraquo;، مضيفاً أن السكوت على الظلمة يؤخر انتقام الله منهم.
وأسف الشيخ القرضاوي لأن الظالمين في العالمين العربي والإسلامي يتبعهم الناس، ويطبل لهم الشعراء الغاوون والمثقفون، ما يرسخ ممارسات الفساد ويشعل laquo;فِتْنَةً لاَ تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ خَاصَّةًraquo;، مذكرا بأن الشريعة الإسلامية حريصة في أن الناس إذا لم يأخذوا على يد الظالم أوشك أن يعمهم العذاب.
وتوقف الشيخ عند مصير الظالمين يوم القيامة حيث يتلاومون وهم laquo;مَوْقُوفُونَ عِنْدَ رَبِّهِمْ يَرْجِعُ بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ الْقَوْلَ يَقُولُ الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا لِلَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا لَوْلا أَنْتُمْ لَكُنَّا مُؤْمِنِينَraquo;.
وحذر الشيخ القرضاوي الشعوب من الصبر على الظلم والتهميش لأن مقت الله تعالى إذا نزل بساحة الظالمين لا يستثني أتباعهم laquo; وَتِلْكَ عَادٌ جَحَدُوا بِآيَاتِ رَبِّهِمْ وَعَصَوْا رُسُلَهُ وَاتَّبَعُوا أَمْرَ كُلِّ جَبَّارٍ عَنِيدٍ * وَأُتْبِعُوا فِي هَذِهِ الدُّنْيَا لَعْنَةً وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ أَلا إِنَّ عَاداً كَفَرُوا رَبَّهُمْ أَلا بُعْداً لِعَادٍ قَوْمِ هُودٍraquo;.
واعتبر الشيخ القرضاوي أن الظلم والاستبداد يطبع حياة الشعوب العربية والإسلامية حتى laquo;تحول الراعي إلى ذئب، والحامي هو الحرامي يجوع الناس وهو شبعانraquo;.
ووبخ الشيخ القرضاوي الحكام العرب الذين يعبثون بالثروة وينقلون الملايين إلى حساباتهم في الخارج laquo;لهم من الله الويل في الدنيا والآخرةraquo;، مضيفا أن من قدم عونا لظالم فهو شريك له، ومن دعا لظالم فقد سأل دوام الظلم في الأرض.
ودعا الشيخ القرضاوي الشرطة والجيوش العربية إلى عصيان الأوامر التي تصدر لهم لقمع الناس وإطلاق النار عليهم.
وأبدى أسفه لأن laquo;كثيرا من جنودنا يشاركون في الظلمraquo; وكأنهم لم يسمعوا قول الله تعالى: laquo;وَلا تَرْكَنُوا إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا فَتَمَسَّكُمْ النَّارُ وَمَا لَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ مِنْ أَوْلِيَاءَ ثُمَّ لا تُنصَرُونَraquo;.
وحرض الشيخ الشرطة العربية على نبذ الخوف من الأصنام التي لا تضر ولا تنفع laquo;فخير لهم القتل من أن يَقتلواraquo;، مشددا على أنه لا قيمة للقول إن الجندي مأمور عندما يتعلق الأمر بمعصية الخالق.
وذكّر الشيخ القرضاوي الظالمين والمتسلطين بقدرة الله وجبروته حيث يستدرجهم من حيث لا يعلمون ويمهلهم laquo;حَتَّى إِذَا فَرِحُوا بِمَا أُوتُوا أَخَذْنَاهُمْ بَغْتَةً فَإِذَا هُمْ مُبْلِسُونَ * فَقُطِعَ دَابِرُ الْقَوْمِ الَّذِينَ ظَلَمُوا وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَraquo;.
وأعرب الشيخ عن ثقته في نهاية الظلم والاستبداد laquo;فالذين يحيطون بالظالمين لن ينفعوهمraquo; شريطة أن تتحرك الشعوب laquo;لأن السماء لا تمطر نصراraquo;.