مكرم محمد أحمد

يبالغ الإسرائيليون كثيرا في تقديرهم للأثر المتوقع لصفقة الافراج عن الجندي الإسرائيلي جلعاد شليط التي تمت بوساطة مصرية مقابل الافراج عن الف أسير فلسطيني علي العلاقات الاقليمية بين مصر وحماس وإسرائيل,

علي أمل ان تنتقص الصفقة من مكانة الرئيس الفلسطيني محمود عباس الذي زادت شعبيته كثيرا في كل من الضفة وقطاع غزة, لأنه تمسك بضرورة الذهاب إلي الأمم المتحدة طلبا لإقامة دولة فلسطين ورفض استئناف التفاوض مع الإسرائيليين ما لم يتم تجميد بناء المستوطنات في الضفة والقدس الشرقية برغم ضغوط واشنطن القاسية!
ولا ينفي الإسرائيليون أن واحدا من أهم دوافع رئيس الوزراء نيتانياهو لاتمام الصفقة في هذا التوقيت رغبته في تخفيف الأضواء عن الجهود التي يبذلها الرئيس الفلسطيني لكسب مساندة المجتمع الدولي داخل الأمم المتحدة, ومساعدة حماس علي تحسين صورتها في قطاع غزة نكاية في الرئيس محمود عباس!, فضلا عن حرصه الشديد علي تعزيز مكانته داخل إسرائيل التي اهتزت بعد المظاهرات الضخمة الأخيرة ضد سياساته الاقتصادية التي افقرت الطبقة الوسطي في إسرائيل, خاصة أن مشكلة الجندي جلعاد تلقي تعاطفا واسعا داخل المجتمع الإسرائيلي, بل داخل كل بيت في إسرائيل, والواضح ايضا أن نيتانياهو يأمل أيضا في أن تسهم الصفقة في تحسين علاقاته مع مصر بعد أن قدم وزير الدفاع الإسرائيلي إعتذارا علنيا عن حادث مقتل الجنود المصريين علي الحدود, علي أمل أن يقطع هذا التحسن الطريق علي تحسين العلاقات المصرية ـ التركية بصورة مطردة, ووصولها إلي آفاق استراتيجية تعزز دورهما المشترك شرق المتوسط.
وأيا كانت رؤي إسرائيل فإن مصر لا يمكن أن يدخل في حساباتها الانتقاص من مكانة الرئيس محمود عباس, أو تخفيف مساندتها لمنظمة التحرير لتصبح القاهرة المقر المختار لرئاسة المكتب السياسي لحماس بدلا من دمشق, إن رأت حماس أن الضرورات تفرض عليها مغادرة دمشق, لا يدخل شيء من ذلك في حسابات القاهرة لصفقة جلعاد شليط لأن ما يهم القاهرة هو الإفراج عن أكبر عدد من الأسري الفلسطينيين من كل الفصائل والقوي, وإن تمهد الصفقة الطريق لمصالحة جادة بين فتح وحماس, ولهذا السبب حرصت القاهرة علي وجود ممثل كبير لمنظمة التحرير خلال المرحلة الأخيرة من التفاوض علي الصفقة, وما من شك ايضا في أن مصر تنظر إلي علاقاتها مع تركيا الآن علي أنها جزء من ثمار ربيع الثورات العربية, ومكسب إستراتيجي مهم يساند الحق العربي ينبغي الحفاظ عليه, لأن الدور التركي يمثل إضافة مهمة تساعد يقينا علي المزيد من توازن القوي الفاعلة في الشرق الأوسط.