عبد الرحمن الراشد
امتحان الحكم السعودي دائما يسبقه الكثير من التكهنات، إنما النتائج تأتي عادة متوقعة. وهو ما حدث بتعيين الأمير نايف بن عبد العزيز ليصبح الرجل الثاني، وليا للعهد. فمنذ مرض الأمير سلطان، يرحمه الله، منذ نحو عامين، والتكليفات السياسية والإدارية نقلت للأمير نايف وزير الداخلية، ولم تكن مفاجأة عندما أعلن الملك عن اختياره وتعيينه للأمير نايف لأنه سبق أن عينه نائبا ثانيا لرئيس مجلس الوزراء.
قوة الدولة أن لها صورة واضحة، ذات حركة متوقعة، في التعيينات والقرارات. وقد يخشى البعض من أن هذه الرتابة والتقليدية لا تتسقان وحركة الدولة الحديثة. طبعا، هذه مسألة تستحق النقاش، إنما إحصائيا نرى أن الأنظمة القادرة على المحافظة على تقاليدها والتزاماتها هي الباقية والراسخة، ولنا في ما حدث للجمهوريات التي سعت للتوريث والانتقال إلى خط الملكيات نموذج على الفوضى التي لا تدوم.
والأمير نايف شخصية يعرفها الجميع، وهو بدوره يعرفهم، بحكم تواصله مع كل فئات المجتمع، وقبل فترة قريبة حضرت عشاء لسموه أقامه الزميل الأستاذ خالد المالك، رئيس تحرير صحيفة laquo;الجزيرةraquo;، في منزله بالرياض، دعا له كوكبة من الزملاء الكتاب والمهتمين بشؤون الإعلام. عدا أنه كان يعرف معظم الحضور الكبير، ويدرك اهتماماتهم، كان على استعداد للحوار المفتوح والصريح جدا، ونقاش القضايا الصعبة.
ففي دائرة الحكم السعودي لا يوجد انتقال، ولا توجد فعليا وجوه جديدة، جميعهم معروفون ومجربون، وعلى تواصل لا ينقطع. وولي العهد الجديد ليس طارئا أو جديدا، بل نشط في معالجة كل الملفات الصعبة، وذلك بحكم المواقع التي عمل فيها وأدارها، من الإشكالات الداخلية إلى الخارجية. من الإرهاب إلى البطالة والعلاقات الخارجية.
ومن تواصلي الإعلامي مع سموه لسنين طويلة، وفي فترات صعبة، وجدته أكثر انفتاحا مما يعتقد كثيرون، وأكثر استعدادا للحديث بصراحة، والاستماع بصبر لما يقال له، ويحب أن يكون دقيقا. ففي النزاع القديم مع إيران سألته عن اتهام ورد في البيان الرسمي ضد الإيرانيين بعمليات إساءة وتخريب في مقبرة البقيع بالمدينة المنورة، مستوضحا عن أننا لم نسمع بشيء من هذا، فهل هناك ما يؤكده؟ فقدم لي صورا توضح عددا من الإيرانيين يهجمون على الموقع ويقومون بتخريبه، كما أنه يلم بدقائق التفاصيل في الموضوعات المكلف بها، مثل قضايا الحدود، خطوطها وممراتها والقرى التي تمر بها، والجدل على الطرفين. وفي هذا الجدل مهما اختلفت معه تستطيع أن تقول كل ما تريد قوله.
وتبقى مهام الدولة اليوم أكبر من أي يوم مضى، وأهميتها تزداد، يعكسها الاهتمام العالمي بالحكم وتسلسله وسلاسته؛ حيث يراها العالم مملكة مستقرة، وعلى الحكم أن يحافظ على هذه المسؤوليات الصعبة.
التعليقات