حمد الماجد
كان تصريح الرئيس بشار الأسد صاعقا فجا غليظا، وفيه كل شيء إلا الدبلوماسية والعقل، قال لصحيفة laquo;ديلي تلغرافraquo; البريطانية بأسلوب نيروني عنيف laquo;تدخل الغرب في سوريا سيؤدي إلى زلزال يحرق المنطقةraquo;. هذا التهديد لا يختلف كثيرا عن تهديد زعيم عصابة خطف حاصرته قوات الشرطة، فيهدد بأن أي هجوم عليه سيؤدي إلى قتل الرهائن. لاحظوا إلى أي حد وصلت الصفاقة السياسية، يعني لو أن الرئيس بشار قال إن أي تدخل من الغرب سيؤدي إلى أن يثأر النظام السوري بطريقته في العمق الغربي لكان ذلك منطقيا، فالمعتدي هو الدول الغربية وليس دول المنطقة العربية، وعليه يكون القذافي أكثر رجولة، لأن معمر على الأقل حصر تهديده في الدول الغربية التي دكته قواتها الجوية بنيرانها الحارقة.
ولا يحتاج المحلل إلى مزيد ذكاء كي يستخلص laquo;روح الطائفيةraquo; من تصريح الرئيس بشار. خذوها بالمنطق، لو افترضنا أن التحالف الغربي فعل بنظام سوريا ما فعله بنظام القذافي، فأغلق المجال الجوي، وبدأت التشكيلات الجوية لقوات الناتو في دك قوات النظام، كيف سينفذ بشار تهديده بحرق دول المنطقة وهو بالكاد لا يقدر على إطفاء الحريق الذي علق بثوبه؟ ليس هناك ما يقصده بشار غير الهلال الشيعي، وتحريك الخلايا الشيعية النائمة في دول المنطقة، طبعا ولا ننسى إطلاق حزب الله اللبناني للتحرش بإسرائيل، لا رغبة في النكاية بها، ولكن لحلحلة الأنشوطة المضروبة على عنق النظام السوري.
إذن فحليف بشار المارد الإيراني على أهبة الاستعداد لتحريك الخلايا النائمة في دول الخليج لوضع تهديد بشار بحرقها موضع التنفيذ، وقد أجرت إيران بالفعل عينة من هذا التهديد في العوامية في المنطقة الشرقية من السعودية، فقام بعض خلاياها النائمة بشغب وقف ضده الشعب السعودي بكل أطيافه قبل حكومته بحزم، وفهم خيوط اللعبة التي تركب موجة الحقوق لتنفيذ أجندة إيران وسوريا في المنطقة.. هذا الشغب كان حريقا صغيرا أو أشبه بالتدريبات العسكرية التي تسبق العمليات الكبرى أراد به المخططون أن يعرضوا قدراتهم على إشعال حرائق طائفية أكبر إذا تعرض الحليف الاستراتيجي السوري للخطر.
وأكبر دليل على صفاقة تصريح الرئيس بشار للصحيفة البريطانية أن دول المنطقة التي هددها بشار تلومها شعوبها لأنها لم تتخذ موقفا حازما من المجازر التي يرتكبها نظام الأسد في حق شعبه، وترى أنها laquo;دللتraquo; النظام أكثر من اللازم، وتلومها أكثر لأنها لم تعترف بالمجلس الانتقالي السوري، ولم تقاطع النظام لا دبلوماسيا ولا اقتصاديا، ومع ذلك فسيادة الرئيس يهدد ويزبد ويتوعد ويترك الذين يهددونه بالخيار العسكري.
وكعادة الأنظمة الديكتاتورية يصر الرئيس بشار في مقابلته مع الصحيفة البريطانية على أن نظامه يختلف عن أنظمة مصر وتونس واليمن، وهي سلسلة لا تنتهي من الأوهام التي ينسجها الديكتاتوريون لأنفسهم.. قالها النظام المصري بعد أن علقت به نار الثورة فهوى، وقالها نظام ليبيا فهوى، وقالها اليمن والآن يتهاوى، وسوريا ليست استثناء من سنن ثورات الشعوب، والغريب أن الرئيس بشار لم يذكر ليبيا، فلعله توقع نهاية مماثلة، فهناك مشتركات تجمع النظامين، منها أنهما الوحيدان اللذان استخدما الجيش في قمع الشعب. ومن تشابها في الوسيلة فحتما سيتشابهان في النتيجة.
التعليقات