الحكومة المؤقتة لم تحاكم بن علي حتى الآن في جرائم قتل الثوار

حصلنا على الأغلبية لأن الناس تعاطفت معنا بسبب الظلم الذي لحقنا السنوات الماضية
أدعو لسحب الثقة من النظام السوري والاعتراف بالمجلس الانتقالي ممثلاً لسوريا
برنامجنا الاقتصادي أقرب إلى النموذج السويدي حيث الاقتصاد الحر مع وجود الضمان الاجتماعي
لن نتعرض لضغوط غربية لأن حكومتنا إسلامية.. ومن مصلحة الغرب دعم الاستقرار في بلادنا
سنفتح السوق للاستثمار الداخلي والخارجي وبخاصة الخليجي
نسعى لنقل الدينار التونسي عملة قابلة للتحويل
نتجه لإرساء نظام برلماني بدلا من نظام الفردي الديكتاتوري السابق
نسعى لإعادة وحدة بلاد المغرب العربي التي جمدت.. وإعادة الوحدة العربية إلى عهدها
لابد من حوار بين الحكومة والدول الدائنة للتحقق من ديون الميزانية
تونس - عزالدين عبده
بينما تجرون الآن مشاورات تشكيل الحكومة اذ بفريق من الشباب الغاضب المعترض على نتائج الانتخابات يخرج ويحرق ويكسر.. من هم وما الاجراءات التي سوف تتخذ ضدهم؟
ـ ما حدث من تخريب في منطقة سيدي بوزيد لمنشآت عامة كالبلدية ومراكز الحرس والمؤسسات الاقتصادية وحرق مقرات حركة النهضة، لم يكن من تدبير العلمانيين ولكن من دبره هم فلول الحزب المنحل وأتباع بن علي، حتى أنهم أثناء التظاهر رفعوا صوره، حيث ميليشيات الحزب المنحل هي التي فعلت هذه التجاوزات وإن كان ذلك لا ينفي وجود بعض الفئات الأيديولوجية المتطرفة.
ـ لماذا قاموا بهذه الأفعال في تصورك؟
ـ للثأر من العملية الديمقراطية أصلاً وانتصاراً لبن علي.
ـ إذا لم تكن هذه الغضبة للتعبير عن مخاوف البعض من وصول الإسلاميين الذين تمثلهم حركتكم إلى سدة الحكم؟
ـ نعم هناك تخوف من البعض، لكن هذا التخوف لا يعني الاندفاع إلى التخريب وحرق وسفك دماء التونسيين، من قاموا بهذه الأفعال مجرمون لا علاقة لهم بالسياسة وهم عصابات نهب كان يستخدمها الحزب الحاكم في مواسمه الانتخابية ومواجهة خصومه ولاتزال بعض الشبكات لم تفكك بعد، والشرطة الآن تجري تحقيقات للوقوف بشكل دقيق على الجهات التي تقف وراء هذا التخريب.
ـ بعد تشكيل الحكومة، ماذا ستفعلون ببن علي والقضايا المرفوعة ضده؟
ـ هذا أمره متروك للقضاء، لأن دولتنا تتعامل مع الخارجين عنها وفقاً للقانون والأمر متروك لرجال القضاء يحددون الرأي والحكم النهائي فيه.
ـ ماذا لو برأ القضاء بن علي؟
ـ لا سلطة لأحد على القضاء، لأننا نطالب بعودة بن علي ليقف في قفص الاتهام ويحاسب على جرائمه.
ـ إذا لو برأ القضاء بن علي هل سوف تقبلون بعودته مرة أخرى للحياة السياسية؟
ـ هذا مجرم قاتل، قتل مئات الأرواح وتاجر مخدرات واستبعد أن يبرأه القضاء، فمن غيره قتل مئات الثوار، لو كان يعرف أن له حظا ولو بنسبة 1 % أن يحصل على البراءة لرجع ولم يهرب، هروبه دليل على تورطه.
ويمكن له وقت الحكم عليه أن يقول إنه لايثق في القضاء، وهو الذي لطالما قال إن القضاء التونسي مستقل.
ـ هل ستتغير سياستكم تجاه المملكة السعودية إذا حكم عليه القضاء ولم تسلمه لكم؟
ـ مطالب التسليم صدرت بالفعل عن الحكومة المؤقتة عبر البوليس الدولي الانتربول، وكل حكومة قادمة سوف تتابع هذا الطلب لأن دماء التونسيين ليس رخيصة.
وحتى الآن لم يحاكم بن علي على جرائم القتل، كل ما حوكم فيه هي قضايا أضعف، مثل تجارة المخدرات وتجارة العمل، وهي لا تعتبر بذات قوة أمام قضايا القتل، فالحكومة المؤقتة قصرت في محاكمة بن علي في هذه الجرائم.
لذلك قد تتذرع السعودية بأننا علينا أن نحاكمه أولاُ في جرائم كبرى كقتل الثوار والخيانة العظمى ووقتها يكون الطلب قوياً، وهذا سوف يحدث، ولن تجد السعودية بداً من تسليمه لنا، فوقت أن يثبت القضاء تورطه في الدماء سوف تقوم بتسليمه لأنها لن تقبل بإيواء محدثٍ مثله.
ـ مستقبل الدولة التونسية في ظل أزمة اقتصادية وقلة موارد.. هل من رؤية اقتصادية حقيقية طرحها حزب حركة النهضة؟
ـ طرحنا برنامجاً اقتصادياً لاقى اعجاباً كبيراً من كل الفئات، ويشمل تبني الحريات الاقتصادية في اطار القيم الانسانية، أي الاقتصاد الحر الاجتماعي، بمعنى قريب من النموذج السويدي، حيث حرية السوق مع وجود ضمانات اجتماعية، الصحة والتعليم وغيرها بحيث لايضيع حق الفقير، حيث لا أحد في المجتمع يكون بلا سكن أو بلا تعليم أو بلا نظام صحي.
نحن عاملون على تطهير الحياة الاقتصادية من الفساد الذي فت في عضد اقتصاد بلادنا وتنشئة مناخ صحي للإستثمار يشجع المستثمرين في الداخل ويجلب الاستثمار من الخارج خاصة بلاد الخليج وأن هناك رجال أعمال تونسيين ذا كفاءة عالية وتشجع الاستثمار والمستثمرين ونريد أن نضمن نقل عملتنا إلى دولار قابل للتحويل بالعملة الأجنبية.
ـ اذاً كيف ستواجهون ديون تونس وقد وصلت إلى المستوى الأعلى من فئة الاستثمارات الخطرة؟
ـ الأصل هو تسديد الديون ولابد أن يكون هناك حوار بين الحكومة التونسية وبين الدول الدائنة، والتحقق من أن دخول هذه الأموال بالفعل إلى الميزانية التونسية، أم تم تحويلها إلى جهات أخرى، ثم بعد ذلك يتم التفاهم حول امكانية سداد هذه الديون، هل تحول إلى استثمارات في البلاد للدائنين.
ـ هل تضمنون آليه قوية ومستقرة تنفذون بها هذا المخطط في التعامل مع الديون؟
ـ قطعاً ستكون هناك حكومة ممثلة للشعب وتملك الشرعية الكاملة للتفاوض باسم الشعب، وأموال الدائنين لابد أن تكون مضمونة وكذلك أموال المستثمرين.
ـ تحدثت قبل قليل عن إصدار تشريعات جديدة.. ما الصورة التي سيأتي عليها الدستور الجديد الذي تنوون صياغته وكيف سيكون شكل الدولة بعده؟
ـ نحن نتجه لإرساء نظام برلماني في تونس يقطع نهائياً مع النظام الفردي الديكتاتوري الذي كان يحكم به بن علي.
ـ هل هناك من نية للتنسيق مع بعض الأحزاب التي تحكم بعض الدول الاسلامية، ومنها تركيا؟
ـ نحن مع تنمية العلاقات مع كل الدول العربية والاسلامية وسوف نحافظ على علاقاتنا الغربية الأوروبية وسوف نفتح البوابات التي كانت تجاه العالم العربي، بوابات كانت تجاه العالم العربي والافريقي والآسيوي.
ـ ألا تتخوفون من تعرضكم لضغوط أوروبية كما تعرضت من قبل أحزاب إسلامية تسلمت السلطة في بلاد عربية؟
ـ لا نتوقع ذلك، لأن العملية الديمقراطية التي جرت في تونس، وجدت الدعم من كل القوى، في أوروبا أيد الاتحاد الاوروبي العملية الديمقراطية بتونس وهنأ حركة النهضة، وكذلك الولايات المتحدة الأمريكية، فهناك مصلحة مشتركة الآن بيننا وبين شركائنا الأوروبيين في تحقيق الاستقرار في تونس، ولابد من نجاح العملية الانتخابية في إيجاد حكومات مستقرة قادرة على أن تمنع الهجرة السرية، لأن انهيار الدول في هذه المناطق سيدفع الملايين من الشباب إلى الخروج وهذا أمر لا يطاق ولن تتحمله دول أوروبا الضائقة ذرعاً بما عندها من مهاجرين.
لذا فمن مصلحتهم أن يعينوننا على الاستقرار الداخلي حتى لا يصابوا بأزمة مهاجرين غير شرعيين جدد، لذا هناك مصلحة مشتركة في تحقيق الاستقرار في هذه المنطقة حتى تنطلق التنمية لأن انهيار الدول سيؤدي إلى ملايين المنطلقين إليهم.
ـ نعود إلى الربيع العربي.. يفسر البعض قدوم الإسلاميين إلى الحكم عقب نجاح كل ثورة بأنه ربيع الخلافة الإسلامية.. هل ترى ذلك؟
ـ الثورات لا تحدث إلا حين يبلغ الظلم مداه، وتستحيل في علاجه أساليب الدواء العادية فيلجأ إلى الجراحة، والثورات هي الجراحة الكبرى، والاسلاميون هم الفئات الأكثر تعرضاً للظلم من الحكام في المنطقة، وهم الأكثر استفادة من هذه الثورات.
في تونس تعرض في بداية تسعينيات القرن الماضي أكثر من 30 ألف تونسي من الاسلاميين للسجن ظلماً وهذا يعني أنه لم تبق في تونس أسرة إلا ومنها معتقل أو منكوب أو مهجر أو معذب، وهذا أولد تعاطفاً من جموع الناس مع الاسلاميين.
ـ اذا تفسر فوزكم بالأغلبية بأن سببه تعاطف الناس معكم فقط، أم لشوق الشعب إلى التجربة الاسلامية وكرهاً في العلمانية التي أغرقته سنين؟
ـ يعود للتعاطف مع ما تعرضت له الحركة من ظلم ولنضالية الحركة طوال السنوات الماضية، وكان الناس يكفرون عن ذنبهم في أنهم رأوا الاسلاميين ظلموا كثيراً ولم يستطيعوا مناصرتهم، فالآن جاءت فرصتهم ليعوضوا الإسلاميين اعترافاً بهم.
ـ هل تعتقد أن الأمر سيتكرر في الدول التي بها ثورات لم تنته بعد؟
ـ نعم سيتكرر، الإسلاميون سيظلوا هم الأكثر شعبية حتى يجربهم الناس في الحكم، فإذا نجحوا في حل مشكلات الناس سيجدد لهم الشعب وسيختارهم مرة أخرى، وإذا فشلوا فسينصرف الناس عنهم، فمرحلة الولاء للإسلاميين لن تدوم للأبد، بمعنى أن التعاطف الذي أتى بسبب مظلوميتهم فهذا الأساس لن يدوم، لأنهم سيواجهون الإسلاميين في موقع الحكومة.
ـ هل تتوقع أن يتكرر سيناريو تونس في سوريا في ظل طائفية تسيطر على مواجهة الثورة هناك؟
ـ أعتقد أنه ستأتي حكومة إئتلافية، سيكون الاسلاميون غالبيتها مثل ما حدث في تونس، وينبغي لأهل الثورات التي نجحت ولكل صاحب ضمير انساني أن يؤيد ويدعم الثورة السورية وأن تسحب الثقة من النظام السوري وأن تعترف بالمجلس الانتقالي ممثلا لسوريا.
ـ قياساً على هذا الأمر..هل تتوقع أن يتحول المغرب العربي إلى رقعة إسلامية خلال الفترة المقبلة؟
ـ دول المغرب العربي ليست دولاً كافرة.. بل هي دول إسلامية ودستورها ينص على ذلك، وسيتحسن إسلامها بالتدريج، بحسب تطور اقتناع الناس بالاسلام، فالثورات لم تقم لنقل هذه الدول من كافرة إلى إسلامية لكن قامت لأن هناك مظالم، وهناك انتهاك لكرامة الانسان.
ـ الدور الإقليمي للدولة التونسية.. ماذا تريدون له وماذا تتوقعون فيه؟
ـ نتوقع أن تكون علاقاتنا مع دول العالم افضل، وسندفع إلى وحدة المغرب العربي المعطلة، وسوف نوثق علاقتنا مع الجزائر وليبيا والمغرب، وكذلك الحكومة المصرية ومع فضاء هذه الثورات، فهذا الفضاء الثوري لابد أن تتعمق علاقاته وينبغي أن نعتبر الربيع العربي منطلقاً لإحياء الوحدة العربية مجدداً.
ـ وماذا عن العلاقات التونسية القطرية؟
ـ هي علاقات قوية لا محالة، ودولة قطر وسمو أمير قطر وكذلك قناة الجزيرة، هم شركاء أصليون في الربيع العربي، وهم شركاء في دعم وتشجيع الثورة في تونس وبقية الثورات، نحن ممتون جداً للدور القطري في صناعة الربيع العربي ونأمل أن تواصل قطر دعمها لمشاريع التنمية في العالم العربي ومنها تونس.