السفير اللبنانية

بينما تستعيد الحكومة laquo;لياقتها البدنيةraquo;، بعد إجازة عيد الأضحى، من خلال جلستين تعقدهما اليوم وغدا، ارتفعت حرارة الساحة الداخلية على وقع المعركة المستحدثة حول وضع laquo;اللاجئين السوريينraquo; في لبنان، بعدما بدا ان فريق 14 آذار قرر ان يحوّل هذا الموضوع الذي ما زال غامضا في أرقامه ومعطياته الحسية، من ملف إنساني الى ملف سياسي بامتياز، يراد توظيفه في سياق ممارسة المزيد من الضغط على حكومة الرئيس نجيب ميقاتي المتهمة من قبل المعارضة بأنها تتجاهل حقوق هؤلاء اللاجئين وتمتنع عن إقامة مخيم لهم.
وكان لافتا للانتباه ان laquo;الرصاص السياسيraquo; للمعارضة، أصاب أول ما أصاب القضاء والجيش اللذين يتعرضان لحملات مباشرة، على خلفية طريقة تعاطي النيابة العامة التمييزية مع قضية اختفاء بعض السوريين، وطريقة مقاربة المؤسسة العسكرية لوضع الحدود اللبنانية ـ السورية.

وإذا كانت laquo;القوات اللبنانيةraquo; قد تولت التصويب العلني على القاضي سعيد ميرزا، فإن الامانة العامة لقوى 14 آذار حمّلت الرئيس ميقاتي مسؤولية التجاوز على الحقوق الطبيعية للاجئين، ووصل الامر ببعض شخصيات laquo;تيار المستقبلraquo; الى حد التهديد بتنظيم تحركات في الشارع للضغط على الحكومة لمساعدتهم، فيما واصل الرئيس سعد الحريري العزف على أوتار الـlaquo;تويترraquo;، وهو رأى عبر صفحته ليل أمس أن سقوط النظام السوري سيحل بعض مشكلات لبنان، آملا في ان يسقط بشار الأسد وأن يحصل التغيير في سوريا قريبا.
ورداً على سؤال عن امكان حصول تدخل عسكري في سوريا، أشار الحريري الى ان الشعب السوري يحتاج الى كل انواع المساعدة من المجتمع الدولي، فهذه المجازر التي تُرتكب لم تعد مقبولة.
ميقاتي يرد
من ناحيته، أجرى ميقاتي، فور عودته من لندن، اتصالا هاتفيا بالأمين العام للهيئة العليا للإغاثة العميد ابراهيم بشير وزوده توجيهاته في شأن متابعة الاوضاع الانسانية للاجئين السوريين قسرا الى لبنان. وأكد ميقاتي laquo;ان ما يحكى عن وقف المساعدات الانسانية للنازحين السوريين أمر غير صحيح ويندرج في إطار الحملات السياسية ليس إلاraquo;. وشدد على laquo;ان الهيئة العليا للإغاثة زادت تقديماتها الانسانية في الآونة الاخيرة، وأن تعاطي الحكومة اللبنانية مع هذا الملف هو إنساني بحتraquo;، مهيباً بالجميع laquo;إبعاده عن التجاذبات السياسيةraquo;.
وكان ميقاتي قد قال في مقابلة مع صحيفة laquo;فايننشال تايمزraquo; اللندنية، إن حكومته لن تتخذ موقفاً بشأن الأحداث الجارية في سوريا، مقللا من أهمية التقارير التي تحدثت عن توغل القوات السورية في الأراضي اللبنانية.
وأشار الى أن سوريا ولبنان laquo;مترابطان بشكل وثيق جداً من خلال الأمن والتجارة والأعمالraquo;، معتبرا laquo;أن استقرار لبنان اليوم يعتمد على عزل البلاد عن المشكلات حولهاraquo;.
وحول ما تردد عن اختطاف معارضين سوريين من لبنان وتوغلات القوات السورية في أراضيه، قال ميقاتي laquo;إن عمليات الخطف يجري بحثها من قبل المحاكم، وعدم وجود حدود واضحة مرسومة بين البلدين يسمح ببروز خلافات حول ما إذا كانت القوات السورية قد عبرت الحدود إلى داخل الأراضي اللبنانيةraquo;.
وأوضح أنه ابلغ نظيره البريطاني أن بيروت ستدفع مستحقاتها حيال المحكمة الدولية، مضيفا: نريد أن نحترم قرارات الشرعية الدولية ليس لأننا خائفون من العقوبات، ولكن لأننا نعتبرها بوليصة تأمين للبنان وسيكون من الصواب لمجلس الوزراء الموافقة عليها. ودعا laquo;حزب اللهraquo; الى الاعتراف بأن المحكمة الدولية laquo;ستستمر حتى من دون تمويل لبنانيraquo;.
مصادر عسكرية
إلى ذلك، استغربت مصادر عسكرية رفيعة الحملات التي تُشن على الجيش اللبناني، داعية الى إبقاء المؤسسة العسكرية بعيدة عن التجاذبات السياسية، وقالت لـlaquo;السفيرraquo; ان الغاية من الاتهامات التي تستهدف الجيش هي تقييد حركته ودفعه الى رفع يده عن الحدود مع سوريا، حتى يسودها الفلتان والتسيب، كما يرغب البعض، ولكنه لن يتأثر بها.
وأكدت المصادر ان laquo;الحملات وما يرافقها من اتهامات رخيصة لا تقدم ولا تؤخرraquo;، مشددة على ان الجيش متمسك بتأدية دوره الوطني، والمطلوب من الكل تحييده عن الصراع السياسي. وحذرت من ان التصويب على المؤسسة العسكرية يُضر أولا الذين يصوبون عليه، لأن هؤلاء كما غيرهم، بحاجة الى ان يبقى الجيش قويا وبمنأى عن التجاذبات الداخلية، حتى يظل قادرا على حماية حق الجميع في ان يتكلموا ويتصارعوا بشكل ديموقراطي.
وأوضحت المصادر ان المشكلات التي حصلت على الحدود كانت محدودة، مؤكدة ان الجانب السوري تجاوب مع الجانب اللبناني في معالجتها، ولافتة الانتباه الى انه جرى تضخيمها إعلاميا لأسباب سياسية.
وأشارت المصادر الى ان الجيش اعتاد منذ عام 1990 ان يشتري بعض حاجاته اللوجستية من سوريا، لافتة الانتباه الى انه أبرم قبل فترة قصيرة عقدا مع السوريين عبر وزارة المال ومصرف لبنان لشراء كابل هاتف رباعي، كون ثمنه رخيصا، وهذا تطلب من الشاحنات العسكرية ان تنقله الى الأراضي اللبنانية، كما ان الجيش يُصلح في أحيان كثيرة معدات في سوريا باعتبار انه كان قد اشتراها منها، عدا عن ان الاراضي السورية تشكل ممرا إلزاميا للشاحنات التي تنقل معدات لوجستية للجيش من الأردن، وبالتالي فلا شيء جديدا على هذا الصعيد، وما يثار حول تورط المؤسسة العسكرية بأحداث سوريا هو محض افتراء.
جنبلاط: تحييد الجيش عن الصراع السوري
من جهته، أكد النائب وليد جنبلاط التمسك بالدور الوطني الكبير للجيش اللبناني في مواجهة إسرائيل، ولكنه أعتبر انه laquo;من الضروري تحييده عن الصراع في سوريا وأن تبقى مهامه داخل حدود الوطن وبما يحفظ أمنه واستقرارهraquo;.
وشدد جنبلاط على laquo;أن من حق الناشطين السوريين التعبير عن رأيهم بحرية من دون التعرض لمضايقات أو ضغوطات من أي جهة أتتraquo;، كما أبدى في الوقت ذاته الرفض المطلق لـlaquo;استخدام الاراضي اللبنانية لأي أعمال من شأنها تقويض أمن واستقرار سوريا أو القيام بأي نشاطات عدائية ضدها انطلاقا من الداخل اللبنانيraquo;.
وتساءل عن صحة المعلومات التي وردت حول خطف 13 ناشطا سوريا في لبنان، مضيفا: هل نحن أمام إعادة إنتاج حقبة جديدة من الوصاية الأمنية السيئة الذكر؟
مجلس الوزراء
على صعيد آخر، يترأس الرئيس نجيب ميقاتي اليوم جلسة عادية لمجلس الوزراء، يتضمن جدول اعمالها 57 بنداً يغلب عليها الطابع الإداري، وتناقش الجلسة طلب وزارة الداخلية الموافقة على تطويع الفي عنصر في قوى الامن الداخلي، عدا عن اتفاقيتي تعاون اداري مع إيران وقضائي مع روسيا، ومشاريع قروض لمجلس الانماء والاعمار من صناديق عربية وأوروبية.
ويعقد مجلس الوزراء جلسة أخرى غدا، في القصر الجمهوري، ستكون مخصصة للبحث في قانون الانتخابات، وعلى جدول اعمالها ايضا تعديل قانون المجلس الدستوري لجهة صلاحيته في تفسير الدستور، الأمر الذي سيكون محور نقاش حقيقي نظرا لاختلاف وجهات النظر حول هذه الصلاحية وهل هي من حق المجلس النيابي ام المجلس الدستوري.
يشار الى ان مجلس الوزراء يفترض أن يناقش الاسبوع المقبل، وفي اكثر من جلسة، مشروع الموازنة العامة للعام 2012.
الحريري
الى ذلك ، وفي حوار عبر laquo;تويترraquo; أكد الرئيس سعد الحريري انه لن ينتظر حتى العام 2013 ليعود الى لبنان كما أن فوزه بالأكثرية في انتخابات ذاك العام وعودته لرئاسة الحكومة laquo;سيتمان في الوقت المناسبraquo; مشيرا الى أنه لم يكن يريد يوما خوض معترك السياسة laquo;إلا أن كل شيء تغير عام 2005raquo;. وأضاف: laquo;لا أشعر أن انتقال وليد جنبلاط الى قوى 8 آذار هو طعنة في الظهر فأنا وجنبلاط نتحدث بصراحة ووضوح ونقول الأمور كما هيraquo;. ورداً على سؤال حول امكانية استخدام laquo;حزب اللهraquo; سلاحه في الداخل، أجاب: laquo;سأكون هناك إذا حاولوا ذلك مجدداraquo;، مشددا على أن laquo;لا دخل للحزب في منطقة طرابلسraquo;، لافتا الى أن laquo;يديه مفتوحتان للجميع بمن فيهم الحزب الذي يجب أن يلتزم بالقواعد لأنهم ليس من يصنعهاraquo;. وقال: laquo;أنا واثق من أن المحكمة الدولية ستؤدي الى الحقيقة وإن لم تدفع الحكومة مستحقات المحكمة فسنواجه مشاكل كبيرة مع المجتمع الدوليraquo;، مستبعدا أن تستقيل حكومة الرئيس نجيب ميقاتي.
وسئل laquo;هل ستسامح ميقاتي؟raquo;، فأجاب: laquo;السؤال هو ان كان الشعب اللبناني سيسامحهraquo;. وفي الموضوع السوري، قال الحريري laquo;أعتقد أن على المجتمع الدولي أن يمنح السوريين كل المساعدات اللازمة لأن هذه المجازر لم تعد مقبولة ونتمنى أن تقوم جامعة الدول العربية بدورها خصوصا في الوقت الحاليraquo;. ورأى الحريري أن laquo;الدور التركي في المنطقة هو دور ايجابيraquo;، مشيرا الى أن laquo;قطر تلعب دورا جيدا في المنطقة ونتمنى أن يصل التغيير قريبا الى سورياraquo;. وردا على سؤال حول أنه حين يكون رئيسا للحكومة لا يتهجم على النظام السوري ويزور دمشق، قال laquo;لمن يقولون ذلك انهم لا يعرفون سعد الحريريraquo;. وعلق على عقدة ترقية رئيس فرع المعلومات العقيد وسام الحسن بالقول: laquo;عار أن يقوم ضابط جيد بأفضل ما يمكنه فيخذلونه. أظن أنه علينا أن نمنح كل العسكريين حقوقهمraquo;.