وائل الحساوي

كشف العالم المصري الدكتور احمد زويل - الحاصل على جائزة نوبل عن ثورة جديدة سيصبح معها الانترنت بشكله الحالي أسلوبا كلاسيكيا قديما، وهو ثورة laquo;كوانتم انتانجل نتraquo;، وتتلخص في البحث عبر الانترنت من دون أسلاك وكابلات بحرية او خطوط اتصالات، بل يتم استخدامه عبر انتقال ذرات وذبذبات لتتحول الى ضوء عبر الهواء ثم تنتقل الى ذرات وذبذبات في بلد آخر، ما يتيح لها سرعات غير متناهية للبحث وخصوصية لحفظ الأسرار والمعلومات.
تذكرت ذلك وأنا أتابع ما فعلته الحكومة المصرية من توقيف لشبكة الانترنت والاتصالات لوقف الشباب المصري من تنظيم صفوفهم لإنجاح تظاهراتهم الشعبية التي كان وقودها الاساسي هو شبكة الانترنت بجميع أقسامها laquo;جوجلraquo;، laquo;فيسبوكraquo;، laquo;تويترraquo; والهاتف المحمول، وقد تبين فشل الحكومة في منع الناس من التجمع والتنسيق، فالشباب هم أسياد الانترنت ويعرفون جميع دهاليزه.
وقد جربت ايران ذلك قبل سنة ونصف السنة عندما تم قمع المتظاهرين المحتجين على نتائج الانتخابات البرلمانية في ما سمي بالثورة الخضراء، ولكنها فشلت إذ ان التعتيم الاعلامي الذي فرضته ايران لم يمنع من تنظيم المحتجين والتنسيق بينهم وكذلك من نقل الاحداث بالصورة للعالم كله، بل وقد تمثل ذلك بشكل اكبر في تونس التي تم قمع شعبها حتى من التفكير العلني لكن الحكومة فوجئت بحجم التنسيق عبر شبكة الانترنت حيث يبلغ عدد مستخدمي الشبكة في تونس (6.3) مليون وان نصفهم يستخدمون laquo;الفيسبوكraquo; وقامت ثورتهم الشعبية رغما عن معارضة الحكومة.
وقد اصطلح العالم على تسمية تلك الثورة الانترنتية الجديدة بـ laquo;الديموقراطية الالكترونيةraquo; او laquo;المجتمع المدني العالميraquo;، هذا المجتمع الذي كسر جميع الحواجز بين الناس ومحاولات منع انتقال الافكار والآراء، حتى الولايات المتحدة الاميركية التي تطالب الدول العربية اليوم بعدم التضييق على وسائل الاعلام وعلى الانترنت وتشن الحملات المسعورة على الصين، فإنها قد طالبت بمحاكمة مؤسس (موقع الويكيليكس) وإغلاق موقعه عندما تعلق الامر بتسريب معلومات تدينها على الشبكة، وكما فعل الكيان الصهيوني في عام 2001 عندما وقّع مئة ألف مدوّن انترنت على مذكرة مرفوعة الى الامم المتحدة تطالب بمحاكمة أرييل شارون بعد غزو بيروت عام 1982 حيث جن جنون الاسرائيليين من قدرة الانترنت على محاصرتهم وفضحهم (وهذا قبل الانتشار الواسع للانترنت).
كم أتعجب مما ذكره النائب احمد السعدون بالامس من محاولة عناصر من امن الدولة التضييق على المغردين على شبكة الانترنت ومراقبتهم والتي سبقها الحديث عن ملاحقات للمدونين على الشبكة خلال الشهرين الماضيين لمنع تجمعهم ونشرهم للمعلومات حول ما مرت به البلاد خلال فترة استجواب رئيس الوزراء.
وسبب تعجبي هو ان هذه الطرق الجاسوسية قد اثبتت فشلها الذريع في عصر الثورة الانترنتية الجديدة، وتذكرني بدولة كانت تمنع دخول جهاز الفاكس الى الداخل حتى لا تتسرب المعلومات عن طريقها الى الخارج، وها نحن نضحك على ذلك الآن.
نحن لانطالب - بالطبع - بكسر الحواجز تحت حجة عدم القدرة على التحكم بالسرية لأن كسر تلك الحواجز يعني نهاية العالم وهو أشبه بجمع جميع أنواع السمك او الحيوانات في مكان واحد، ولكننا نطالب الاجهزة الحكومية بالتركيز على الاصلاح الحقيقي والتفاهم مع شعوبها بدلا من التضييق عليهم.