جهاد الخازن
المعارضة الإيرانية طالبت الحكومة بأن تسمح لها بالتظاهر دعماً للانتفاضتين في تونس ثم مصر، غير أن النظام الذي رحّب مرشده بالانتفاضة في مصر وأعلن تأييدها رفض إعطاء إذن بالتظاهر، بل هدد بسحق المتظاهرين، لأنه يعرف جيداً أن الإيرانيين سيتظاهرون ضد محمود أحمدي نجاد والنظام كله.
الثورة الإيرانية أكلت أبناءها، ولا أحتاج أن أعود الى 1979 والتصفيات الجسدية التي تبعت قيام الجمهورية الإسلامية، وإنما أكتفي بما يحدث اليوم، فالمرشحان للرئاسة ضد أحمدي نجاد، مير حسين موسوي ومهدي كروبي، أصدرا بياناً مشتركاً دان زيادة الإعدامات في إيران خلال الشهر الماضي، فهي بلغت حسب تقدير الأمم المتحدة 67 إعداماً، ما يعني لو استمرت هذه النسبة تجاوز رقم 179 إعداماً لسنة 2010، ربما بأضعاف. أما الحملة الدولية لحقوق الإنسان في إيران فجعلت رقم الشهر الماضي 97 إعداماً.
أبو الحسن بني صدر الذي كان أول رئيس بعد ثورة 1979 كتب في laquo;نيويورك تايمزraquo; الشهر الماضي عن فشل الثورة الإيرانية. وكيف يمكن الوصول الى حكم ديموقراطي وحمايته.
كنت صغيراً قرأت كتاباً قديماً صدر في الولايات المتحدة عنوانه laquo;كيف تكسب الأصدقاء وتؤثر في الناسraquo;، والنظام الإيراني يستطيع ادعاء تأليف كتاب سخر من الكتاب السابق عنوانه laquo;كيف تخسر الأصدقاء وتنفر الناسraquo;، فهذا ما يفعل ويتقن، بالإضافة الى تأييد الإرهاب، أو التحريض والتدخل في شؤون دول أخرى، وتهديد القريب والبعيد.
أيّدتُ إيران في برنامجها النووي، ولا أزال، طالما أن إسرائيل تملك ترسانة من الأسلحة النووية، ولكن في حين أن إسرائيل تنكر ما يعرف العالم كله أنها تملك، فإن النظام في طهران يدّعي ما ليس عنده، ويصدر تقارير دورية عن صواريخ وتجارب وأجهزة طرد مركزي، ثم يُعقَدُ اجتماعٌ في إسطنبول برعاية تركيا، للبحث في برنامج إيران النووي، ويعلن سعيد جليلي، كبير المفاوضين الإيرانيين في اليوم الأول، أن جانبه لن يبحث في البرنامج النووي. لماذا اجتمعوا إذاً؟ للبحث في سعر الفستق الحلبي (عفواً الإيراني)؟
بصراحة البرنامج النووي الإيراني، وهو أهم قضية بين إيران والعالم الخارجي، لا يهمني كثيراً. وكنتُ سمعت مجرم الحرب مائير داغان يقول وهو يترك رئاسة الموساد إن إيران بعيدة عن إنتاج قنبلة نووية أربع سنوات أو خمساً. وقرأت أخيراً أخباراً عن تقرير في 128 صفحة صادر عن المعهد الدولي للدراسات الإستراتيجية في لندن، وهو موضوعي وموثوق، يزعم أن إيران تستطيع إنتاج قنبلة نووية أو اثنتين في ستة أشهر أو سنة لو حاولت. مرة أخرى، لا أعترض على البرنامج النووي الإيراني، وإنما أسجل أن النظام يضطهد المعارضين، وإلى درجة أن يهدد محامي الدفاع عنهم ويسجنهم، ثم ينتقل لتهديد الجار القريب والبعيد، وآخرين يفترض ألاّ تجمعه بهم مصلحة أو علاقة من أي نوع. ولا بد أن القرّاء سمعوا عن ضبط أسلحة إيرانية في نيجيريا في تشرين الأول (اكتوبر) مرسلة الى جماعات إرهابية في غرب أفريقيا.
النظام الإيراني يقلق جيرانه عبر الخليج، وأعرف معلومات ديبلوماسية لم تُنْشر عن تهديد هذه الدولة أو تلك، وهو هدد مصر، وورّط حزب الله، وضيّع شعبية هذا الحزب المناضل وقائده السيد حسن نصرالله في مصر، وهي شعبية تابعتُها بنفسي على مدى سنوات.
اللواء عمر سليمان قال لي في جلسة خاصة معه إن العملاء الذين اعتُقلوا في سيناء كانوا يرصدون السياح في المنتجعات البحرية المعروفة وحركة السفن عبر قناة السويس. وقلت له إنني كنت أتمنى لو أنني لم أسمع اسم حزب الله في هذا الموضوع، وهو ردَّ أن المحاولة كانت شريرة الى أبعد حد، ولو نجحت لضربت مصر في أهم ركيزتين لاقتصادها وهما السياحة وقناة السويس. هل يستطيع أحد أن يشرح لي تفكير طهران؟ يعني إذا كان الفاطميون في قرنين لم يجعلوا المصريين شيعة، هل يفعل ذلك أحمدي نجاد؟
اليوم النظام الإيراني laquo;ينتصرraquo; للشعب المصري بلسان المرشد علي خامنئي، أي يحرض بعض المصريين على بعض، فيما هو يمنع الإيرانيين من التظاهر تأييداً للانتفاضة التونسية أو المصرية. وأقارن هذا الموقف اللاأخلاقي بتأييد الملك عبدالله بن عبدالعزيز الرئيس حسني مبارك، ليس للبقاء في الحكم، وإنما ليكون الانتقال الى عهد جديد سلمياً، وبما يحفظ كرامة الرئيس، وهذا موقف دولة الإمارات العربية المتحدة التي أرسلت وزير خارجيتها الشيخ عبدالله بن زايد ليقابل الرئيس مبارك وينقل إليه تضامن بلاده مع الرئيس والشعب المصري. وفي حين أن السعودية بلّغت إدارة أوباما أنها ستساعد مصر إذا أوقفت أميركا المساعدات السنوية، فإنني أعرف أن هذا أيضاً موقف الإمارات ودول عربية قادرة. ثم هناك إيران أحمدي نجاد/ خامنئي ولا أقارن، لأن المقارنة لا تجوز.
التعليقات