عبد الله إبراهيم الكعيد
وحيث لا حديث لوسائل الإعلام هذه الأيام سوى أحداث مصر وثورة ميدان التحرير فإن الباحث سواء أكان متابعاً قبل الأحداث أم الذي توقف نبضه لجزءٍ من الثانية وهو يسمع بيان تنحّي رئيس مصر السابق عن الحُكم أقول إن الجميع عادوا للتنقيب عن أيّ معلومة قد تُساعدهم على فهم ما يجري بالضبط ولماذا؟ ثُم ما ستؤول إليه الحال في المستقبل. حتى السؤال الحائر quot; وماذا بعد quot; لا أحد يستطيع التكهن بماهيّة الجواب. الكلمة اليوم للجيش المصري وقياداته الذين تعاملوا بكل حكمة وانضباطية مع ما يجرى وأجزم بأنه (أي الجيش) تلك المؤسسة العسكرية هائلة القوّة والإمكانات والعقول قادر على توجيه دفة السفينة للوصول إلى شواطئ الديمقراطية المأمولة والأمان المنشود رغم ما سيعترض تلك الرحلة من أمواج عاتية.
لم أكُ بعيداً عن الشارع المصري ولا عن الوسط الثقافي هناك فقد عشت العشر سنوات الأخيرة متنقلاً مابين الرياض والقاهرة بل قد تكون إقامتي في القاهرة أكثر بحكم مشاركتي في إدارة شركة سعودية - مصرية مقرها في حي المهندسين ومصنعها في مدينة 6 أكتوبر، لهذا فقد خبرت تفاصيل الحياة كما كتبها الراحل جمال حمدان في مؤلفه الماتع quot; شخصيّة مصر ، دراسة في عبقرية المكان quot; منشورات دار الهلال.
حين تحدث حمدان عن سلبيات وعيوب الشخصيّة المصريّة أشار إلى شيء واحد أكّده وجزم بعدم الخلاف عليه وهو : أن معظم تلك السلبيات والعيوب تعود أساساً وفي الدرجة الأولى إلى القهر السياسي الذي تعرّضت له(أي الشخصيّة المصريّة) ببشاعة طوال التاريخ. ما هو الحل كما رآه المؤلف آنذاك ؟ يُجيب بأن لا حل ولا أمل للشخصيّة المصريّة في التغيير ولا في التخلّص من سلبياتها الخطيرة المعقدة إلا بتغيير وتصفيّة القهر السياسي أساساً وأولاً وأخيراً.
الآن تم أو كاد تصفية القهر السياسي بزوال النظام السابق فهل بدأت مرحلة هدم العيوب والسلبيات في الشخصيّة المصرية ؟ هذا ما سيكشفهُ لنا قادم الأيام.
التعليقات