عباس الطرابيلي
هل حان الوقت لكي نرفع القبعة تقديراً واحتراماً لصحف المعارضة بسبب ما قدمته من كشف للفساد والمفسدين، وأن نطلب محاسبة الصحف القومية اسماً الحكومية فعلاً بسبب ما ارتكبته في حق هذا الوطن؟!
كانت الصحف المعارضة، وفي مقدمتها raquo;الوفدlaquo; تنشر وتكشف وتسلط الاضواء، كان النشر - في البداية - يتم بأسلوب العصفورة.. فقد كنا نخشي بطش السلطان ومطاردات السلطة.. ثم أخذنا ننشر كل شيء، بالأسماء كلما أمكن ذلك.. وسوف يذكر تاريخ الصحافة أن الوفد لها الفضل الاكبر في توسيع آفاق حرية الصحافة في مصر، منذ عام 1984.. وليس سراً أن جريدة الوفد ساهمت في تقديم المعلومات إلي نواب الحزب في مجلس الشعب الذين حولوها إلي أسئلة وطلبات إحاطة.. بل واستجوابات وفي مقدمتها كانت طلبات واستجوابات علوي حافظ وعلي سلامة وغيرهما..
lt;lt; ان من كان يقرأ جريدة الوفد منذ صدرت اسبوعية في مارس 1984 ثم يومية في مارس 1987 يعرف كيف قدمت الوفد هذه الحقائق للشعب.. ويومها كانت الصحف القومية سابقاً الحكومية فعلاً تهاجم جريدة الوفد وتتهمها بالإثارة والكذب والخداع.. وكلها كانت تسارع بنشر ما تطلبه الحكومة رداً علي ما نشرته الوفد..
ولكن ما الذي يمكن ان تنشره هذه الصحف الآن، بعد أن اكتشف الشعب صحة ما كانت تنشره الوفد.. وكذب وافتراء ما كانت ترد به تلك الصحف.. ويكفي raquo;الوفدlaquo; فخراً أن ما يراه الشعب الآن، بل ما ثار من اجل تغييره، يؤكد صحة ما كنا ننشره وسوف يشهد التاريخ ان الوفد كان لها سبق توسيع أفق النشر في مصر، في فترة كان الكل يطبل ويزمر.. وكأن ليس في العالم ما هو أحسن من مصر.. إلي أن عرف الشعب الحقيقة بعد ثورة 25 يناير.. بعد أن تأكدت مقولات جريدة الوفد..
** ولكننا نري الآن عجباً في الصحف القومية، الحكومية بالفعل، أو علي الأقل معظم هذه الصحف..
نري بعض هذه الصحف في الأيام الأولي من الثورة تقوم بعملية تحجيم لهذه الثورة والتقليل من قدرتها علي التغيير.. بل وتدعي أنها مجرد حركات عيال.. وما عرفوا أن هؤلاء هم الذين أسقطوا النظام كله.. نظاماً كان نمراً من الورق من الداخل ونمراً يبطش بكل شيء.. من الخارج.
وظلت هذه الصحف تكابر في الأيام الأولي بل وبعد مرور 10 أيام إلي أن اكتشفت أن السلطة كلها تتهاوي فأخذت هذه الصحف تنشر بعض ما تنشره raquo;الوفدlaquo; حتي لا ينكشف زيفها أمام الشعب..
ثم تطور الأمر في الصحف الحكومية ـ بعد اقتراب النصر ـ فأخذت تتحدث عن الفساد.. وعن المفسدين الذين نهبوا ثروات البلاد ولكنها كانت تحاول اللحاق بركب الثوار.. قبل أن تغرق السفينة.. بل كانت مثل الفئران التي هي أول من يهرب من السفينة الغارقة.
** وهنا نستثني صحيفة قومية رائدة التي قادها حسها الوطني العالي إلي الطريق الصواب، ومن الأيام الأولي.. هي raquo;جريدة الأخبارlaquo; منذ تولي رئاسة تحريرها شاب من الجيل الجديد هو الزميل العزيز ياسر رزق، الذي تحمل وحده مسئولية النشر.. ولم يكن يخشي السلطان، أو يخاف من السلطة.. فقفز بتوزيعها إلي ما كانت عليه أيام منشئها الأول مصطفي أمين، فعادت بحق صحيفة الشعب الأولي..
وفي المقابل هناك صحيفة صدرت منذ سنوات قليلة، رغم أنها تحمل اسماً عريقاً في عالم الصحافة.. ولكن الكل يعلم أنها صدرت بتعليمات من جمال مبارك أمين السياسات الذي بشرهم بالجنة ونعيمها.. وأطلق أيدي القائمين عليها لينهشوا في أعراض الصحفيين الشرفاء وصحفهم الشريفة.. ولم ينج شريف من أقلام مسئولي الصحيفة الجديدة..
ولكن تري ماذا يقول هؤلاء الآن.. وكيف واجهوا أنفسهم.. بل كيف واجهوا القراء كلهم.. إن كان لهم قراء..
** ونسأل هؤلاء: أين كانوا منذ 20 عاماً.. أو حتي 10 سنوات ولكننا نترحم الآن علي فارس الصحافة المعارضة مصطفي شردي ومقالاته النارية التي كشفت النظام منذ 27 عاماً.. ورحم الله جمال بدوي وإبداعاته الرائعة في تعرية هذا النظام واللهمَّ لا شماتة.. فهذه مقالات عباس الطرابيلي وهجماته المستمرة في عموديه: هموم مصرية.. ولكل المصريين.. وحملاته علي المشروعات الوهمية التي حاول بها النظام تجميل نفسه..
** حقاً.. هل يتذكر الشعب كل ذلك.. وهل يتذكر كتبة النظام.
اللهمَّ لاشماتة.
التعليقات