عبدالمنعم الاعسم

اكثر من جهة تطلق النار على رئيس الوزراء نوري المالكي. بعض النيران تاتي من جهة (او جهات) لا تفرق بين المالكي وغيره، وتستهدف عملية التغيير والعملية السياسية، وهي (في الاصل) لا تؤمن بالاحتجاج السلمي ولا تحمل مشروعا واضحا بديلا للمستقبل، وإن كانت في خطابها الاعلامي تتعاطف مع (وقد توحي انها تقود) الاحتجاجات المطلبية، وهي (كما اتضح خلال احتجاجات الجمعة) لا نفوذ لها واضحا للعيان في صفوف الجمهور، على الرغم من التضخيم المتعمد الذي اعتمده الخطاب الحكومي عن مخاطرها ونشاطها التخريبي.

وبعض النيران الاخرى لها ما يفسرها في دولة تتهيكل من جديد، من المركزية الصارمة (الفردية) الى اللامركزية المضطربة إذ يتخذ فيها رئيس الوزراء الموقع الرأسي (المبالغ فيه) في ادارة السلطات التنفيذية، وتغيب عنها (او تتلكأ) فروض الشراكة في سلطة القرار، وتختنق الادارات الحساسة ذات الصلة بالخدمات ودورة المال والبناء بموظفين (ومسؤولين) فئويين من جهة، ومن غير كفاءات من جهة ثانية، وبعضهم غير نزيهين من جهة ثالثة. هذه النيران تنطلق (او تـُطلق) من افئدة جمهور عريض من الشبيبة المهمشة وواصحاب عائلات عاطلين عن العمل وابناء الاحياء الغارقة في الوحول والعتمة وشرائح متعلمة تفتح عيونها على هول المفاسد السياسية والادارية والمالية.

الى ذلك (ولم يكن متوقعا) فقد تعرض المالكي الى ما يمكن تسميته بالنيران الصديقة من فرقاء يشاركونه الاستحقاق الانتخابي من خلال الاكثرية النيابية ويقاسمونه ادارة اهم مفاصل السلطة التنفيذية ودورة الخدمات، واللافت، وفي مجرى الاحداث الناجمة عن حركة الاحتجاجات، ان هذه النيران ليست عمياء كفاية ولا عشوائية ولا منفلتة عن حساب خاطئ للمديات كما هو حال النيران الصديقة في ساحة الحرب، بل انها مصممة (عن عمد) نحو اصابة مكامن سياسية لمنصب رئيس الوزراء لا احد يعرف حتى الآن نتائجها المباشرة على خارطة التحالفات التي اجازت الحكومة، لكن المعروف انها اضافت اسبابا جديدة لارث انعدام الثقة في صفوف المعسكر السياسي النافذ.

ثمة نيران اخرى بدأت تتجه الى كابينة المالكي من الخارج، صحفا وهيئات انسانية، ولم تكن مفاجئة إلا بالقدر الذي يعرفه المحللون عن علاقة تلك النيران بمراكز نافذة في الولايات المتحدة وبريطانيا، الدولتين الاكثر اهتماما وتكفلا بمستقبل العراق.

وغير تلك وهذه من النيران فان المراقبين عن كثب للاحداث والمنقبين في ما يترشح من الكواليس من تسريبات قد رصدوا نيرانا مسجلة باسم بعض اهل رئيس الوزراء المقربين الذين يفترض انهم يعضدون موقفه ويقفون معه في ساعة الشدة، وبعضهم نأى عن نفسه لكي لا تقع بعض الشظايا على دشداشته، الامر الذي يدفع الى القول ان الايام القادمة ستجلب المزيد من الصداع للسيد المالكي، ولاصحاب النيران على حد سواء.

*

ldquo; تاج القيصر لا يمكن أن يحميه من الصداعquot;.

حكمة روسية