عبدالمحسن جمعة

تراكم الأخطاء الكبيرة في معالجة الشأن البحريني يتعاظم ويهدد المنطقة كلها بانفجار كبير يجب أن يتداركه العقلاء والمعتدلون بتقديم النصيحة إلى السلطة هناك بسرعة اتخاذ القرار المطلوب بإصلاحات فعلية وشاملة بلا مناورات وتسويف عبر ما يسمى بالحوار والتدرج في منح الحقوق الوطنية بعد سنوات طويلة من المطالبات الشعبية والنضال السياسي الممتد منذ سبعينيات القرن الماضي وما قبله، من جميع مكونات وطوائف الشعب البحريني المنسجم والمتوحد تاريخياً.
لعبة الإسلام السياسي بشقيه السني والشيعي ضربت المجتمع البحريني كما فعلت في معظم دول المنطقة، ووجدت فيها ضالتها نُظم الحكم، كما وجد فيها الطائفيون والمتزمتون وأصحاب نظرية تصدير الثورة المذهبية مبتغاهم، فسعى كل منهم إلى توظيفها في مشاريعهم في تثبيت السلطة عن طريق فرق تسد أو تحقيق التوسع لقوى إقليمية من أصحاب الأجندات الخارجية بالعزف على العاطفة والنعرات المتمكنة من جموع شعوبنا، وكم هو مؤسف أن يقود الحركات الاحتجاجية الشعبية والحركة الوطنية العتيدة في البحرين أصحاب العمائم والملتحون ليشكلوا اصطفافاً طائفياً في قضية سياسية وطنية بامتياز، وأيضاً كم هو حزين أن يردد التلفزيون الرسمي البحريني منذ أسابيع تصنيفات لشعبه بين السني والشيعي ورسم خطوط تماس لمناطق بلده، بوصف هذه المنطقة أو تلك بأنها سنية أو شيعية عبر من يستضيفهم من سياسيين وإعلاميين، وبث نداءات الاستغاثة الهاتفية التي تروع السكان وتؤجج المواجهات الطائفية.
أوضاع البحرين وما ستؤول إليه هي مرحلة فارقة تعتقد بعض الأطراف أن خيوطها ودفة توجيهها بيدها، ولا تدرك أنها قد تفلت منها في أي لحظة، وتؤدي إلى كوارث لا يعلم إلا الله مداها، بينما العقل والحكمة يتطلبان تسوية وطنية كبرى عبر حسم الخيارات واتخاذ القرارات الهامة دون تلكؤ أو تشبث بمكاسب تجاوزها الزمن ونسختها الظروف والمستجدات العربية، وفي المقابل فإن التطرف من المعارضة البحرينية واستدعاء النفس الطائفي والمطالبات المستحيلة ستقوض آمال الشعب البحريني وتدمرها، كما أن تصدر الرموز الدينية الطائفية للمعارضين سيصيبها في مقتل.
الحل في البحرين أصبح واضحاً ولا مناص منه، وهو تكوين دولة مدنية ديمقراطية بدستور علماني، لا يكون فيها مكان علني لمظاهر الطوائف ومعتقداتها، ولا قيمة للأغلبية العددية لأي طائفة فيها سوى المواطنة، ودون ذلك فإن مستقبل البلد سيكون دربه إلى المجهول المظلم، ولن تجدي كل القوى العسكرية والأمنية الخليجية في حلها أو التعامل معها، ولذلك فإن استدعاء قوة درع الجزيرة ودخولها إلى البحرين أحد الأخطاء الكبيرة التي تتراكم في معالجة المشكلة البحرينية، لأن الحلول الأمنية لن تنتج سوى حلول آنية مع قضية سياسية بامتياز، كما أن استخدام العمق الخليجي في التعامل العنيف مع مطالب شعبية داخلية ستكون له انعكاسات سلبية كبيرة على مسيرة مجلس التعاون الخليجي ومصداقيته والتحامه مع الشعوب الخليجية.