خليل علي حيدر
ما مصلحة الشيعة في البحرين ودول مجلس التعاون والعالم العربي من هذا التصعيد السياسي المتطرف، الذي يطالب بـ laquo;اسقاط النظامraquo;، واعلان laquo;الجمهورية الاسلامية البحرينيةraquo;؟ ما سقف السلوك الاحتجاجي لبعض جماعات التشيع السياسي في ذلك البلد الشقيق، بعد أن انقسم المجتمع، وتشتت المدرسون والاطباء والموظفون على اسس طائفية، ووصلت التعبيرات الطائفية الكريهة الى اصغر الطلبة والتلاميذ في المدارس؟.
لا يختلف احد من جماعات العمل السياسي الشيعية في البحرين على وجود الاخطاء والمظالم، وقد أقرت الحكومة البحرينية بذلك، وطلب سمو ولي العهد بعض الوقت للقيام بالاصلاحات المطلوبة. ولكن محاولات التفاهم والتهدئة لم تؤد الا الى المزيد من التشدد والتطرف لدى بعض الاحزاب والجماعات. والواضح من اهداف هذا التشدد انه يستهدف المزيد من الشحن الطائفي والمزيد من الضحايا والمزيد من العنف، كما في العراق ولبنان، لتحقيق المرامي المكشوفة لهذه الجماعات، واختطاف المجتمع برمته، والمساومة على شعارات لا تحظى باجماع الشعب.
ولكن اين الاعتدال الشيعي؟ أين أثرياء البحرين الشيعة وأين الطبقة المتوسطة والفئات المثقفة؟.
قيل لي بأنهم يخافون من انتقام جماعات التشيع السياسي المتطرفة هناك.. فقد يحرقون سياراتهم ويدمرون ممتلكاتهم ويشهرون بهم ويعزلونهم اجتماعياً واسرياً على كل صعيد. ولدينا كل الاسباب لأن نصدق الكثير من هذه الاحتمالات بسبب قوة هذه التنظيمات وخطورة بعض عناصرها وضيق افق وتعصب الكثيرين ممن يتعاون معها، ونحن في الكويت نتذكر جيداً بعض هذه التصرفات في اعقاب laquo;الثورة الاسلاميةraquo; في ايران 1979، وغير ذلك، ولكن لابد لصوت عقلاء ومتسامحي الشيعة ان يرتفع في البحرين، ولا بد للمواقف ان تتضح.
فاصطدام التشدد الطائفي بالحكومات والمجتمعات العربية والخليجية ستكون له عواقب وخيمة ونتائج شديدة السلبية على سائر الشيعة بل وحتى على التسامح العام مع المذهب الشيعي ومؤسساته، وكل من يتابع الاحداث ويشاهد قنوات تكفير الشيعة وتعليقات الانترنت، وما يظهر على شاشاتها من تهديد ووعيد يدرك ان القضية بلغت مرحلة الانفجار، وبات الخطر يهدد الجميع وليس هذه الجماعات المتشددة في البحرين وحدها.
شيعة الكويت والبحرين ولبنان وحتى العراق لا يعرفون على وجه التحديد من الذي يقود عملية التصعيد المذهبي في اوساطهم، بل يعمد البعض الى التهوين وتبريرها بترديد المشاكل والشعارات المعروفة، ولكن الجميع يعرف أن كل حكومات دول مجلس التعاون على اتم الاستعداد للتفاهم والتعاون والتنازل، ولكن لا يمكن للأمور أن تنجز بين يوم وليلة، ولا بد من زرع الثقة بدلاً من الشك والعداء.
نحن جميعاً سنة وشيعة، ندرك في الكويت مشاكل دولة البحرين الشقيقة السياسية والاقتصادية والاجتماعية، ولكن من يقنعنا أن كل مشاكل شيعة البحرين وسنتها وكل قضاياها المتداخلة المستعصية، ستجد الحل السحري بـ laquo;اسقاط النظامraquo;؟، واذا كانت البطالة مثلاً كبرى مشاكل شيعة البحرين وعموم شبابها، مع تعاطفنا الكامل مع معاناتهم ومحنتم، فلنتذكر في الوقت نفسه ان البطالة مشكلة اكبر حجماً واوسع انتشاراً في الجمهورية الاسلامية الايرانية نفسها، بعد ثلاثين سنة من الثورة وraquo;سقوط النظامraquo;!
لشيعة الكويت دور ينتظرهم لحماية المجتمع البحريني القريب منا جميعاً والعزيز على قلوبنا. باستطاعة شيعة الكويت من مختلف الشرائح والاوساط، وشيوخ الدين، والحكومة الكويتية والقطاع الخاص، وكل من يهمه مصير التسامح السياسي والتلاحم الاجتماعي والتفاهم بين الطوائف، ان يقوموا بدور فعال وسريع مدعوم على كل صعيد، لانقاذ مجتمعاتنا من غول الطائفية، الذي يكاد يفترس اليوم مملكة البحرين.. اولاً.
إلى الأعلى
التعليقات