هشام الشحات

فضيلة المرشد الدكتور محمد بديع.. أعرف أنني بمقالي هذا قد أقترب من المحظور من وجهة نظر الكوادر الشابة في جماعة الإخوان المسلمين.. ولكنني أثق في حكمتك ومعك جمع غفير من أعضاء الجماعة الذين يتصفون بالتجرد وسلامة القصد.

هناك قائمة طويلة من الأسباب جعلتني أنبري في الدفاع عن جماعة الإخوان المسلمين طيلة ثلاثين عاماً.. أولها: ذلك العسف والجور والترويع الذي تعرض له أعضاء الجماعة وذووهم طيلة السنين وآخرها إيماني بسلامة قصدكم نحو الارتقاء بمصر لتأخذ مكانتها بين الأمم المتقدمة.. ودعني أروي لك ما قاله الراحل الوطني المخلص المهندس عثمان أحمد عثمان عندما سُئل من جهات أمنية في عصر الرئيس جمال عبدالناصر: لماذا تستخدم في شركة المقاولون العرب مهندسين من أبناء أعضاء جماعة الإخوان المسلمين؟.. فرد قائلاً: أشغلهم حتي لا يبقوا بلا عمل فيتفرغوا لتدبير أفكار ضد الدولة.. وبعد أكثر من أربعين عاماً سُئل عثمان أحمد عثمان من جديد عن تلك المقولة وهل فعلاً كان يقصد ما قال؟.. قال: لا.. إنني رجل بناء وتشييد.. ومؤن البناء التي تكلف الشركة أموالاً كثيرة متناثرة في المواقع.. وأشعر أن أبناء الإخوان سيكونون من أكثر الناس حرصاً عليها لذا استعنت بهم.

كما لم أنس ما تعرض له الدكتور حسن الحيوان في فاقوس منذ سنوات قليلة.. حيث اقتيد من عيادته دون سبب ليعود بعد عام إلي بيته فيموت في اليوم التالي لإطلاق سراحه.. طيلة 20 عاماً نتعرض لضغوط نفسية عندما نُسأل عن رأينا في جماعة الإخوان المسلمين من قبل الأوروبيين.. لما تحمله معلوماتهم من افتراءات ضد الجماعة.. وكانت مناقشاتنا معهم تؤدي إلي فراغ لعدم تحملنا للتضليل والجهل في المناقشة.

هناك وجوه في الإعلام المصري لا أحب النظر إليها بسبب الحملات المنظمة التي قادوها ضدكم بلا ضمير ولا أخلاق.. حتي انتخابات الجزائر في مقتبل التسعينيات التي كانت جبهة السيد عباس مدني طرفاً فيها كنت أدعو لها بالتوفيق لنعطي للعالم نموذجاً للحكم الإسلامي الوسط الرشيد الذي يعيش في ظلة جميع المواطنين بمختلف دياناتهم في أمن وعدل وعزة وسلام.

هل يجوز - يا فضيلة المرشد - أن نخرج من وصاية الحزب الوطني المدعوم بأمن الدولة إلي وصاية جماعة الإخوان المسلمين؟.. هل يجوز يا فضيلة المرشد أن نخرج من ابتزاز الحزب الوطني عن طريق إرسال وجبات جاهزة للفقراء لكسب مودتهم إلي ابتزاز أطباء الجماعة لنفس الفقراء عن طريق عروض - في هذا التوقيت بالذات - للعلاج المجاني؟

هل يجوز أن تقف مجموعات من شباب الجماعة أمام لجان الاستفتاء أو في الطرقات للتأثير علي الناخب؟.. وفي هذه الجزئية بالذات كان لي رأي قديم منذ أن كنا نسمع بالبلطجة وطلقات الرصاص الحي أمام لجان الانتخاب عندما كان الحزب الوطني يتصدر المشهد.

السيارات كانت تجوب الشوارع بمكبرات الصوت تُطالب المواطنين بالتصويت بنعم.. ألم تكن هذه عين الوصاية؟.. سمعت أصوات بعض الأئمة عبر مكبرات الصوت من المساجد تطالب المواطنين بالتصويت بنعم وتحذرهم من مغبة التصويت بلا علي الاستفتاء وشرع الله.. هل هذا في صالح السلام الاجتماعي وتنمية الفكر البشري؟

نفس المساجد لم تستطع الاضطلاع بعمل اجتماعي ميداني مؤثر في المجتمع مثل قطع دابر الزبالة في بلادنا أو المساعدة الميدانية في توجيه الأطفال والشباب للسلوك الحسن.

أرجوك يا فضيلة المرشد: الحق الموضوع قبل أن ينفرط عقده.. حرام أن نتعامل بهذه البساطة مع دولة كبيرة وشعب عظيم كما تعامل النظام والحزب السابقان.

بالمناسبة.. أنا صوّت بنعم كي تدور عجلة الحياة.. أدفعها مع المصريين بإخلاص مطلق.. الله معك في تلك المهمة.