لندن - عمر عدس
أعلن الرئيس الأمريكي باراك أوباما، في خطابه يوم الاثنين، 28/،3 أن القذافي يجب أن يرحل، ولكنّ هذا ليس هدفاً للولايات المتحدة تسعى إلى تحقيقه، كما قال .
وقد رأى بعض المحللين في هذا التصريح الذي كرره أوباما أكثر من مرة، دليلاً على ارتباك استراتيجية التدخل في ليبيا، وقالوا إنه لا بدّ من وضع استراتيجية واضحة تعمل على إزاحة القذافي . كما أعرب آخرون عن تفهمهم للأسباب الدبلوماسية وراء هذا الموقف، واعتبروا أن المهم هو السلوك العملي إزاء القذافي وزمرته .
في صحيفة ldquo;الغارديانrdquo;، (2/4/2011)، يرى أستاذ العلوم السياسية المساعد في جامعة لا سال، في فيلادلفيا، مايكل بويل، في قول الإدارة الأمريكية إنها لا تسعى إلى تغيير النظام في ليبيا، ولكن القذافي يجب أن يرحل، دليلاً على ارتباك استراتيجية التدخل في ليبيا .
ويرى الكاتب أن الخيارات أمام القذافي ضيقة، فهو يعلم أن إطاحته ستنتهي بنفيه أو محاكمته أو قتله، ولذلك فليس أمامه سوى التشبث بأهداب السلطة، وهذا يدعو الإدارة الأمريكية وحلفاءها إلى وضع استراتيجية واضحة للتعامل مع ذلك .
يقول الكاتب: حتى الانشقاقات على مستوى عالٍ عن القذافي، لا يبدو أنها أثرت في تفكيره (الذي يفتقر إلى المنطق بصورة بينة) . وما لمْ يُقتلْ أو يُطَحْ به بطريقة ما، فإنه يستطيع التشبث، مدعوماً بنفر من الموالين له وبأبناء عائلته، على أمل أن يتمكن من إطالة أمد الحرب إلى الحد الذي تبدأ عنده الخسائر بتجاوز المنافع المحتملة للولايات المتحدة وشركائها في التحالف . ولأنه يواجه احتمال النفي، أو المحاكمة، أو القتل لو أطيح به، فإن لديه كل الدوافع التي تدعوه إلى التشبث بالسلطة .
ولو حدث ذلك، فإن الخيار الوحيد الذي يبقى هو إدخال قوات برية أمريكية أو من دول التحالف لمساعدة الثوار في إرغام القذافي على التنحي عن السلطة . ولكن وزير الدفاع الأمريكي، روبرت غيتس، أكّد بصورة متكررة أنه لن تكون هنالك قوات برية على الأرض . وبعد سحب ورقة التصعيد من خلال القوات البرية عن الطاولة، فما هي الخطوة التالية إذن؟ وكيف يمكن توليد ضغط إضافي على القذافي؟
وأهمّ من ذلك، ما الاستراتيجية على وجه التحديد، إذا كان الأثر التراكمي للعمل حتى الآن هو التوصل إلى حصار طرابلس؟
ويقول الكاتب: إن إدارة أوباما- بدلاً من مواجهة هذه الأسئلة بطريقة عملية- ظلت خاضعة لهاجس التدليل على الشرعية الدولية للعملية، مشيرة إلى تفويض الأمم المتحدة، ودعم جامعة الدول العربية . ولكن المباركة الدبلوماسية للعملية لا تغير حقائق الحرب، كما يقول الكاتب . وحتى تحويل سلطة القيادة من الولايات المتحدة إلى الناتو، ما هو إلاّ زخرفة شكلية، كما يقول، فمجموعة الدول التي تقصف ليبيا هي ذاتها لم تتغير، بصرف النظر عن الاسم الذي تتوارى خلفه . وإنه لشكل غريب من قصر النظر البيروقراطي، أن يقلق المرء على مَن يجلس في بروكسل وفي أي مقعد يجلس، أكثر مما يقلق على عواقب الاستراتيجية الضعيفة .
وفي هذه الأثناء، يبدو أن عدداً قليلاً من الديمقراطيين في الإدارة الأمريكية، يرغب في حث الرئيس على شرح موقفه الذي يرى أن القذافي يجب أن يرحل، ولكن هدف الولايات المتحدة ليس تغيير النظام .
وفي موقع ريال كلير وورلد، (1/4/2011)، كتب جوزيف ليبرمان، (السناتور الديمقراطي المستقل)، وجون ماكين، (السناتور الجمهوري)، تحت عنوان ldquo;في ليبيا، تغيير النظام ينبغي أن يكون الهدفrdquo;: قدّم الرئيس أوباما مساء الإثنين، 28/،3 دفاعاً يدعو إلى الإعجاب عن تدخلنا في ليبيا، وتستحق الأعمال الأمريكية هناك إلى الدعم من كلا الحزبين في الكونغرس . وكما أشار الرئيس محقّاً، كان من شأن الامتناع عن التدخل عسكرياً أن يؤدي إلى كارثة إنسانية واستراتيجية . وقد منع تدخلنا العسكري نظام القذافي، من سحق معارضية بوحشية .
ويتابع الكاتبان قائلين: وكان الرئيس على حق أيضاً في وضع ما يجري في ليبيا، ضمن السياق الأشمل لليقظة الديمقراطية التي تجتاح الشرق الأوسط، وهي أهم إعادة ترتيب للأمور منذ سقوط جدار برلين .
ويضيف الكاتبان: إن ما هو مطلوب الآن، ليس جدالاً مشدوداً بنظرته إلى الوراء، حول ما كانت تستطيع الإدارة أن تفعله أو ما كان ينبغي عليها أن تفعله، بصورة مختلفة، بل المطلوب استراتيجية تتطلع إلى الأمام، وتحدد مصالح أمريكا القومية في ليبيا وتعمل على تحقيقها .
وكما أكد الرئيس أوباما بصورة متكررة، وهو مصيب في ذلك، فإن نجاح المساعي في ليبيا يقتضي مغادرة القذافي بالسرعة الممكنة . فليس من مصلحتنا أن تصبح ليبيا مسرحاً لركود في الوضع من دون حسم، فترة طويلة، من شأنه أن يشعل المنطقة ويزعزع استقرارها .
ويضيف الكاتبان قائليْن: على الرغم من أنّ الزعماء العرب والجماهير العربية، يشعرون بالعداء إزاء شخص القذافي- وهي حقيقة تساعد في تفسير قرار جامعة الدول العربية غير المسبوق، بمساندة التدخل في ليبيا- فإننا يساورنا القلق من اضمحلال الدعم الاقليمي إذا فُهم أن القوى الغربية تدير ورطة عسكرية . ولا نستطيع أن ندع القذافي يعزز قبضته على جزء من البلاد ويستقر فترة طويلة .
ويرى الكاتبان أن ثمة خطوات عديدة مطلوبة بصورة ملحة لمنع هذه النتيجة . الأولى، أن تعمل غارات التحالف الجوية بصورة عملية باتجاه تحقيق إزاحة القذافي، على الرغم من
إدراكهما، كما يقولان، الأسباب الدبلوماسية التي تنفر إدارة أوباما من جعل التخلص من القذافي هدفاً لمهمة التحالف العسكرية .
ويجب على التحالف في الأيام المقبلة- أن يحافظ على غاراته الجوية، أو يوسعها إذا اقتضت الضرورة، ضد قوات القذافي البرية، التي تشكل خطراً على المدنيين في أي مكان تكون فيه . وبذلك نستطيع- كما يقول الكاتبان- أن نمهد السبيل أمام المعارضة لتعكس اتجاه هجوم القذافي، وتستأنف سعيها لإنهاء حكمه .
وينبغي على الولايات المتحدة، كما يقول الكاتبان، أن توسع تعاملها مع المعارضة الليبية، بقيادة المجلس الوطني الانتقالي المؤقت، الموجود حالياً في بنغازي .
ويقول الكاتبان إنه ينبغي على الولايات المتحدة وحلفائها، تزويد المجلس بمعدات الاتصال، والدعم اللوجستي، والتدريب، والمعلومات الاستخبارية التكتيكية والأسلحة الضرورية لتعزيز السيطرة على المنطقة التي حررها، والاستمرار في إمالة كفة ميزان القوى ضد القذافي . ويضيف الكاتبان قائلين: لا حاجة بنا إلى وضع قوات أمريكية على الأرض على نحو دقيق، لأن الليبيين يقاتلون في سبيل حريتهم بأنفسهم، ولكنهم يحتاجون إلى مساعدتنا من أجل النجاح، وبسرعة .
ومن الأولويات الأخرى، في نظر الكاتبين، ضرورة إدخال المساعدة الإنسانية إلى شرق ليبيا، واستعادة الوصول إلى الاتصالات، حيث قام القذافي بقطع خطوط الاتصال الأرضية، وشبكات الهواتف المتحركة والإنترنت . وعلى الرغم من أن كبار المسؤولين في المعارضة، لديهم هواتف أقمار صناعية، فإن لنا مصالح إنسانية واستراتيجية في استعادة قدرة الناس في الأجزاء المحررة من ليبيا على التواصل في ما بينهم، ومع بقية العالم . كما ينبغي أن تتخذ الولايات المتحدة وحلفاؤها، كما يقول الكاتبان، خطوات لتعطيل إذاعات القذافي من راديو وتلفزيون وأقمار صناعية، ومساعدة المعارضة في إنشاء إذاعاتها .
وأخيراً، ينبغي علينا- كما يقول الكاتبان- الاقتداء بفرنسا وقطر في الاعتراف بالمجلس الوطني الانتقالي ممثلاً وحيداً لليبيا، وعلينا أن نشجع الحلفاء الآخرين على فعل الشيء ذاته .
ويعرب الكاتبان عن ثقتهما بالمجلس الوطني الانتقالي، ويرفضان التخوف من سيطرة القاعدة على زمام الأمور بعد القذافي .
ويختمان بالقول: لا نستطيع أن نضمن نجاح الثورة الليبية، ولكننا منعنا تدميرها الذي كان وشيكاً قبل أسبوع فقط .
التعليقات