ثريا الشهري


لماذا تصر إيران على إيرانية الجزر المتنازع عليها مع دولة الإمارات وترفض التجاوب مع مقترحات حل المسألة؟ لأنها ترتبط بالأمن القومي الإيراني وسلامة شواطئ إيران، فكيف ذاك؟ للجزر موقع استراتيجي مهم، فتجد أن إيران من خلال احتلالها لها إنما تحاول تأمين حركة الملاحة لناقلاتها النفطية في الخليج، ومراقبة حركة القطع البحرية الأميركية ترقباً لأي تهديد، أو حتى تحسباً لقيام واشنطن بفرض أي نوع من الحصار على حركة ناقلاتها في المياه العربية، هذا غير أن وجود القوات الإيرانية في الجزر قد وضع التحركات العسكرية البحرية العربية تحت المراقبة الدائمة من قبل الإيرانيين، أضف إلى ذلك، أن بقاء القوات الأميركية في الخليج هو بحد ذاته تهديد للأمن الإيراني، وسبب لتشدد طهران تجاه موضوع احتلال الجزر.

بعد أن أصبح ميزان القوى يميل لصالح إيران بسقوط نظام صدام حسين (من جاب العيد وراح)، وتدمير قوات العراق الاقتصادية والعسكرية، لا تستطيع تجاهل أهمية الموقع الذي تحتله إيران على laquo;رأسraquo; الخليج العربي، والذي يمكنها من التحكم في الشريان الذي يغذي العالم الصناعي في مجمله بالطاقة بناقلة بترول تمر به كل 10 دقائق، فماذا يساوي هذا؟ 62% من موارد العالم النفطية، و90% من حاجة اليابان البترولية، و70% من استهلاك دول الاتحاد الأوروبي، و22% من استهلاك الولايات المتحدة، أم أن واشنطن ليست بقادرة على إدارة ملف المناورات المسرحية للموضوع النووي الإيراني بأفضل من هذا الأداء المتهالك والمتردد! ولكنها مهددة بإمدادات النفط القادمة إليها ومن الممكن لإيران ضربها وتعطيلها، غير إسرائيل المهددة هي الأخرى بسقوط الصواريخ الإيرانية عليها وفي عمق دارها، ثم ماذا عن أهمية الموقع بالنسبة لإيران في إحكام قبضتها على مياه الخليج باعتباره المنفذ الطبيعي أمام دول الخليج ومعها العراق! الأمر الذي يؤهلني أكثر لفهم الخطوة السعودية الأخيرة لتعزيز دفاعها وأمنها البحري.

إيران ستبقى شوكة عالقة في الحلق الخليجي، وسياسة أننا لا نتدخل في شؤون الغير ولا نقبل أن يتدخل غيرنا في شؤوننا نغمة لا تجدي مع إيران بالذات، وكما أنها مصممة على لعب دور حامي الحمى التشييعي ولا تتوانى عن التعبير عن هذا الدور بكل الأشكال، فلِمَ لا تلعب السعودية بنفس الكرت؟ أليست السعودية بموقعها وبحرميها زعيمة الإسلام السني؟ فماذا عن مسلمي إيران الذين لا يقل عددهم عن 20 مليون سني إيراني؟ طبعاً الإحصائية السكانية الرسمية لإيران لا تذكر العدد الحقيقي، ولكن الإيرانيين السنة يشكلون ثلث السكان تقريباً، فكيف هي أحوالهم؟ بالعربي غير الفصيح laquo;آكلين ترابraquo;، فظروفهم من أسوأ ما يكون، إن كانت الاجتماعية - الثقافية أو الاقتصادية، ويعانون من التمييز والعنصرية في كل مكان وبخاصة في الوظائف الرسمية، بل إن زعماء أهل السنة في إقليمي كردستان وبلوشستان بح صوتهم وهم ينبهون لمخطط الدولة التشييعي في إسكان الشيعة في الأقاليم السنية بهدف تغيير الطابع المذهبي السكاني، ومع هذا كله، لو حصل لأهل السنة في إيران مجال للدعوة السنية وتصديرها تدريجياً داخل إيران كما تفعل إيران مع تصدير ثورتها لتعدلت الأمور إلى ما كانت عليه قبل مجيء الصفويين وإرغام الناس على التشييع بالقوة.

الإعلام هو laquo;نووي العصرraquo;، فسخره لخدمة مصالحك وأهل سنتك في إيران، ألم تفعل إيران مع حزب الله في لبنان بلد الطوائف المتعددة؟ وفي العراق واليمن والبحرين والقائمة تستمر؟ فلِمَ لا نفعلها نحن مع أهل السنة في إيران ونشعرهم بدعمنا لهم، ليصل صوتهم وشكواهم ويسمع العالم بمعاناتهم واضطهادهم، فحين تدع الآخرين يتكلمون عنك وعن مذهبك وعلى طريقتهم ولا تتدخل لتصحح المسار، لا تفاجأ إن انضم إلى ضفتهم من صدقهم وكان معك وفي صفك ولكنك أهملته فانضم إلى إغواء الطرف الآخر مع إصراره، ثم ألا تبرر إيران أن دفاعها عن شيعة المنطقة وهم قلة هو دفاع عن الحقوق والحريات؟ حسناً، فلنظهر حرمانها لمواطنيها من هذه الحقوق والحريات وهم ثلث سكانها، وفي ذات الوقت نضمن نشر الأفكار والعقائد السنية، على الأقل لتتوازن الكفة أو تكاد مع المناهج الشيعية في المدارس والقنوات والإذاعات الإيرانية، وليس في المسألة أي تشنج أو افتعال، هذه مسؤولية إسلامية، ودفاعات أمنية، ومن حقنا كدولة قائدة أن نقنع باقي الدول التي تتطلع إلينا بقوتنا وبقدرتنا على الردع متى ما قررنا، فيكفي إيران تلويحاً بعصا الهيمنة والقوامة بسياساتها المتعجرفة، باختصار مفيد: آن الأوان لنفعّل مركزنا الجغرافي وثقلنا السني وباستراتيجية ذكية ومدروسة.