على خلفية قطع الزرقاوي رأسي مقاولين أميركيين في العراق laquo;بدعم من دمشقraquo;

تنذر بتصعيد أميركي ضد دمشق

واشنطن - حسين عبد الحسين

لفت الباحث في laquo;معهد واشنطن لدراسات الشرق الادنىraquo; ديفيد شنكر، الى قضية حكمت بموجبها محكمة فيديرالية على الحكومة السورية بتسديد ما يقارب نصف مليار دولار كتعويضات لعائلتي مقاولين اعدمهما laquo;تنظيم القاعدة في العراقraquo; في 2004، هما جاك ارمسترونغ وجاك هنسلي، فيما عمدت دمشق الى توكيل محامي صدام حسين رامزي كلارك الذي قام باستئناف الحكم.
وفي التفاصيل، ان عائلتا الضحيتين تقدمتا بدعوى مدنية العام 2006 ضد laquo;الحكومة السورية، والرئيس بشار الاسد، والاستخبارات العسكرية ومديرها آصف شوكتraquo;، متهمة دمشق بتقديم laquo;الدعم المادي والمواردraquo; للارهابيين في العراق.
وعقدت المحكمة اولى جلساتها في يناير 2008 على مدى ثلاثة ايام ادلى فيها اربعة خبراء بشهادتهم عن كيفية تسهيل سورية لانتقال laquo;الجهاديينraquo; إلى العراق، وكيفية تقديم نظام الاسد الدعم والملاذ الآمن لشبكة الاردني ابو مصعب الزرقاوي.
وروى الخبراء laquo;كيف كان النظام - وتحديدا الرئيس وصهره شوكت -- على علم بانشطة الزرقاوي وتنظيم القاعدةraquo;.
بدورها، اهملت الحكومة السورية الدعوى، ولم تظهر في المحكمة.
وفي سبتمبر 2008، أصدرت المحكمة المحلية لمقاطعة كولومبيا الأميركية مذكرة كتبتها القاضية روز ميري كولير، وجاء فيها ان المدعوين اثبتوا laquo;بادلة مرضية للمحكمة، ان سورية قدمت مساعدة ضخمة للزرقاوي وتنظيم القاعدة في العراقraquo;، ما laquo;ادى الى مقتل جاك آرمسترونغ وجاك هينسلي بقطع رأسيهماraquo;.
وورد في الحكم: laquo;تُظهر الادلة ان سورية دعمت، وحمت، وآوت، وقدمت العون المالي لجماعة ارهابية كانت طريقتها في العمل هي استهداف الاميركيين والعراقيين والتعامل معهم بوحشية وقتلهمraquo;.
ويعتبر شنكر، laquo;ان القاضية كولير خلصت إلى انه وفقا لسابقة، يمكن أن تُعتبر دمشق في الحقيقة مسؤولة عن التعويضات عن الضرر بموجب قانون حصانات السيادة الأجنبية، وبناء على المبدأ الدولي للحصانة السيادية، اذ فيما لا تتمتع المحاكم الاميركية بسلطة قضائية على الدول الأجنبية، هناك بعض الاستثناءات المعدودة في التشريع الفيديرالي لهذا القانونraquo;.
وقال شنكر لـlaquo;الرايraquo;، ان laquo;قضايا الارهاب الذي ترعاه الدول هي إحدى الاستثناءات في القانون التي تسمح للمحاكم الاميركية بتجاوز مبدأ حصانة السياداتraquo;، وانه laquo;اعتبارا من 28 يناير 2008، استغنى القانون الأميركي عن الحصانة السيادية للدول التي ترعى الارهاب، ورحب بالنظر في دعوى الحق الخاص ضد مثل هذه الدولraquo;.
وبناء على الحكم، منحت المحكمة تعويضات، طالب بها ورثة آرمسترونغ وهينسلي، عن الاضرار الاقتصادية - كالدخل المفقود الذي سببه الموت المبكر - حيث كان التعويض منخفضا نسبيا، وبلغ اكثر من مليون بقليل لكل عائلة.
الا ان laquo;طريقة الإعدام الوحشية، والمعاناة التي نتجت عن ذلك للضحايا وافراد الاسرة الاحياء، ادت الى زيادة في مبالغ التعويضات عن الأضرار... على أمل أن هذه التعويضات الكبيرة ستردع تقديم المزيد من الرعاية السورية للإرهابيينraquo;.
بذلك، حكمت المحكمة في المحصلة النهائية بمنح كل أسرة مبلغ 50 مليون دولار عن laquo;الالم والمعاناة، و150 مليون دولار كتعويضات ماديةraquo;. ووصل اجمالي التعويضات المتوجب على دمشق تسديده، حسب الحكم النهائي للمحكمة، نحو 414 مليون دولار.
ورغم من لا مبالاتها الاولية، الا ان الحكم الاميركي اثار اهتمام دمشق التي عينت، بعد اقل من شهر على صدوره، اي في اكتوبر 2008، رامزي كلارك ليترافع باسمها بالاستئناف.
دفاع كلارك تركز بدوره على تقديم الدفوع الشكلية، فاعتبر اولا انه لم يتم تبليغ الحكومة السورية، وان laquo;حصانة السيادةraquo; تمنح موكليه، الحكومة السورية والاسد وشوكت، laquo;حصانة ضد الملاحقة القانونية لمحاكم الدولraquo;.
ويعتقد شنكر ان محكمة الاستئناف ستؤكد الحكم وترفض حجة سورية المطالبة بتطبيق استثناء laquo;قانون حصانات السيادة الأجنبيةraquo;. ويقول انه laquo;كما هو الحال مع ايران، فان انتزاع اصول من سورية، للوفاء بالتعويضات لعائلتي آرمسترونغ وهينسلي، سيثبت ايضا بانه يشكل تحدياraquo; اذ laquo;لدى دمشق اصول قليلة نسبيا في الولايات المتحدة، كما لا يمكن التصرف بممتلكاتها الديبلوماسيةraquo;.
بيد ان المحامي ستيفن بيرليس، طرح امكانية laquo;التركيز على الأصول السورية في اوروبا حيث تقر عدد من الدول بالتعويضات عن الأضرار، إن لم تكن مادية، الصادرة من محاكم أميركية.
ويقول شنكر ان القضية تظهر ان laquo;سلوك سورية لا يشكل فقط مشكلة لدول اخرى، بل هو مشكلة لواشنطن كذلكraquo;.
ويضيف: laquo;بينما من الممكن في النهاية الوفاء بهذا الالتزام السوري، على غرار الترتيب الذي تم التوصل إليه مع ليبيا، بحيث يتخلى فيه الأسد عن دعمه للإرهاب ويُنهي سعيه للحصول على اسلحة نووية ويُغير توجهه الاستراتيجي مقابل إعادة التقارب مع واشنطن، الا ان هذا النوع من الصفقات لا يزال بعيداraquo;.
ويختم: laquo;في الوقت الحالي الحكم مفيد ليذكرنا بان الدعم السوري للارهاب يقتل الأميركيينraquo;.