خليل علي حيدر
ملاحقة الخصوم والتلاعب بمصير الأقليات الشيعية هنا وهناك أمور متوقعة
ان تكون ايران أو اجهزة سرية داخل نظامها قد تجسست على الكويت، أو الامريكان في الكويت، شيء!. وان ندمر علاقاتنا مع جمهورية ايران الاسلامية لبشاعة هذا الاختراق الامني.. شيء آخر!
كل اساءة أو تدهور في علاقاتنا مع أي دولة كبيرة من دول الجوار، المملكة العربية السعودية، جمهورية العراق، الجمهورية الاسلامية الايرانية، سيضر بمصالحنا الوطنية اشد الضرر بينما لا تكاد تشعر به هذه الدول بسبب احجامها السكانية والكيانية.
نحن جميعا نعلم ان الساسة الايرانيين الواقعيين، والشخصيات القيادية المسؤولة خارج السلطة، وشيوخ الدين المعارضين لاستراتيجية احتكار الفتوى.. نعلم ان هؤلاء لا يحلون ولا يربطون، وان ايران منذ سنوات عديدة في نفق وعزلة. وان التجسس وملاحقة الخصوم والتلاعب بمصير الاقليات الشيعية هنا وهناك كلها امور متوقعة، ولكن المصلحة الكويتية الوطنية العليا تحتم علينا ألا نقع ضحية هذه التعقيدات الايرانية وتصارع اجنحة الدولة والثورة فيها، وان نحرص على عدم اطلاق التصريحات الجارحة أو اعلان سياسات لا يمكن الاستمرار فيها. ايران دولة كبرى واساسية في المنطقة، والدولة الايرانية ستكون باقية عندما تنتهي هذه السياسات وتفشل، عقلاء الكويت وساستها ومستثمروها والكثير من شيعتها وسنتها يشعرون بالاسف وخيبة الامل لأن ايران بعد ثورة طويلة عريضة لم تتحول الى قوة استقرار سياسي وتقدم اقتصادي في المنطقة. وان الدور القيادي الذي كان ينبغي ان تلعبه مثل تركيا، قد وقع ضحية الاوهام الايديولوجية أو الصراعات الداخلية أو أي انحراف ثوري أو انتهازي آخر، ولو كانت ايران laquo;تركيا شيعيةraquo; في منطقتنا، لانهالت عليها مليارات دول الخليج الاستثمارية، وفتحت لها الابواب المغلقة، ولأصبحت الفيز وتصريحات الدخول للعمالة ورجال الاعمال من اسهل الامور بدلا من ان تكون رابعة المستحيلات، على الرغم من هذا كله لا احد يملك تغيير السياسات الايرانية سوى شعبها، وعلينا في الكويت ان نهدأ ونركد، ونتعامل مع الحقائق السياسية مهما كانت مزعجة لنا، هكذا تعاملت الولايات المتحدة مع الاتحاد السوفييتي مثلا نحو نصف قرن، طوال سنوات الحرب الباردة 1945 ndash; 1990، كانوا يعلمون علم اليقين ان الروس يتجسسون عليهم، وانهم بدورهم، كدولة عظمى، يقومون بالعمل نفسه.. في روسيا، ولكن الامريكان والروس كانوا يدركون ان امن الطرفين قائم على استمرار نوع من التفاهم وعلى بقاء العلاقات، لا ينبغي للسلطات الكويتية وبخاصة وزارة الخارجية ان تستمع الى المتشددين من السادة نواب المجلس، فالبرلمان قد اصبح للاسف ميدانا للمزايدة بينما لا تتحمل علاقاتنا الخارجية شيئا من هذا التشدد.
قلنا مرارا بأننا في الكويت لا نحتاج الى laquo;معلوماتraquo; مجردة عن الواقع السياسي، الاقتصادي، الاجتماعي في ايران، فهذه متوافرة في كل المصادر الامريكية والاوروبية وربما حتى مركز الاهرام للدراسات في مصر، ما نحتاج اليه وجود لجنة كويتية تتابع الشأن الايراني وتبني العلاقات مع المسؤولين فيها وتعرف عن قرب كيف يرتبون اولوياتهم السياسية ازاء الكويت، لجنة من بعض رجال الاعمال والسفراء واساتذة الجامعة وشيوخ الدين والرسميين، ومن الشيعة والسنة والرجال والنساء، نحن بحاجة للجان تطوعية من هذا القبيل حتى لتطوير العلاقات مع السعودية والعراق وربما دول اخرى، نحن في وضع خاص، وبحاجة الى كسب ود الجميع ورضا كل الجيران، ومن الخطأ ان نضع كل البيض في سلة واحدة!
التعليقات