فاطمة الصمادي

quot;الحاكم العادل يظهر له الشعب الولاء ويبطن له الحب والوفاء, فإذا نزلت نازلة جعلوا نحورهم دون نحره, والحاكم الظالم يظهر له الشعب الولاء ويبطن له الكره والبغضاء, فإذا نزلت به نازلة أسلموه ولا يبالونquot; .

عبد الرحمن بن خلدون

هو المنطق ذاته الذي أشهره البعض كسيف في وجه الناس للدفاع عن القذافي,يشهرونه اليوم للدفاع عن بشار الأسد في سوريا.يعرف العرب أن أمريكا و الغرب لم يقصفوا ليبيا ليحموا, و أنهم لا يقومون بذلك مدفوعين بمقولات الديمقراطية و الحرية, فالمصالح تقول كلمتها الأولى هناك, و النفط في مقدمة هذه المصالح, ويجب أن لا نسقط من الذاكرة أن اعادة تأهيل و تسويق القذافي جرى التحضير له و إخراجه في كل من لندن وواشنطن. والتدخل العسكري لا يشكل ممسكا وطنيا و أخلاقيا ضد المقاومة الليبية, وهو في جزء كبير منه يأتي في إطار إدارة نتائج الثورات العربية والتقليل من شأنها. و إن كان أحد يتحمل مسؤولية التدخل الغربي فهو القذافي لا سواه, خاصة و أنه صاحب الصفقات الكبيرة مع الغرب و هو يتحمل أيضا وزر ضلالة ابتدعها بين الرؤساء العرب تقوم على امكانية إدامة البقاء في الحكم لبعض الوقت بعمل أقصى ما يمكن من القتل و إراقة الدماء.

أما في بلد كسوريا فمن الغباء الظن أنه لن يكون في هذه الأيام مسرحا لنشاط الموساد, و الجماعات الإرهابية, و غير ذلك, لكن ذلك لا يجب أن ينفي حقيقة أن ما يحدث هو ثورة شعبية. ثورة حقيقية,تظهر ما أضمره الناس على مدى عقود دون وجل. ثورة لايمكن تفسيرها باللجوء إلى نظرية المؤامرة و اليد الخارجية, خاصة و أن ما يفسر كل شيء لا يفسر شيئا على الإطلاق.

تقف المقاومة اليوم في موقف لا تحسد عليه, لأسباب عديدة في مقدمتها, طبيعة العلاقات التي تربطها مع النظام في سوريا, وتواجد الكثير من القيادات تحت سمع الأمن السوري و بصره,لكن و أمام المشهد السوري المبكي, يبدو عقيما إدامة الحديث عن الدور السوري الممانع.. المؤيد للمقاومة وغيرها من المقولات الشعاراتية, فالقضايا الكبرى, و على رأسها مقاومة العدو الإسرائيلي, لا تمر من بوابة هذا السقوط الأخلاقي و الوطني الذي حدث للنظام في سوريا. لم يعد بالإمكان إدامة الدفاع عن القاتل بحجة الخوف على المقاومة, و الثورة السورية وهي تمتلك كل هذه الشجاعة و التضحية, لا يمكن أن تحمل الأمن و الأمان لإسرائيل. أما من يملك القدرة على قتل شعبه بهذه الطريقة, فما عاد بمقدروه أن يكون ممانعا, و لا مقاوما, وهو إذ يسقط,على المقاومة أن تدرك نفسها قبل أن تسقط معه. لأن المقاومة, وقبل أن تكون فعلا على الأرض هي معادلة أخلاقية.