يوسف الكويليت

باكستان تلاحقها ورطة ابن لادن، فكما تقول المصادر المختلفة إن أمريكا انتهكت سيادتها بدخولها منطقة عسكرية محظورة، تشكك أمريكا أن السلطات الباكستانية متواطئة في حماية ابن لادن، وأنه حظي بحماية تحت حراسات ومراقبة الاستخبارات، والجدل تحول إلى شكوك جرّت إلى سحب السفير الأمريكي وقناصله، ولم تعط أمريكا تبريراً باعتبار ذلك إجراءً وقائياً خشية تعرض دبلوماسييها للخطر بعد التخلص من زعيم القاعدة.

شكوك أخرى تبرر أن سحب السفير الأمريكي ربما كان مناورة لتخفيف الضغط على باكستان أمام أنصار ابن لادن، وفي كل الأحوال فإنه ونتيجة للثقة المتزعزعة بين طرفيْ التحالف في مكافحة الإرهاب، بدأ يدب الخلاف بينهما، لكن قد تكون القضية حالة عابرة، لأن أمريكا، بدون باكستان، لا تستطيع السيطرة على مخابئ القاعدة سواء في أفغانستان أو باكستان، والأخيرة لديها ما تساوم عليه، إذ إن نهاية زعيم القاعدة لا توفر الأمن المطلق أو كبح الإرهاب سواء لأمريكا أو غيرها، إلا أن المعالجات للاتهامات المتبادلة بين طرفيْ القضية قد تسوي العديد من الاستراتيجيات في المستقبل وتحت لافتة laquo;أن الأصدقاء قد يختلفون ويتعارضون، لكن تبقى الأهداف واحدةraquo; وهي الصيغة التي تجعل المصالح بين الأنداد قائمة ويتم معالجتها في إطار هذه المصالح..

الهند، من جانبها، سعيدة بقتل ابن لادن وتورط باكستان بزعم أنها ستكون الحليف الأهم لأمريكا في القارة الهندية، وحساباتها تنبني على أن باكستان ليست صادقة في علاقاتها، لكن لأمريكا حسابات أخرى، فهي لا تريد الدفع بباكستان إلى حلف أكبر مع الصين، وتراخٍ في مكافحة الإرهاب، أو تسوية مشكلاتها مع القاعدة وطالبان ما يسبب أزمة لها، ومساحة المناورة بين كل الأطراف قائمة..

أصوات أعضاء الكونجرس الأمريكي أصبحت تتصاعد، فبقدر احتفالهم بقتل خصمهم الكبير، إلا أنهم لم يخفوا غضبهم من باكستان، والتهديد بوقف المعونات والعلاقات المميزة مع باكستان، والهزة كبيرة فقد تصاعدت الاتهامات قبل حادثة القتل، بأن قيادة القاعدة تتواجد في باكستان، أمام نفيها المطلق، وعدم علمها بمكان تواجده، إلا أن الغارة التي أثبتت أنه يحظى بمعاملة خاصة، وحراسات بعلم الدولة والاستخبارات الباكستانية في سكن مميز، تضع القضية في دائرة الحوار الساخن، وحتى مع أنصار ابن لادن فإن الكثيرين سوف يرون أن الهجوم عليه لم يكن ليحدث لولا وجود تواطؤ سواء من عناصر عميلة لأمريكا دون علم أجهزة الأمن الباكستانية، أو بعلمها عندما سهلت كل الطرق لاغتياله، وإلا كيف تدخل أربع طائرات (هليوكبتر) منطقة عسكرية محظورة ومحروسة، ولها تدابير دقيقة بوجود قواعد ومفاعلات نووية، كما تشير الأخبار، ولا يُكتشف السرب وأهدافه، وكيف اتجه دون رصد الرادارات؟!وهي ثغرات قد تجعل الجيش برمته مسؤولاً عما جرى..

ما حدث هو دراما على طريقة الاغتيالات الإسرائيلية، لكن ما بعد ذلك هو المجهول الذي سيخلق حساباتٍ جديدة لأفعال مجهولة..